سفر يشوع
القضاة:
استقرت الأسباط في الأراضي التي كانت من نصيبها. وإذا الشعب الآن منتشرٌ في بقاع متباعدة، تحيط به الأعداء. وبعد موت يشوع، بدا يبدو مستحيلاً فتح البلد كله. وشيئاً فشياً زاغت أبصار الشعب عن حماية الله لهم. فأخذوا يتوددون إلى الشعوب المحيطة بهم وإلى آلهتها، طلباً للسلام. إذ ذاك استغل أعداؤهم ضعفهم الظاهر، فحدث ما يروي سفر القضاة أخباره المحزنة.
فقد عادت الأمم المحيطة بهم إلى شن الهجمات عليهم: ملك ما بين النهرين من الشمال؛ الموآبيون والعمونيون من عبر الأردن؛ المديانيون من الشرق. كذلك استعاد الكنعانيون في حاصور القوة الكافية لشن هجمة ثانية على المستوطنين. ومن الأراضي الساحلية ضغط الفلسطيون عليهم وأجبروهم على الانكفاء إلى المعاقل الجبلية.
وكما فعل الشعب مراتٍ عديدةً خلال تاريخهم، صرخوا الله طلباً للعون عند الحاجة. فحقق لهم كل قاضٍ فترة سلامٍ موقتة على الأقل. واشهر هؤلاء القضاة المحاربين: دبورة وباراق وجدعون ويفتاح وشمشون.
ملوك الشعب الأولون:
كان آخر القضاة وأعظمهم هو صموئيل- النبي ومنصب الملوك. فلما شاخ صموئيل طلب الشعب أن يكون لهم ملك يحاكمهم كسائر الشعوب. فأنذرهم صموئيل بأن وجود ملك يعني تجنيداً إجبارياً وعمل سخرة وظلماً. لكنهم أصروا. وأخيرا فعل صموئيل كطلبهم.
كان أول ملكٍ شابٌ طويل القامة ووسيمٌ هو شاول، من سبط بنيامين. وسار كل شيء حسناً في بادئ الأمر. لكن السلطة لعبت برأس شاول فبدأ يتجاهل وصايا الله الصريحة. ومن جراء عصيان شاول، لم يورث ابنه يوناثان العرش. ولكن بدلاً من ذلك، أرسل الله صموئيل- وشاول حيٌ بعد- ليمسح داود ملكاً ثانياً على الشعب.
وإذ داود كان ما يزال راعياً صغير في السن، قتل جُليات البطل الفلسطي. فثارت غيرة شاول عليه بسبب محبة الشعب له، ولذا اضطر أن يعيش طريداً عدة سنين والخطر يحدق بحياته. ثم قتل شاول ويوناثان في معركةٍ ضد الفلسطيين، فتولى داود المُلك.
وحد داود المملكة، واستولى على أورشليم، معقل اليبوسيين، وجعلها عاصمة مملكته. وكان ملكاً محارباً، اقضى عمره في توسيع رقعة المملكة وطرد الأعداء. فكانت الترِكة التي خلفها لسليمان ابنه هي السلام والأمان.
أراد داود أن يبني هيكلاً لله في أورشليم، ولكن كان عليه أن يقنع فقط بجمع المواد اللازمة للبناء. فكان لسليمان أن يبني الهيكل، وعدة مبانٍ أخرى جميلة. ولما كان مُلك سليمان موطداً وآمناً، ازدهرت تجارته. وكانت حكمته اسطورية، واتسع بلاطه للحضارة والفن. وقد كان مُلك سليمان عهد بني إسرائيل الذهبي.
1صموئيل 8-1 ملوك 11
المملكتان:
قويت المملكة وازدادت غنى تحت حكم الملك سليمان، ولكن الشعب عانوا الظلم إذ أُثقلت كواهلهم بالضرائب الباهظة وأعمال السخرة. ولما اعتلى العرش رحبعام بن سليمان توسلوا إليه أن يخفف أثقالهم، فأبى. إذ ذاك تمردت الأسباط العشرة في الشمال، وأنشأوا مملكة جديدة، عرفت بمملكة إسرائيل. وكان يربعام الأول أول ملك لها، وقد حكم من عاصمته في شكيم. أما في الجنوب، فقد ملك رحبعام على مملكة يهوذا (سبطي يهوذا وبنيامين) في أورشليم العاصمة.
وكان على يربعام أيضاً أن يقيم مركز عبادة جديداً للملكة الشمالية بعد انفصالها عن أورشليم. فاختار دان في الشمال، وبيت إيل التي كانت مركزاً مهماً في أثناء حياة صموئيل. ولكن سرعان ما صارت الممارسات الوثنية جزءاً من تلك العبادة. وقد صنف المؤرخون الذين كتبوا أسفار الملوك وأخبار الأيام الملوك بين "صالح" و "شرير" تبعاً لإصلاحهم الديني أو تركهم الممارسات الوثنية على حالها.
وكان عزيا وحزقيا اثنين من ملوك يهوذا المصلحين. وسجل آخاب ملك إسرائيل هو الأكثر سواداً. فقد قاوم، هو وزوجته إيزابل، النبي إيليا واضطهدا عباد الله. وما تزال آثار قصره، بيت العاج، في السامرة باقية إلى اليوم. وتفيد الحوليات الآشورية المدونة أن أخآب أتى بعشرة آلف رجل وألفي مركبة إلى معركة قرقر، حيث انضم إلى القوات المصرية لمقاومة الملك الآشوري شلمنأسر (853 ق م).
قيام القوى الشمالية:
كانت مملكتا إسرائيل ويهوذا، بموقعهما الاستراتيجي بين قوتي مصر وبلاد ما بين النهرين، عرضةً للغزو بكل سهولة وقد نجح داود وسليمان، جزئياً لأن أية واحدة من الأمم الكبرى المجاورة لم تكن، في أثناء حياتهما، قويةً بحيث تتمكن من غزوهما إبان ملكهما. ولكن بعد انقسام المملكة، شكلت الأمم المجاورة مباشرةً- آرام وعمون وموآب- مصدر قلقٍ وخطر دائم لملوك إسرائيل ويهوذا المتعاقبين. على أن الأمر الحاسم في هذه المسألة كان قيام القوى الكبرى في الشمال الشرقي.
سبق للإمبراطورية الآشورية أن شهدت فترة عز مبكرة تحت حكم تغلات فلاسر الأول. ولكن العدوان الرهيب الذي كان يخشى من الآشوريين أكثر الكل بلغ ذروته في الفترة ما بين 880 و612 ق م. وكانت الإمبراطورية الأشورية تتركز في ثلاث مدن عظمى: أشور وكالح ونينوى.
ومنذ منتصف القرن التاسع ق م، في أيام أخآب ملك إسرائيل، هاجم ملوك أشور ويهوذا مراراً وتكراراً. وسرعان ما صار ياهو ملك إسرائيل يؤدي الجزية لشلمنأسر الثالث ملك أشور. وبعد ذلك بمئة سنة طلب آحاز ملك يهوذا إلى تغلاث فلاسر الثالث ملك أشور أن يساعده لمحاربة أرام وإسرائيل (أشعياء 7؛ 2 ملوك 16). فكان له ذلك وهزمهما كلتيهما، ولكن كان على مملكة يهوذا- مقابل تلك المساعدة- أن تصير تابعةً للأشوريين وخاضعة لهم.
ولما رفضت مملكة إسرائيل دفع الجزية السنوية، استولى ملك أشور التالي على السامرة، وسبى الشعب، ودمر المملكة الشمالية (722- 721 ق م؛ 2 ملوك 17). ويعيد ذلك هزم الأشوريون مصر. وسنة 701 ق م حاصر الملك القوي سنحاريب أورشليم، ولكن المدينة نجت بفضل ثقة الملك حزقيا بالله (2 ملوك 19).
كان على الأشوريين أن يخوضوا معارك عديدة للدفاع عن إمبراطوريتهم. وفي القرن التالي استقلت عدة أقاليم. ودامت المملكة إلى أن سقطت أشور بأيدي الماديين عام 614 ق م، ودمر الماديون والبابليون نينوى عام 612.
الغزو والسبي:
كما ان أشور في الكتاب المقدس تمثل الطُغيان، كذلك تمثل بابل القوة. فإن نابوبولاسر، حاكم المنطقة المحيطة بالخليج العربي، حرر بابل من الأشوريين، وفي 626 ق م نصب ملكاً، ومضى يحرز الانتصارات على الأشوريين. ولما جاءت سنة 612 ق م استولى البابليون والماديون على نينوى العاصمة. ولم يقنعوا بالاستيلاء على أشور وحدها، بل نهضوا لفتح الإمبراطورية الأشورية كلها.
انكفأ الأشوريون إلى حاران، ولكنهم سرعان ما طردوا منها. وإذ أدرك المصريون أن بلادهم قد تصير في خطر، زحفوا شمالاً لمساندة الأشوريّين. واعترض يوشيا ملك يهوذا الجيش المصري في مجدو، فكانت معركة قُتِل فيها، وصارت مملكة يهوذا خاضعة لمصر (2 ملوك 23: 29). وبعد ذلك بأربع سنين، في 605 ق م، تلقى المصريون- في معركة كركميث- الهزيمة على يد الملك نبوخذنصر قائد الجيش البابلي (إرميا 46: 1 و2). وكانت الإمبراطورية البابلية آخذةً في الانتشار. فأصبح يهوياقيم ملك يهوذا واحداً من الملوك العديدين الذين بات عليهم أن يؤدوا الجزية لنبوخذنصر.
وبعد معركة عنيفة مع البابليين في 601 ق م، شجع المصريون يهوذا على التمرد. وأرسل نبوخذنصر جيشاً لسحق التمرد في 597 ق م، بُعيد تسلم يهوياكين المُلك. فاستسلمت يهوذا، وسبي إلى بابل المُلك وكثيرون من وجهاء البلد. فلم تقتصر سياسة الغزاة على الفتك والنهب، بل تعدت ذلك إلى إضعاف البلدان المغلوبة ومنع حصول تمردات أخرى بترحيل خيرة المواطنين (2 ملوك 24: 10- 17).
ورغم ذلك، فبعد مرور عشر سنوات، استنجد بالمصريين صدقيا الملك الصوري الذي عينه نبوخذنصر على عرش يهوذا. فغزا البابليون يهوذا وحاصروا أورشليم. ودام الحصار ثمانية عشر شهراً. أخيراً أُحدثت ثغرةٌ في السور. وفي 586 ق م سقطت المدينة. وقُبض على الملك صدقيا وقُلعت عيناه. ثم حُمِلت إلى بابل أشياء ثمينة بما فيها نفائس الهيكل. وهدمت المدينة والهيكل ورحل المواطنون. وإنما الفقراء جداً تُركوا للاعتناء بالأراضي (2 ملوك 25: 1- 21)
راجع السبي.
العودة إلى أورشليم:
ظهرت بابل كقوة كلية القدرة في النصف الأول من القرن السادس ق م. ولكن الأنبياء تحدثوا عن الله الذي يحسب الملوك عبيداً عنده، ويستطيع أن يستخدم حتى القوى الوثنية لإتمام مقاصده.
قام كورش الفارسي بتوحيد مملكتي مادي وفارس إلى الشرق من بابل. وفتح بلداناً وصلت إلى الهند في أقصى الشرق. ثم هاجم بابل. فسقطت المدينة بيده في 539 ق م واستولى على الإمبراطورية كلها.
وقد وسع ملوك الفرس حدودهم إلى مدى أبعد من الإمبراطوريات السابقة. إذ استولوا على. مصر وكامل المنطقة التي هي تركيا اليوم. ولما سقطت بابل، بدأ كورش يعيد تنظيم الإمبراطورية. فقسمها إلى ولايات يحكم كلاً منها حاكمٌ يدعى مرزباناً. وكان المرازبة الفرس عموماً، ولكن كان دونهم رؤساء محليون يتمتعون بسلطة محدودة. وقد شجع مختلف الشعوب على المحافظة على عوائدهم وأديانهم.
وكجزءٍ من هذه السياسة، أرجع كورش اليهود إلى أورشليم لإصلاح المدينة وترميم الهيكل، كما يروي لنا ذلك سفرا عزرا ونحميا. وقد استقر اليهود أيضاً في عدة أجزاء أخرى من الإمبراطورية. حتى إنه في سوسة (شوشن)، إحدى عواصم الفرس، جعل ملكٌ متأخر، هو أحشويروش (زركسيس) الأول، يهوديةً ملكةً له، كما هو مدونٌ في سفر أستير. وقد أصبح "الشتات"، أي اليهود القاطنون في البلدان الأخرى، عظيم الشأن فيما بعد، في أزمنة العهد الجديد. ولأن هؤلاء اليهود كانوا بعيدين عن الهيكل، ابتكروا المجامع المحلية كمراكز للتعليم والعبادة. وعلى هذه الصورة انتشرت الكنائس المسيحية انتشاراً سريعاً.
وقد توسعت حدود الإمبراطورية نحو الغرب أيضاً، على يد داريوس الأول (522- 486 ق م) برسيبوليس العاصمة العظيمة الجديدة وفاتح الهند الغربية. وفي 513 استولى على مكدونية في شمال اليونان. وعام 490 هزم اليونان الفرس في ماراثون، فأُعد المسرح لبعضٍ من أعظم قصص التراث اليوناني. فأحشويروش الأول (486- 465) غزا اليونان، بل احتل أثينا أيضاً، لكنه هزم في معركة سلاميس البحرية. وتواصل النزاع على يد كل من أرتحششتا وداريوس الثاني والملوك الذين جاءوا من بعد وظلت مصاير الفرس واليونان ومادي ومصر في مد وجزر حتى سنة 333 ق م، حين عبر العسكري اليوناني الاسكندر المكدوني الهيلسبونت ليبدأ مسيرته الصاعقة.
كان الاسكندر في الثانية والعشرين فقط لما انطلق في حملته التي اجتاحت العالم القديم. "فحرر" مصر من نير الفرس (وأسس ميناء الإسكندرية) ثم زحف شرقاً، إلى قلب الإمبراطورية الفارسية. وواصل مسيرته حتى الهند، قاهراً كل من وقف في وجهه، ومؤسساً دول ومدنٍ يونانيةً حيثما ذهب. فاستحق لقبه "الاسكندر الكبير". ومات 323 ق م، وهو في الثالثة والثلاثين فقط.
وفي أعقاب موته انقسمت الإمبراطورية اليونانية الكبيرة بين أربعة من قواده. فسيطر السلوقيون على فلسطين، وكان مركزهم في سورية. وحكم البطالمة مصر، وكان مركزهم في الإسكندرية. على أن العالم اليوناني، أو"الهيليني"، بقي موجوداً ككيانٍ موحد، لغته المشتركة هي اليونانية، وله نمطٌ عامٌ من المدينة. هذه الخلفية قامت بدورٍ حيوي في الأحداث التي ستلي، أعني أحداث العهد الجديد.
الشعب العبراني في العهد الجديد: لما بدأت أزمنة العهد الجديد، كان الشعب العبراني قد عاش تحت الاحتلال الأجنبي قرابة 500 سنة بعد العودة إلى فلسطين. وتحت الحكم اليوناني أدوا الجزية لبطليموس حاكم مصر، وتبنوا اليونانية باعتبارها لغة الإمبراطورية. وفي السنة 198 ق م هزم انطيوخس الكبير، حاكم سورية السلوقي، البطالمة واستولى على فلسطين. ولكنه هو بدوره هُزم على أيدي الرومان في ماغنيزيا عام 190 ق م.
فرض الرومان على المملكة السلوقية ضرائب باهظة، مما حمل هؤلاء أن يغتنموا بدورهم أية فرصة لنهب المدن والهياكل. وتذرع انطيوخس أبيفانس بمقاومة اليهود الأوفياء، "الحسيديم" أو "الأتقياء"، لينهب هيكل أورشليم. وفي ما بعد بنى مركزاً يونانياً وثنياً في قلب المدينة، وأقام في الهيكل مذبحاً لزفس (جوبيتر) قُدمت عليه خنازير (وهي محرمة بحسب شريعة اليهود) كذبائح.
هذه الإهانة الأخيرة أفضت إلى الثورة المكابية. ونجح اليهود في تحرير أنفسهم زمناً، واستطاعوا أن يطهِّروا الهيكل ويعيدوا تكريسه عام 165 ق م. وأعلن رئيس الكهنة أرسطوبولس نفسه ملكاً عام 104 ق م، وكان أحد أفراد الأسرة الحسمونية التي تزعمت الثورة. ولكن لم يمض طويل وقتٍ حتى أتاحت المنافسات بين اليهود فرصة للرومان كي يتدخلوا. وهكذا أُعدم آخر رئيس كهنةٍ وملكٍ في 37 ق م.
أصبحت اليهودية خاضعة لروما تحت حكم والي إقليم سورية. ولكن اليهود مُنحوا الحرية ليمارسوا دينهم، وكان لهم حاكمهم الخاص من 37 حتى 4 ق م، وهو يهوديٌّ أدومي الأصل يدعى هيرودس. ورغم مشاريع هيرودس الكبير العمرانية العظيمة- بما فيها هيكل جديد في أورشليم- فقد كرهه اليهود، وهو يُذكر عموماً بطغيانه وقسوته.
تلك كانت خلفية ولادة يسوع. ويدون لوقا حقيقة ولادته في زمن أوغسطس، الإمبراطور الروماني الأول. وقد خلفه طيباربوس عام 14م. وفِعلة هيرودس بقتل جميع الصبيان في بيت لحم تتوافق تماماً مع ما نعرفه عنه من التاريخ. ولما مات انقسمت مملكته بين ثلاثة من أبنائه. وقد ملك أحدهم بطريقة رديئة جداً حتى عزله الرومان وعينوا والياً على اليهودية. وقد كان بنطيوس بيلاطس الذي حكم بالموت على يسوع، والياً من 26 حتى 36 م.
حاول المجلس اليهودي الأعلى، السنهدريم أو السنهدرين، أن يظل على وفاقٍ مع الرومان حفاظاً على مقامه الخاص. واستغل آخرون، كالعشارين (جباة الضرائب) المكروهين، الاحتلال الروماني ليملأوا جيوبهم. وكان كثيرون يتطلعون إلى اليوم الذي فيه يُنقذون ويُحررون. وشأنهم شأن سمعان الشيخ الذي كان في الهيكل لما جاء بيسوع الطفل أبواه، كانوا ينتظرن خلاص الشعب. فكان على يسوع أن يحذر المناداة به علناً أنه المسيا المحرر، لئلا يُثير آمال الشعب بأنه سيتزعم ثورةً على الرومان. وكانت روح المقاومة أقوى حالاً لدى الغيارى (مجموعة فدائية)، هذه الروح التي أفضت أخيراً إلى أحداث الحرب اليهودية الرهيبة وخراب أورشليم سنة 70 م.
ولكن زمن خراب الهيكل اليهودي وتبديد العبرانيين كان أيضاً زمن بداءةٍ جديدة. فبعد موت الرب يسوع وقيامته، اتضح لأتباعه أن مملكته الروحية الجديدة ليست لليهود وحدهم بل لجميع المؤمنين به. وكان ذلك فرصةً لبداءةٍ جديدة كلياً لجميع الذين يستفيدون من الوعود المعطاة لإبراهيم والمؤسسة على الإيمان. وتضمن ذلك التحرير من الخطية والذنب والناموسية التافهة التي بُنيت على الشريعة اليهودية. فاليهودي والأممي (غير اليهودي) على السواء يمكن أن يبدأا حياة جديدة مملوءة بروح الله. وكان لدينامية هذه الرسالة أن تقلب الإمبراطورية الرومانية رأساً على عقب وتغير العالم.