د) بتولية مريم العذراء الباب الشرقى الدائمة
العذراء مريم دائمة البتولية قبل وأثناء وبعد ولادتها للسيد المسيح، حفظ الله لها بكوريتها وغشاء عذراويتها حتى أثناء ولادتها للسيد المسيح.
فمثلما دخل السيد المسيح على التلاميذ بعد قيامتة وكانت الأبواب مغلقة ولم يخترق حاجز، تماماً هنا تمت ولادة السيد المسيح العجزية من مريم العذراء بدون أن يخترق حاجز بتوليتها وغشاء بكوريتها، فهو ميلاد معجزى،
تكاملت تلك الولادة المعجزية فى كل شئ فهى ولادة لعذراء بدون زرع بشر، وأيضاً ولادة لعذراء ظلت عذراء بتوليتها محفوظة حتى بعد ولادتها لكلمة الله، إنها مريم العذراء والدة الإلة الكلمة المتجسد، والى طالما تظهر فى ظوراتها وتقول عن نفسها أنا مريم دائمة البتولية.
دليلنا على ذلك نبؤة حزقيال النبى.
فقد تنبأ حزقيال النبى عن دوام بتولية القديسة مريم العذراء ووصفها بأنها الباب الشرقى:
+ (حزقيال 44 : 1-3) "1 ثُمَّ أَرْجَعَنِي إِلَى طَرِيقِ بَابِ الْمَقْدِسِ الْخَارِجِيِّ الْمُتَّجِهِ لِلْمَشْرِقِ وَهُوَ مُغْلَقٌ. 2فَقَالَ لِيَ الرَّبُّ: «هَذَا الْبَابُ يَكُونُ مُغْلَقاً, لاَ يُفْتَحُ وَلاَ يَدْخُلُ مِنْهُ إِنْسَانٌ, لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ دَخَلَ مِنْهُ فَيَكُونُ مُغْلَقاً. 3اَلرَّئِيسُ الرَّئِيسُ هُوَ يَجْلِسُ فِيهِ لِيَأْكُلَ خُبْزاً أَمَامَ الرَّبِّ. مِنْ طَرِيقِ رِوَاقِ الْبَابِ يَدْخُلُ, وَمِنْ طَرِيقِهِ يَخْرُجُ»
قارن مع:
+ (عبرانيين 1 : 6) "؟6وَأَيْضاً مَتَى أَدْخَلَ الْبِكْرَ إِلَى الْعَالَمِ يَقُولُ: «وَلْتَسْجُدْ لَهُ كُلُّ مَلاَئِكَةِ اللهِ»."
فنحن الآن فى حديث عن هيكل المسيح وجسده الذى هو الكنيسة. وبداية تكوين الجسد هو تجسد المسيح نفسه حين "أدخل إلى العالم". وقد إتفق الأباء أن هذا الباب الشرقى الذى دخل منه المسيح هو العذراء مريم فهو وُلِد منها وبقيت بتولاً.
وهذا معنى يكون مغلقاً لا يفتح ولا يدخل منه إنسان.
ويدلل الأباء على إمكانية هذا بأن المسيح دخل خلال الأبواب المغلقة بعد القيامة.
وحتى لا يظن أحد أنه روح بلا جسد سمح لهم أن يلمسوا يديه وجنبه. ومرة ثانية أكل معهم.
وهناك إشارة أخرى للتجسد: الرئيس الرئيس هو يجلس فيه ليأكل خبزاً أمام الرب، فهو كان يأكل ويشرب ويجوع ويعطش. لقد تجسد وتأنس أى شابهنا فى كل شئ ما خلا الخطية وحدها. بل كان ينمو فى القامة والحكمة. ولاحظ أن باقى الأبواب مفتوحة للجميع. أما قوله: "هو يجلس فيه ليأكل خبزًا أمام الرب" ففيه إشارة إلى التجسد الإلهي حيث صار ابن الله إنسانًا.
فما هو إذن الباب المغلق الذي دخل منه الرب ومنه يخرج ويبقى مغلقًا إلا أحشـاء القديسة مريم العذراء دائمة البتولية. حيث حلّ السيد المسيح في أحشائها متجسدًا منها بالروح القدس وولد منها وبقيت بتولاً؟!
ه- أقوال علماء الكنيسة فى بتولية مريم العذراء الدائمة:
- القديس جيروم: إن مريم العذراء هي الباب الشرقي الذي تكلم عنه حزقيال، هو مغلق دائمًا، متلألئ دائمًا، وهو مختوم، وفي نفس الوقت يعلن عن قدس الأقداس، من خلاله يدخل ويخرج "شمس البر" (ملا 4: 2)، الذي هو رئيس كهنة على طقس ملكي صادق" (عب 5: 10). من ينتقدني فليشرح لي كيف دخل يسوع خلال الأبواب المغلقة عندما سمح أن تُلمس يداه وجنبه مظهرًا أن له عظمًا ولحمًا (يو 10: 19، 27)، مبرهنًا أنه كان يحمل جسدًا حقيقيًا لا خياليًا، وعندئذ أوضح أنه كيف يمكن أن تكون القديسة مريم أمًا وعذراء في نفس الوقت!
- أقرّ زعماء الإصلاح البروتستانت أنفسهم في القرن السادس عشر أنّ مريم دائمة البتوليّة.
- مارتن لوثر: أكد على عقيدة بتوليّة مريم الدائمة طول حياتها، حيث قال عن مريم العذراء في الثاني من شباط سنة 1546، يوم عيد تقدمة المسيح إلى الهيكل: "كانت بتولاً قبل الحبل والولادة، وظلّت بتولاً حتى الولادة وبعدها".
- زفينكلي: تكلّم كثيرًا على بتوليّة مريم الدائمة، فأعلن في مدينة برن في كانون الثاني سنة 1528: إنّي أستشهد بكنيسة زوريخ التقيّة وبجميع مؤلّفاتي لأعترف بمريم بتولاً دائمًا وقدّيسة". وكان سنة 1524 في عظة عن مريم العذراء أكّد بتوليّتها الدائمة بقوله: "إنّي أؤمن إيمانًا ثابتًا، استنادًا إلى ما جاء في الإنجيل المقدّس، أنّ هذه العذراء الطاهرة قد ولدت لنا ابن الله، وأنّها ظلّت، في الولادة وبعدها أيضاً، عذراء نقيّة وبكرًا إلى الأبد".
- كالفين: تردد في استعمال لقب "والدة الإله بسبب ما يحمله من خطر على سوء فهم علاقة مريم العذراء بالله،، ولكنة كان صريحًا في موضوع بتوليّة العذراء الدائمة، ورفض أن يكون لمريم أولاد غير يسوع.
- ماكس توريان: يؤكّد تقليد الكنيسة العريق على بتوليّة مريم الدائمة. ويوجز إيمان المصلحين بقوله: "إنّ موقف مريم من احترامها سرّ إعدادها الأزلي يجعلنا نقرّ أنّ عقيدة مريم الدائمة البتوليّة التقليدية تنسجم، على الأقلّ، مع دعوة مريم الفريدة، المكرّسة تمامًا لخدمة الله، والممتلئة من نعمة الله، والمتّجهة كلّيًا نحو ملكوت الله. مريم، في بتوليّتها، هي علامة الخليقة المصطفاة والمكرّسة والممتلئة من ملء الله، التي لم تعد تنتظر شيئًا غير الاكتمال النهائي في ملكوت الله الظاهر، وتعيشه الآن بشكل خفيّ ومسبّق. هي علامة الكنيسة المقدّسة التي لا تنتظر ولا ترجو سوى عودة المسيح".