لقاء المسيحيّ لليونانيّ:
إن اللقاء الكلاسيكي بين المسيحي واليوناني حدث في أثينا بالذات. وكانت أثينا ما تزال مدينة جامعةٍ، مع أنها تعيش آنذاك على أمجاد ماضيها. ووجد فيها بولس تماثيل دينية عديدة. فبدأ يحاور الموجودين في ساحة المدينة، ودُعي إلى مجلس آريوس باغوس لعرض أفكاره الجديدة. هناك تكلم بولس إليهم بكلامٍ يفهمونه. فاقتبس من أقوال شعرائهم. وتطرق إلى آراء الرواقيين والأبيقوريين، وهما أتباع مذهبين رئيسيين من مفكريهم. لكنه لم يكن مجرد هاوي كلام، بل كانت لديه رسالة يتوق لأن يبلغهم إياها. فعلى الرغم من براعة علمائهم، لم يعرفوا الله. وقد قال بولس لهم بجرأة إن الله "لا يسكن في هياكل مصنوعة بالأيادي" (أعمال 17: 24) كتلك المعابد الجميلة القائمة حواليهم. بل إن الله يدعو جميع البشر إلى تغيير مسرى حياتهم، ولسوف يدين الجميع على يد المسيح الذي أقامه من بين الأموات.
وكان معظم الأثينويّين غير راغبين في قبول هذا التعليم. وقد قال بولس إن اليونانيين يطلبون "حكمة"، ولكن رسالته كانت "جهالة" في نظرهم (1 كورنثوس 1: 22 و23). فقد كانت لمفكريهم وجهة نظر مختلفة حول الحياة بعد الموت. وكانوا هم متكبرين فلم يفتحوا أذهانهم للرسالة المؤيدة بالبراهين والتي من شأنها أن تضطرهم إلى تغيير طُرقهم.