عرض مشاركة واحدة
قديم 29 - 01 - 2013, 09:13 AM   رقم المشاركة : ( 9 )
the lion of christianity Male
سراج مضئ | الفرح المسيحى


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1024
تـاريخ التسجيـل : Jan 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : U.S.A
المشاركـــــــات : 753

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

the lion of christianity غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب مريم العذراء للمطران كيرلس سليم بسترس



4- مريم العذراء في صلوات الفرض الكنسى والأناشيد الطقسيّة

هذه العلاقة بين مريم العذراء وابنها التي تبرز دور مريم في تاريخ الخلاص نجدها أيضاً في سائر صلوات الفرض الكنسي وفي الأناشيد التي تترنّم بها الكنيسة في مختلف المناسبات. سنعطي مثالاً على ذلك القطع التالية المأخوذة من كتاب الأوكتوئيخوس (أي كتاب الألحان الثمانية) وهو مِن وضع القدّيس يوحنّا الدمشقي. وهذا الكتاب مليء بالصلوات الموجّهة إلى مريم العذراء والتي يظهر فيها السيّد المسيح حاضرًا على الدوام وهو الذي يعطيها معناها وبعدها الأخير:

"بقدرة الروح الإلهي، وبمشيئة الآب، صرتِ أمًّا بتولاً لابن الله الذي وُلد قبل الدهور من الآب بغير أمّ، ولأجلنا وُلد منك بالجسد بغير أب، وقد أرضعته طفلاً. فلا تبرحي متشفّعة إليه في خلاص نفوسنا" (غروب الأحد، اللحن الثالث، الأبوستيخن).

"يا والدة الإله، إنّ داود النبّي... قد تنبّأ عنك منشدًا للصانع بك العظائم: قامت الملكة عن يمينك. فإنّ الإله قد أظهركِ أمًّا تعطي الحياة، إذ ارتضى أن يتأنّس منك، من غير أب، ليجدّد إبداع صورته التي أفسدتها الأهواء، ويجد الخروف الذي ضلّ في الجبال، ويحمله على منكبيه، ويقدّمه للآب، ويضمّه بمشيئته الى القوّات السماويّة، ويخلّص العالم. وهو المسيح المالك الرحمة العظيمة الوافرة" (مزامير غروب الأحد، اللحن الرابع).

"من لا يغبّطك أيّتها العذراء الكاملة القداسة؟ من لا يشيد بولادتك البتوليّة؟ فإنّ الابن الوحيد الذي أشرق من الآب بلا زمن، هو نفسه أرى منك، يا نقيّة، متجسّدًا بحال تعجز البيان. والإله بالطبيعة قد صار لأجلنا إنسانًا بالطبيعة غير منقسم إلى أقنومين، بل معروفًا بطبيعتين لا امتزاج بينهما. فإليه ابتهلي أيّتها الكاملة الغبطة والوقار أن تُرحَم نفوسُنا" (مزامير غروب الاحد، اللحن السادس).

"إنّ السرّ الخفيّ منذ الأزل، والذي لا تدركه الملائكة، قد ظهر للذين على الأرض بك يا والدة الإله، لمّا تجسّد الإله باتّحاد لا اختلاط فيه، وتقبّل الصليب طوعًا من أجلنا، وبه أقام أوّل من جبل، وخلّص من الموت نفوسنا" (ثيوطوكيون القيامة، اللحن الرابع).

في هذه الصلوات موجز لاهوتي لإيمان الكنيسة بشخص يسوع المسيح ابن الله المتجسّد وإشادة بدور مريم العذراء في هذا التجسّد، ودخول في حياة الله النبي أتتنا بواسطة مريم العذراء.

والطريقة عينها في التعبير عن دور مريم العذراء نجدها في سائر الصلوات والأناشيد، ولا سيّما في نشيد الأكاثِسْتوس (أو مدائح العذراء)، ونشيد الباراكليسي. ففي هذين النشيدين، نتوجّه إلى مريم العذراء بمدائح وابتهالات تبرز من خلالها علاقاتها بابنها الإلهي مخلّص العالم. فنحيّيها قائليين:

"السلام لك يا من بها يشرق الفرح. السلام لك يا من بها تضمحلّ اللعنة.

السلام لك يا منهضة آدم الساقط. السلام لك يا منقذة حوّاء من الدموع.

السلام لك لأنّك عرش الملك. السلام لك لأنّك تحملين حامل الكائنات.

السلام لك يا كوكبًا مظهرًا الشمس. السلام لك يا بطن التجسّد الإلهي.

السلام لك يا من بها تتجدّد الخليقة. السلام لك يا من بها يصير الخالق طفلاً.

(نشيد الأكاثستوس، البيت الأوّل)

السلام لك يا سلّمًا سماويّة بها انحدر الإله. السلام لك يا جسرًا ناقلاً الأرضيين إلى السماء" (البيت الثالث).

السلام لك يا أرض الميعاد. السلام لك يا من تدرّ اللبن والعسل" (البيت الحادي عشر).

السلام لك يا من بها زالت المعصية. السلام لك يا من بها فتح الفردوس.

السلام لك يا مفتاح ملكوت المسيح. السلام لك يا رجاء الخيرات الأبديّة (البيت الخامس عشر).

لا بدّ من قراءة هذا النشيد بكامله والتأمّل في كل ما يحويه من صور كتابية ومعان لاهوتية. فكل ما ورد في العهد القديم عن علاقة الله بالإنسان تؤمن الكنيسة أنّه قد تحقّق على أكمل وجه في تجسّد ابن الله في أحشاء مريم العذراء



لذلك تدعو مريم بالألقاب التالية:

* سلّم يعقوب (تك 28: 12- 13)، لأنّها وصلت السماء بالأرض بولادتها يسوع مخلّص العالم، الذي هو إله وإنسان. وبالمعنى عينه تدعوها "جسرًا ناقلاً بالحقيقة من الموت إلى الحياة" (الأكاثستوس، الأوذية الرابعة، 2).

* العلّيقة الملتهبة (خر 3: 1- 16)، والأتّون المتّقد (د 31: 26- 90) لأنّ الألوهة سكنت فيها ولم تحرقها، والملقط الذي حمل الجمرة الإلهيّة المطهّرة من الخطايا (أش 6: 1- 7).

تدعوها أيضاً الصلوات الليترجيّة بألقاب متنوّعة تظهر علاقتها بابنها الإلهي:

* الفردوس الذي يحوي في وسطه الربّ عود الحياة (تك 2: 9)

* المسكن المقدّس (خر 25: 8)

* تابوت العهد الذي كان يحوي وصايا الله لأنّها هوت كلمة الله (خر 26)

* المائدة (خر 25: 28- 30)

* مائدة الحكمة (أم 9: 1- 11)

* الجرّة الذهبيّة الحاوية المنّ، الغذاء النازل من السماء (خر 16: 32- 34)

* المنارة (خر 25: 31)

* عمود النار الذي يهدي السائرين نحو أرض الميعاد (خر 13: 21) لأنّها ولدت المسيح نور العالم

* جزّة جدعون المندّاة (قض 3: 36- 40) لأنّ كلمة الله نزل عليها كالندى وحلّ فيها

* جبل الله المقدّس (أش 2: 2؛ 30: 9؛ مي 4: 8؛ حب 3: 1- 4)

* أورشليم الجديدة. ففي العهد القديم، كان الناس يصعدون إلى جبل أورشليم للاستماع إلى شريعة الله، أمّا في العهد الجديد فمريم هي الجبل المقدّس الذي يحوي كلمة الله.

* الجبل الذي، حسب نبوءة دانيال، "انفصل عنه حجر، لا بقوّة اليدين"، فسحق الممالك الأرضيّة، وأنشأ مملكة لا تنقض إلى الأبد" (راجع دا 2: 31- 45).

* الكرمة التي زرعها الله لتعطي عنقودًا إلهيًّا ثمرة الحياة (مز 80 (79): 9- 16)

* الأرض المباركة التي تعطي غلّة وافرة (مز 67 (66): 7).



5- النصوص الكتابيّة التي تُقرأ في أعياد مريم العذراء

هذه العلاقة بين مريم العذراء والسيّد المسيح، ابن الله المتجسّد ومخلّص العالم، تتغنّى بها الكنيسة في كل صلواتها الليترجيّة. وفي أعياد مريم العذراء تختار نصوصاً من الكتاب المقدّس تتحدّث عن علاقة الله الخلاصيّة بالإنسان. وفي هذه النصوص لا ترى الكنيسة نبوءات بحصر المعنى عن مريم العذراء، بل تؤكّد من خلال اختيارها هذه النصوص أنّ علاقة الله بالإنسان التي ظهرت في العهد القديم في رواية الفردوس، وفي كلّ ما يرتبط بهيكل أورشليم من تابوت العهد والمائدة والجرّة الذهبية والحكمة والمدينة المقدّسة والجبل المقدّس، قد وصلت إلى كمالها في تجسّد كلمة الله في أحشاء مريم العذراء. فمريم هي إذن مسكن الله الذي حلّ فيه ابن الله ليتّحد من خلاله بالبشر ويمنحهم الخلاص والحياة الأبديّة.

والكنيسة، لدى قراءتها هذه النصوص، تقرأ فيها في الوقت عينه سيرة تكوينها على مدى التاريخ عبر تلمّسات البشر ومحاولاتهم الوصول إلى الاتّحاد بالله، وسرّ كيانها الراهن: إذ هي الآن نقطة التلاقي بين وحي الله وتوق الإنسان ورغبته في الاتّحاد بالله.



أ) نصوص العهد القديم

* من نصوص العهد القديم تقرأ الكنيسة البيزنطيّة في عيد البشارة (25 آذار)، وعيد ميلاد العذراء (8 أيلول)، وعيد رقادها (15 آب) المقاطع التالية في صلاة الغروب:



القراءة الأولى: حلم يعقوب:

السلّم المنتصبة على الأرض ورأسها إلى السماء، وملائكة الله تصعد وتنزل عليها (تك 28: 10- 17). فكما أنّ الله اختار يعقوب في العهد القديم ليوصل من خلاله الخلاص إلى شعبه ويربط هكذا الأرض بالسماء إذ لا خلاص إلاّ من الله، هكذا في تمام الأزمنة اختار مريم لينزل من خلالها ابن الله على الأرض ويحقّق الخلاص. وكون السلّم تنتصب من الأرض يشير إلى دور مريم العذراء ودور البشريّة وإسهامها في الخلاص بإيمانها وانفتاحها على عمل الله.



القراءة الثانية: رؤيا حزقيال: الباب المغلق في الهيكل (حز 43: 27- 44: 4)

يتكلّم النصّ على "باب يكون مغلقًا، لا يفتح ولا يدخل منه إنسان، لأنّ الربّ، إله إسرائيل، قد دخل منه... "ونظرت، فإذا بمجد الربّ قد ملأ بيت الرب". في هذه الصورة إشارة إلى قداسة الله وقداسة مسكنه وقداسة عمله. وقد رأت الكنيسة فيها رمزًا لأمومة مريم البتوليّة. فابن الله دخل أحشاءها ولم يكن لها علاقة مع أيّ إنسان، لا قبل ولادتها يسوع ولا بعد الولادة. فيها حضر الله، ومجد الربّ ملأها ليتجلّى من خلالها للعالم.

والليترجيّا البيزنطيّة تذكر هذا الرمز في صلوات عدّة:

"السلام لك يا باب الله، الذي اجتازه الخالق متجسّدًا وحفظه مختومًا. السلام لك أيّتها السحابة الخفيفة الحاملة المسيح المطر الإلهي. السلام لك أيّتها السلّم والعرش السماويّان. السلام لك أيّتها الجبل المقدّس المخصب غير المقتطع منه" (أوكتوئيخوس الآحاد، اللحن الثالث، آخر قطعة من قطع التيبيكا والتطويبات التي تتلى في القداس الإلهي).


  رد مع اقتباس