عرض مشاركة واحدة
قديم 29 - 01 - 2013, 08:26 AM   رقم المشاركة : ( 7 )
the lion of christianity Male
سراج مضئ | الفرح المسيحى


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1024
تـاريخ التسجيـل : Jan 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : U.S.A
المشاركـــــــات : 753

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

the lion of christianity غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب مريم العذراء للمطران كيرلس سليم بسترس



2- مريم العذراء أمّ المخلّص وأمّ عمّانوئيل (متّى 1: 18- 25؛ أش 7: 14)



النصّ الثاني الأساسي الذي يبيّن العلاقة بين مريم العذراء وقصد الله الخلاصي نجده في إنجيل متّى:

"وأمّا مولد يسوع المسيح فكان هكذا: لمّا خُطبت مريم أمّه ليوسف، وُجدت من قبل أن يسكنا معًا، حبلى من الروح القدس. وإذ كان يوسف رجلها صدّيقًا، ولم يُرد أن يشهرها، عزم على تخليتها سرًّا. وفما هو يفكّر في ذلك، تراءى له ملاك الربّ في الحلم وقال: "يا يوسف ابن داود، لا تخف أن تأخذ امرأتك مريم، فإنّ الذي حبل به فيها إنّما هو من الروح القدس. وستلد ابنًا فتسمّيه يسوع، لأنه هو الذي يخلّص شعبه من خطاياهم". وكان هذا كلّه ليتمّ ما قال الربّ بالنبيّ القائل: "ها إنّ العذراء تحبل وتلد ابنًا ويدعى اسمه عمّانوئيل، أي الله معنا". فلمّا نهض يوسف من النوم، فعل كما أمره ملاك الربّ، فأخذ امرأته، وولدت ابنها، وهو لم يعرفها، فسمّاه يسوع" (متّى 18- 25).



أ) بتوليّة مريم العذراء

"إنّ الذي حُبل به فيها إنّما هو من الروح القدس" (الآية 20). يؤكّد هذا النصّ، على غرار نصّ البشارة، أنّ الحبل بيسوع تمّ في أحشاء مريم العذراء بشكل بتولي وبقدرة من الله. نحن هنا أيضاً إزاء عمل قدرة الله الخالق الذي لا يستحيل عليه أمر (راجع لو 1: 37). وعمل القدرة الإلهيّة تمّ في مريم العذراء التي صارت من ثمّ مرتبطة بالله ارتباطاً خاصًّا ومميّزًا.



ب) مريم العذراء أمّ المخلّص

إنّ تدخّل الله ليكوّن بقدرته الإلهيّة طبيعة يسوع الإنسانيّة في أحشاء مريم العذراء التي لم تعرف رجلاً هو علامة لتدخّله الخلاصي في شعبه وفي العالم أجمع. فالمولود اسمه يسوع الذي يعني بالعبريّة "الله يخلّص". وستقوم رسالته على أنّه "هو الذي يخلّص شعبه من خطاياهم" (الآية 21). فخلاص البشر لا يمكن أن يأتي من إنسان، فالإنسان محدود في الزمان والمكان، ولا يمكنه أن يحقّق بنفسه المصالحة مع الله القدير الذي يفوق كل زمان ومكان. خلاص البشر ومغفرة خطاياهم لا يمكن أن يحقّقهما إلاّ الله وحده: "من يقدر أن يغفر الخطايا إلاّ الله وحده؟" (مر 2: 7). "والله هو الذي صالح في المسيح العالم مع نفسه ولم يحسب عليهم زلاّتهم" (2 كو 5: 17). وبما أنّ الخلاص لا يمكن أن يأتي إلاّ من الله، فالقول إنّ يسوع هو مخلّص إشارة واضحة إلى ارتباط خاصّ بين يسوع والله. رسالة يسوع هي إذًا فريدة بين البشر: إنّه هو المخلّص، وتكوين طبيعته الإنسانية أيضاً فريد بين البشر. إذ لم يُسمعَ قطّ أنّ امرأة تلد ابنًا من غير رجل. فمن فرادة الرسالة نخلص إلى فرادة الرسول. إنّه ليس مجرّد رسول كسائر الرسل البشر، وليس مجرّد نبيّ كسائر الأنبياء البشر. إنّه إنسان، ولكنّه أيضاً أكثر من إنسان. وهذا ما يعبّر عنه يوحنّا بقوله: "والكلمة صار جسدًا وسكن في ما بيننا. وقد شاهدنا مجده، مجدًا من الآب لابنه الوحيد" (يو 1: 14). إنّه "ابن الله" الكائن منذ الأزل مع الله. إنّه ابن الله المخلّص. ومريم هي أمّ ابن الله المخلّص.



ج) مريم العذراء أمّ عمانوئيل

"وكان هذا كلّه ليتمّ ما قال الربّ بالنبيّ القائل: ها إنّ العذراء تحبل وتلد ابنًا ويدعى اسمه عمّانوئيل أي الله معنا". هذا القول النبوي مأخوذ من أشعيا 7: 14 حسب الترجمة اليونانيّة السبعينيّة التي ترجمت "علما" بلفظة. ففيما اللفظة العبريّة تعني إمّا فتاة وإمّا امرأة شابّة لم يمض على زواجها زمان طويل، تعني اللفظة اليونانيّة فقط "عذراء". فنبوءة أشعيا تحتوي على معنيين: معنى تاريخي ينطبق على الزمان الذي قيلت فيه، ومعنى نبوي سيتحقّق في المستقبل. فعندما قيلت تلك النبوءة كان آحاز ملك يهوذا في وضع خطير. فملك السامرة وملك دمشق كانا سائرين إلى أورشليم ليقيلاه وينصّبا مكانه ملكًا آخر هو "ابن طابئيل" (أش 7: 6). فأوحى الربّ إلى أشعيا أن يذهب إلى الملك آحاز ويهدّئ من روعه ويعطيه آية تكون له علامة لأمانة الله له وللمواعيد التي أعطاها لداود على لسان النبيّ ناتان وللحماية التي سيمنحها لمملكته واستمرار عرشه (أش 7: 1- 17). فبحسب المعنى التاريخي، تشير هذه الآية إلى ولادة ابن للملك آحاز، هو حزقيّا. و"العلما" هي إذًا زوجة الملك. ولكن من خلال هذا المعنى التاريخي يبرز معنى آخر نبوي تتضمّنه النبوءة. فمولد وريث للملك آحاز المنحدر من نسل داود قد حدث تتميمًا لقصد الله ووعده. وهذا المولد هو استباق لميلاد المسيح الذي سيرث في النهاية "عرش داود أبيه" (لو 1: 32- 33).

"أجل إنّ أشعيا يشير مباشرة إلى ولادة ابن لآحاز، حزقيّا مثلاً. ومع ذلك فإنّنا نشعر، من خلال ما في القول من رهبة، ومن خلال ما في الاسم المطلق على الطفل منِ قوّة، بأنّ أشعيا ينظر في هذه الولادة الملكيّة إلى أبعد من الظروف الراهنة، فيرى تدخّلاً من قبل الله في سبيل إقامة الملك الماسيوي النهائي. إنّ نبوءة عمّانوئيل تتجاوز هكذا تحقيقها المباشر. وبحقّ رأى فيها الإنجيليّون (متّى 1: 23 الذي يستشهد بأش 7: 14، ومتّى 4: 15- 16 الذي يستشهد بأش 8: 23- 9: 1)، ومِن بعدهم التقليد المسيحي، التبشيرَ بميلاد المسيح".

إنّ الترجمة السبعينيّة، التي تعود إلى القرن الثالث قبل المسيح، قد ركّزت على المعنى النبوي الماسيوي. فما جرى لآحاز ولابنه حزقيّا وكلّ أحداث سنة 735 صارت من الماضي المنسيّ.، أمّا المعنى الماسيوي فبقي حاضرًا في أذهان المترجمين. ولذلك باختيارهم لفظة "عذراء" في ترجمتهم، أعطوا تفسيرًا ماسيويًّا لهذه النبوءة، ورأوا فيها إشارة إلى المسيح وأمّه، وإلى ولادة المسيح التي لا يمكن، في نظرهم، إلاّ أن تتمّ بمعجزة. هذه الترجمة تنطوي إذًا على تفسير يعود إلى القرن الثالث قبل المسيح وكان شائعًا في بعض الأوساط اليهوديّة، وورد في تلك الترجمة بوحي من الله. وقد كرّس متّى 1: 23 هذا التفسير إذ رأى فيه نبوءة للحبل البتولي بيسوع المسيح.


  رد مع اقتباس