سقوط أورشليم:
ترك نبوخذنصر صدقيا، عمَّ الملك تابعٍ له في يهوذا. وقال إرميا للشعب مرّة بعد مرة أن عليهم الخضوع للحكم البابلي ليكونوا في أمان. لكن الأنبياء الكذبة قالوا إن بابل ستسقط سريعاً، وشجعوا الملك صدقيا على العصيان. غير أن البابليين ما لبثوا أن زحفوا على يهوذا وحاصروا أورشليم، وقد سقطت سائر المدن قبلها. وصمدت المدينة ثمانية عشرة شهراً، حتى نفدت المؤن وعمَّ الجوع. أخيراً اخترق جيش نبوخذنصر أسوار المدينة في صيف 758 ق م. وحاول الملك صدقيّا أن يفرّ، إلا أنه وقع في قبضة الأعداء. ثم نهب البابليون المدينة وتركوها مع الهيكل خِرَباً محروقة. وأُعدم رجال كثيرون من ذوي الشأن في أورشليم، كما سيق ناجون كثيرون إلى بابل لينضموا إلى الذين سُبوا قبلهم.
بقي من مملكة يهوذا أقلِّية ضئيلة جداً. وكان مستوطنون من أدوم قد بدأوا يستولون على الأراضي الواقعة جنوبي حبرون وبيت صور. ثم عين نبوخذنصر جدليا والياً يحكم باسم بابل ما بقي من البلد. وفي سفر المراثي وصفٌ للأهوال التي صاحبت تلك الأحداث. فالمدن خربت. وغير الآلاف الذين سُبوا إلى بابل، كثيرون ماتوا في الحرب، وآخرون كثيرون ماتوا من الجوع والمرض خلال الحصار. ولكن بقي قليلون يعتنون بالأرض التي خربها الغُزاة.
أقام جدليا مركزاً له في المصفاة وحاول أن يحكم حسناً. ولكن بعضاً رفضوا الحكم البابلي رغم كل شيء، فدبروا مكيدة على جدليا واغتالوه. فخاف مناصروه وهربوا إلى مصر، آخذين النبي إرميا معهم. وقد أجلى البابليون أيضاً سكاناً آخرين عام 582 ق م وألحقوا الأرض بولاية السامرة.
إرميا 27 و 28؛ المراثي؛ 2 ملوك 25: 22- 26؛ إرميا 40- 43