السبي:
لم يكن السبي هُوةً في تاريخ الأمة وكأنه اختبار غير سعيد يسهل نسيانه بأسرع ما يمكن. ومع أنه كان فترة شقاء ومذلّة للآلاف من بني إسرائيل، فقد كان واحدةً من أكثر الفترات خلّاقيةً في تاريخ الأمة. إذ في تلك الفترة عاد الشعب فوجدوا أنفسهم وإلههم من جديد. ففي السبي أدركوا على نحوٍ لم يكونوا قط بحاجةٍ إلى مثله من قبل، كم كان هذان الأمران مرتبطين أحدهما بالآخر. فلا داعي لوجود الأمة بمعزلٍ عن كنز معرفة الله. وما لم يعتبروا أنفسهم شعباً مُفرزاً لله، لا يختلفون في شيءٍ عن سائر الأمم. وما كان أسهل أن يُمحى هذا الشعب من على الخريطة كما مُحيت أُممٌ عديدة على مرّ التاريخ. وفيما اعتبر كثيرون منهم السبي مجرد بلية كُبرى. استطاع غيرهم أن يروا فيه زمن تطهير وتنقية، وهؤلاء هم الذين اعتبروه تأديباً من الله للشعب.
وقد رجع إلى البلد "كل من نبّه الله روحه... ليبنوا بيت الرب الذي في أورشليم". لقد أدركوا أن لا حياة لهم إلا بالانفصال عن سائر الشعوب والمواظبة على إطاعة شريعة الله بحذافيرها. كان هذا وحده هو الموقف الواقعي المطلوب. ومع أنه أدى ببعضهم في النهاية إلى روحٍ ناموسية متزمتة، فقد نتجت منه تقوى محمودة.
عزرا 1: 5