المرتفعات الداخلية:
يقع قلب الإقليم في الريف الجبلي على طول ما يشبه حاجزاً مائياً، حيث تنحدر الأرض من جهةٍ إلى الساحل ومن الجهة الأخرى إلى وادي الأردن. هذه المرتفعات تعلو إلى ما يزيد عن ألف متر في أعلى نقطةٍ قرب حبرون. أما المنحدر الغربي فغير شديد، وأما الشرقي فشبه عمودي. وقد زال الغطاء الحرجي منذ زمن بعيد، فصارت المنطقة رقاعاً كلسيةً جرداء ذات تربة فقيرة. لذا تُزرع جِلالٌ قليلة وحقول صغيرة، وتستعمل أقسام كبيرة من المنطقة لتربية المواشي. وقد يسرت المدن المحصنة في هذه المنطقة الجبلية وجود نقاط دفاعٍ قوية. وكانت عاصمتا المملكتين الجنوبية والشمالية (يهوذا وإسرائيل) كلتاهما في هذه المنطقة. وقد استخدم ملوك الشمال بضعة معاقل مختلفة قبل بناء عاصمتهم في السامرة.
عند الطرف الشمالي من هذا الإقليم عددٌ من التلال المعزولة تشرف على المنطقة المجاورة، سهل يزرعيل أو مرج ابن عامر. ولكن المنطقة الجبلية تمتد باتجاه الشمال الغربي حتى الساحل حيث يدخل نتوء جبل الكرمل في البحر. والسلسلة التي ترتفع 600 متر تقسم السهل الساحلي قسمين، مغيرةً النمط العام للمناطق الممتدة بين الشمال والجنوب. وعند الطرف الشمالي من الكرمل تقع مدينة حيفا ومرفأها.
وحتى في أيامنا لا يوجد في المنطقة الجبلية إلا طرقٌ قليلة عدا الطريق الرئيسي من حبرون إلى نابلس (شكيم قديماً) مروراً بأورشليم. ويلاحظ أن الطرقات الرئيسية، قديماً وحديثاً على السواء، تمر إلى الشمال من التلال أو تمتد بمحاذاتها على طول الساحل. وعليه، فمع أن هذه المنطقة تتضمن أورشليم، فقد كانت كل حين منعزلة قليلاً عن الماجريات في طول البلاد وعرضها.