عرض مشاركة واحدة
قديم 29 - 01 - 2013, 09:15 AM   رقم المشاركة : ( 40 )
the lion of christianity Male
سراج مضئ | الفرح المسيحى


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1024
تـاريخ التسجيـل : Jan 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : U.S.A
المشاركـــــــات : 753

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

the lion of christianity غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب مريم العذراء للمطران كيرلس سليم بسترس



القراءة الثالثة: وليمة الحكمة (أم 9: 1- 11)

يشبّه العهد القديم حضور الله بين الناس بوليمة. فالإنسان الذي يتّحد بحكمة الله كأنّه يأكل خبز الله ويتناول خمر الله: "الحكمة بنت بيتها ونحتت أعمدتها السبعة. ذبحت ومزجت خمرها وصفّفت مائدتها. أرسلت جواريها تنادي على متون مشارف المدينة: من هو ساذج فليمل إلى هنا. وتقول لكلّ فاقدي اللبّ: هلمّوا كلوا من خبزي واشربوا من الخمر التي مزجت. اتركوا السّذاجة واحيوا. إنهجوا طريق الفطنة" (9: 1- 6). بتجسّد ابن الله وكلمته، ظهرت حكمة الله بين البشر. فالمسيح هو نفسه حكمة الله، وقد ظهر لنا في مريم العذراء. ووليمة الحكمة هي أيضاً صورة لمائدة الملكوت السماويّ التي أعدّها الله في حياة المجد. وقراءة هذا النصّ في أعياد مريم العذراء إشارة إلى أنّ الملكوت قد بدأ على هذه الأرض بتجسّد ابن الله في أحشاء مريم العذراء.



- في عيد دخول السيّدة إلى الهيكل (21 تشرين الثاني)، يقرأ عوضاً عن القراءتين الأولى والثالثة نصّان يشيران إلى أنّ مريم العذراء هي مسكن الله الحقيقي، وتابوت العهد الجديد:

القراءة الأولى: نصب المسكن وتقديسه على يد موسى (خر 40: 1- 5، 9- 10؛ 16: 34- 35).

القراءة الثانية: نقل تابوت العهد إلى هيكل أورشليم (1 مل 8: 1- 11).

وتنتهي القراءتان بتأكيد حضور الله: "ومجد الربّ قد ملأ المسكن" (خر 40: 35)، "ومجد الرب قد ملأ بيت الرب".



- في عيد البشارة (25 آذار) تضاف قراءتان:

القراءة الأولى: العلّيقى الملتهبة التي لا تحترق (خر 3: 1- 8). وتوضح إحدى الصلوات سبب اختيار هذا النص: "إنّ ظلّ الشريعة قد جاز بورود النعمة. فكما كانت العلّيقى متوقّدة ولم تحترق، كذلك أنت يا عذراء، ولدت ولبثت عذراء. وعوض عمود النار أشرق شمس العدل، وعوض موسى المسيح مخلّص نفوسنا" (الأكتوئيخوس، غروب الأحد على اللحن الثاني، آخر قطعة من قطع مزامير الغروب).

القراءة الثانية: الحكمة الأزليّة التي بها خلق الله العالم (أم 8: 22- 31). إنّ ابن الله وكلمته هو تلك الحكمة التي كانت لدى الله منذ الأزل وبها تمّ خلق العالم. وقد ظهرت لنا تلك الحكمة في تجسّد ابن الله في أحشاء مريم العذراء. وهكذا اعتلن في العالم السرّ الذي منذ الأزلي، وتحقّق قصد الله في خلاص الإنسان.



- في عيد دخول السيّد إلى الهيكل (2 شباط)

الذي هو في آن واحد عيد مريمي، تقرأ ثلاث قراءات خاصة:



القراءة الأولى: مختارات من شريعة موسى حول تكريس الأبكار لله وتطهير الأمّ (خر 13: 1- 3، 10- 12، 14- 16؛ أح 12: 1- 4، 6- 8؛ عد 8: 16- 17).



القراءة الثانية: رؤيا أشعيا في الهيكل حول قداسة الله وتنقيته على يد ملاك بجمرة أخذها بملقط من المذبح ومسّ بها فمه (أش 6: 1- 12).



القراءة الثالثة: مختارات من نبوءة على مصر وارتدادها إلى الله، "لأنّهم يصرخون إلى الربّ من مضايقيهم، فيرسل لهم مخلّصاً وربًّا فينقذهم" (أش 19: 1- 21). والمسيح المولود من مريم العذراء هو، حسب نبوءة سمعان، "نور يضيء للأمم" (لو 1: 32).



ب) المزامير

في هذه الذهنيّة نفسها يجب النظر إلى المزامير التي اختارتها الكنيسة لتتلوها في أعياد مريم العذراء، وأهمّها المزموران: 45 (44) و132 (131). فالمزمور 45 هو نشيد دنيوي لعرس ملك في إسرائيل، يعظّم الملك والملكة القائمة عن يمينه. وقد استخدمته الكنيسة لتعظيم السيّد المسيح، ملك الشعب الجديد، ومريم العذراء أمّه الملكة التي منها ولد الملك (راجع هذا المزمور).

والمزمور 132 يشيد بتابوت العهد في احتفال انتقاله إلى مدينة داود الملكية. ومريم العذراء هي تابوت العهد الجديد، لأنّ كلمة الله حلّ فيها (راجع هذا المزمور).

إضافة إلى هذين المزمورين، تختار الكنيسة من مزامير أخرى آيات تتلوها في صلوات السحر والغروب والقدّاس الإلهي (في الأنديفونات قبل دورة الإنجيل. وآيات هللويا قبل الرسالة)، نقتطفه منها المقاطع التالية:

- المزمور 46 (45):

5: "لقد قدّس العليّ مسكنه".

6: "الله في وسطها فلن تتزعزع".

- المزمور 48 (47):

2: "عظيم الربّ ومسبّح جدًّا في مدينة إلهنا في جبله المقدّس".

4: "الله في أبراجها يُعرَف، عندما ينصرها".

9: "كما سمعنا كذلك رأينا، في مدينة ربّ القوّات، في مدينة إلهنا".

- المزمور 65 (64)

5: "قدّوس هيكلك وعجيب في العدل".

- المزمور 72 (71):

1: "أللهمّ أعطِ حكمَك للملك وعدلك لابن الملك".

3: "بشّروا من يوم إلى يوم بخلاص الهنا".

6: "ينزل كالمطر على الجزّة، كالقطر على الأرض".

- المزمور 87 (86)

1: "أساسُها على الجبال المقدسة".

2: "الرب يؤثر أبواب صهيون على جميع مساكن يعقوب".

3: "لقد قيلت الأمجاد فيك يا مدينة الله".

من المزامير اختارت إذن الكنيسة الآيات التي تشيد بمسكن الله وبين البشر، بمدينة الله التي قدّسها العليّ نفسه، ومن خلالها تشيد لعمل الله في مريم العذراء التي هي مسكن الله الجديد بين البشر ومدينة الله المقدّسة التي قيلت فيها الأمجاد، وفجها تحقّق ما قالته في نشيدها في زيارتها لأليصابات: "ها منذ الآن تغبّطني جميع الأجيال، لأنّ القدير صنع بي عظائم" (لو 1: 48- 49).

هكذا يتّضح لنا أنّ الكنيسة في عودتها إلى نصوص العهد القديم لا تقصد أن تستخرج منها نبوءات حول مريم العذراء، بل ترى فيها وسيلة للتغنّي بعمل الله الخلاصي الذي رافق مسيرة البشريّة منذ نشأتها وبلغ كماله في تجسّد ابنه كلمته في أحشاء مريم العذراء.



ج) نصوص العهد الجديد

في أعياد مريم العذراء تُقرأ أيضاً نصوص خاصّة مستقاة من العهد الجديد: من الإنجيل المقدّس ومن الرسائل.



- في صلاة السحر: يقرأ في جميع أعياد العذراء نصّ زيارة مريم العذراء إلى أليصابات مع نشيد مريم العذراء "تعظّم نفسي الربّ" (لو 1: 39- 56)، ما عدا عيد دخول السيّد إلى الهيكل حيث يقرأ نصّ تقدمة السيّد المسيح إلى الهيكل (لو 2: 25- 32).



- في القدّاس الإلهي: يُقرأ من الرسائل إمّا نص تواضع ابن الله وتمجيده (في 2: 5- 11)، وإمّا وصف مسكن الله وخيمة الموعد وتابوت العهد كما جاء في الرسالة إلى العبرانيّين (عب 9: 1- 17). وفي عيد تهنئة مريم العذراء في اليوم الثاني لعيد ميلاد السيّد المسيح، يُقرأ نصّ التجسّد في تصميم الله الخلاصي (عب 2: 11- 18). وفي عيد دخول السيّد إلى الهيكل، يقرأ نصّ تفوّق كهنوت المسيح على كهنوت هرون (عب 7: 7- 17).



- من الإنجيل المقدّس يقرأ في عيد البشارة رواية لوقا لحدث البشارة (لو 1: 24- 38)

- في عيد تهنئة العذراء يقرأ نصّ يروي ما جرى بعد ميلاد المسيح أي الهرب إلى مصر (متى 2: 13- 23)

- في عيد دخول السيّد إلى الهيكل تقرأ رواية الحدث بحسب إنجيل لوقا (لو 2: 22- 40)

- في سائر الأعياد المريميّة (عيد ميلاد العذراء، عيد دخولها إلى الهيكل، عيد رقادها)، يقرأ نص استقبال مريم ومرتا للسيّد المسيح في بيتهما (لو 10: 38- 42)، ويضاف إلى هذا النصّ مقطع "طوبى للبطن الذهب حملك" (لو 11: 27- 28).



إنّ اختيار هذه النصوص الإنجيليّة يستند إمّا إلى كونها تروي حدث العيد، إذا كان للعيد ذكر في الإنجيل المقدّس، وإمّا إلى قداسة مريم العذراء التي يمكن قراءتها من خلال هذه النصوص. فمن خلال إنجيل لوقا (10: 38- 42؛ 11: 27- 28)، يتّضح أنّه، كما أنّ مريم أخت لعازر "قد اختارت النصيب الصالح الذي لن يُنزَع منها" (لو 10: 42) وهو "أن تجلس على قدمي يسوع وتسمع كلامه" (لو 10: 39)، كذلك مريم العذراء تميّزت بقبولها كلام الربّ، وقد استحقّت الطوبى ليس فقط لأنّها حملت المسيح في أحشائها ("طوبى للبطن الذي حملك...")، بل لأنّها "سمعت كلمة الله وعملت بها" (لو 11: 27- 28). ولوقا نفسه يضع على لسان أليصابات الطوبى عينها، توجهها لمريم العذراء: "طوبى للتي آمنت بأنّه سيتمّ ما قيل لها من قبل الربّ" (لو 1: 45).

ولذلك اختارت أيضاً الكنيسة المقطع من الرسالة إلى الفيليبيّين الذي يتكلّم على اتّباع المسيح في طاعته التامّة لإرادة الآب، "فإنّه قد وضع نفسه وصار طائعًا حتى الموت، موت الصليب، لذلك رفعه الله..." (في 2: 5- 11).

وهكذا أيضاً في قراءات العهد الجديد تبدو مريم العذراء رمز الكنيسة المدعوّة إلى أن تحمل في ذاتها المسيح كلمة الله فتحيا به وتلتزم استعداداته، فيتاح لها أن تعطيه للعالم، ليتقدّس به ويتألّه.

  رد مع اقتباس