(7) ابن الإنسان غافر الخطايا:
- " وَجَاءُوا إِلَيْهِ مُقَدِّمِينَ مَفْلُوجاً يَحْمِلُهُ أَرْبَعَةٌ 000فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ إِيمَانَهُمْ قَالَ لِلْمَفْلُوجِ: «يَا بُنَيَّ مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ». وَكَانَ قَوْمٌ مِنَ الْكَتَبَةِ هُنَاكَ جَالِسِينَ يُفَكِّرُونَ فِي قُلُوبِهِمْ: «لِمَاذَا يَتَكَلَّمُ هَذَا هَكَذَا بِتَجَادِيفَ؟ مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَغْفِرَ خَطَايَا إلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ؟» فَلِلْوَقْتِ شَعَرَ يَسُوعُ بِرُوحِهِ أَنَّهُمْ يُفَكِّرُونَ هَكَذَا فِي أَنْفُسِهِمْ فَقَالَ لَهُمْ: ...أَيُّمَا أَيْسَرُ: أَنْ يُقَالَ لِلْمَفْلُوجِ مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ أَمْ أَنْ يُقَالَ: قُمْ وَاحْمِلْ سَرِيرَكَ وَامْشِ؟ وَلَكِنْ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لاِبْنِ الإِنْسَانِ سُلْطَاناً عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَغْفِرَ الْخَطَايَا» - قَالَ لِلْمَفْلُوجِ: «لَكَ أَقُولُ قُمْ وَاحْمِلْ سَرِيرَكَ وَاذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ». فَقَامَ لِلْوَقْتِ وَحَمَلَ السَّرِيرَ وَخَرَجَ قُدَّامَ الْكُلِّ حَتَّى بُهِتَ الْجَمِيعُ وَمَجَّدُوا اللَّهَ قَائِلِينَ: «مَا رَأَيْنَا مِثْلَ هَذَا قَطُّ!». " (مر2/3-13). وهنا يؤكِّد أنَّه يملك السلطان لغفران الخطايا، في حين أنَّه لا يغفر الخطايا إلاَّ اللَّه وحده مؤكدًا حقيقة لاهوته.
(8) ابن الإنسان هو الفادي الذي جاء ليبحث عن الضالين وليبذل نفسه، كالإله المتجسد، عن خطايا العالم، لذا يقول عنه الكتاب أنَّه رب المجد الذي صلب " لأَنْ لَوْ عَرَفُوا لَمَا صَلَبُوا رَبَّ الْمَجْدِ." (1كو2/8)، واللَّه الذي فدي الكنيسة بدمه " كَنِيسَةَ اللهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ." (أع20/28)؛ والذي إنتصر علي الموت انتصارًا نهائيًا بقيامته من الأموات. وكانت آلامه وصلبه وموته حتميَّة " لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ." (مت18/11)." أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ " (مت20/28):
- " وَابْتَدَأَ يُعَلِّمُهُمْ أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَلَّمَ كَثِيراً وَيُرْفَضَ مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ وَيُقْتَلَ وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ يَقُومُ. " (مر8/31).
- " وَكَمَا رَفَعَ مُوسَى الْحَيَّةَ فِي الْبَرِّيَّةِ هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْفَعَ ابْنُ الإِنْسَانِ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. " (يو3/14- 15).
(9) أخيراً ابن الإنسان هو رب العالمين: قال الرب يسوع المسيح لتلاميذه قبل صعوده مباشرة " دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ. وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ" (مت28/18-20)، ويُضيف الإنجيل للقدِّيس مرقس " ثُمَّ إِنَّ الرَّبَّ بَعْدَمَا كَلَّمَهُمُ ارْتَفَعَ إِلَى السَّمَاءِ وَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ اللَّهِ. وَأَمَّا هُمْ فَخَرَجُوا وَكَرَزُوا فِي كُلِّ مَكَانٍ وَالرَّبُّ يَعْمَلُ مَعَهُمْ وَيُثَبِّتُ الْكَلاَمَ بِالآيَاتِ التَّابِعَةِ." (مر16/19-20).
وهكذا وبعد آلامه وقيامته كابن الإنسان، كالإله المتجسِّد، لم يعدْ يستخدم ذلك اللَّقب الذي كان مُحببًا إليه وإنما استخدم لقبه الأساسي " الربّ " والذي استخدم في سفر أعمال الرسل وحده 110 مرة عن المسيح الممجد القائم من الأموات والجالس عن يمين العظمة في السموات كربّ الخليقة ومدبِّرها، كما قال عنه القديس بطرس " هَذَا هُوَ رَبُّ الْكُلِّ" (أع10/36).
والخلاصة هي أنَّ لقب ابن الإنسان استخدمه الربّ يسوع المسيح وأطلقه علي نفسه ولم يُطلقه عليه أحد ليُعبِّر به عن كونه الإله المتجسِّد، المسيح الآتي والمسيَّا المنتظر، ابن داود وربُّه وابن إبراهيم وهو الكائن الدائم الأبديّ الأزليّ الذي لا بداية له ولا نهاية، المولود من اليهود بحسب الجسد وهو الكائن علي الكلِّ الإله القدير والمبارك إلي الأبد. إنَّه لا يُبرهن أنَّ المسيح مُجَرَّد إنسان فقط وإنما يُبرهن لاهوته كما يُبرهن حقيقة ناسوته، تجسُّده وكونه الإله المتجسِّد الذي فيه يحلّ كلّ مِلء اللاهوت جسديًا، اللَّه بكلِّ مِلْئِه، فهو اللَّه الظاهر في الجسد.