عرض مشاركة واحدة
قديم 29 - 01 - 2013, 08:17 AM   رقم المشاركة : ( 3 )
the lion of christianity Male
سراج مضئ | الفرح المسيحى


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1024
تـاريخ التسجيـل : Jan 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : U.S.A
المشاركـــــــات : 753

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

the lion of christianity غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب مريم العذراء للمطران كيرلس سليم بسترس




كثيرًا ما يصوّر الأنبياء شعب العهد القديم في شخص امرأة اختارها الله وأحبّها وأراد أن يجعل منها عروسًا له. هذا الرمز نجده أيضاً في تعبير "ابنة صهيون" التي تعني الشعب كلّه، كما في المقاطع التالية المرتبطة بالنص الإنجيلي:

"قولوا لابنة صهيون: هوذا خلاصك آت" (أش 62: 11).

"إهتفي وافرحي يا ابنة صهيون، فهاءَنذا آتي وأسكن في وسطك، يقول الرب" (زك 2: 14).

"إبتهجي جدًّا يا ابنة صهيون، واهتفي يا ابنة أورشليم، هوذا ملكك يأتيك بارًّا مخلّصاً وضيعًا راكبًا على حمار وعلى جحش ابن أتان" (زك 9: 9).

وتصوَّر ابنة صهيون تارة كعذراء وتارة كأُمّ تلد في الأوجاع:

"داس السيّد المعصرة على العذراء ابنة يهوذا" (مرا 1: 15).

"ماذا أساوي بك فأعزّيك، أيّتها العذراء بنت صهيون؟ لأنّ تحطّمك عظيم كالبحر. فمن ذا يشفيك؟" (مرا 2: 13).

"لقد صنعت عذراء إسرائيل أمرًا يُقشعَرُّ منه جدًّا" (إر 18: 13).

"قد سمعت صوتًا كصوت الماخض، وصوتًا مثل شدّة التي تلد بكرها، صوت بنت صهيون تنتحب وتبسط كفّيها" (إر 4: 31).

"تمخَّضي وادفعي يا بنت صهيون كالتي تلد. فإنّك الآن تخرجين من المدينة، وتسكنين في الحقول وتسيرين إلى بابل. هناك تُنقَذين، وهناك يفتديك الربّ من أيدي أعدائك" (مي 4: 10).

إبنة صهيون تصوّر كعذراء للدلالة على أنّ الله اختارها عروساً له:

"فكما أنّ شابًا يتزوّج بكرًا كذلك بنوك يتزوّجونك. وكسرور العريس بالعروس يسرّ بك إلهك" (أش 62: 5. راجع 61: 10).

وتصوّر ابنة صهيون أيضاً كأمّ تلد في الأوجاع، وهذه الأوجاع هي محن اجتياح أورشليم وسبي سكّانها إلىّ بابل حيث سيخلّصها الرب.

إنّ آلام المخاض التي تعانيها ابنة صهيون تحمل معها رجاء ماسيويًّا. فالربّ سينقذها يومًا بمجيء المسيح الذي سيمنح شعبه الخلاص النهائي.

تنظي صورة ابنة صهيون إذاً على بعدين: بعد صوفي إذا تعبّر عن اتّحاد بنت صهيون العذراء بالربّ عريسها، وبعد اسختولوجي لأنّها تشير إلى أنّ تلك العذراء ستلد بالأوجاع الرجاء الماسيويّ، ومنها سيخرج المسيح الذي سيخلّص شعبه.

تحيّة الملاك جبرائيل للعذراء مريم: "إفرحي يا ممتلئة نعمة الرب معك"، يجب وضعها في إطارها الصحيح حيث تجد ملء معناها. وهذا الإطار هو ترقّب ابنة صهيون مجيء المسيح المخلّص. وهذا هو مدعاة الفرح العظيم الذي يدعو إليه الأنبياء: "هلّلي... إفرحي وتهلّلي بكلّ قلبك" (باليونانيةكتاب مريم العذراء للمطران كيرلس سليم بسترس .

وقول الملاك هذا ليس مجرّد تحيّة اعتياديّة، كل لأيّ شخص: "السلام عليك"، بل هو دعوة إلى الفرح الماسيويّ الناتج من مجيء المسيح المخلّص: "الربّ معك... ها أنت تحبلين وتلدين ابنًا وتسمّينه يسوع... ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد". فالعذراء أمّ المسيح هي صورة شعب العهد القديم المشار إليه بتعبير "ابنة صهيون"، الذي كان ينتظر في أوجاع تاريخه ميلاد رجائه بفرح وتهليل، والخلاص الذي وعده به الربّ الإله.

مدعاة الفرح في العهد القديم هي حضور الله في وسط شعبه "ليُلغيَ الحكمَ عليه ويبعد عدوَّه" ويكوّن في وسطه "الربّ الذي يخلّص". وقد تحقّق هذا في العهد الجديد بحضور الله في شخص ابنه يسوع المسيح في أحشاء مريم العذراء التي اختارها الله وجعلها "ممتلئة نعمة". فلا حكم من بعد. بل ملء النعمة أي ملء حضور الله. والله، بحضوره في وسط شعبه، سيجدّده بمحبّته.

ولقد "نالت مريم حظوة عند الله" بأنّ هذا الخلاص سيتمّ بواسطتها؛ فهي التي ستحبل بقدرة الروح القدس وتلد المسيح المخلّص.

التعبير الذي يستعمله لوقا للدلالة على الحبل يتضمّن حشوًا مستغربًا إذ يقول: "ستحبلين في أحشائك وتلدين...". فتعاقب الفعلين تحبلين وتلدين هو أمر معهود في العهد القديم، ولكن لماذا أضاف لوقا عبارة "في أحشائك" التي تبدو تكرارًا وحشوًا؟

هذا الحشو هو دلالة على أنّ نصّ لوقا مستقى من نبوءة صفنيا التي تحقّقت في الحبل بيسوع في أحشاء مريم العذراء. فصفنيا يؤكّد مرّتين حضور الله في وسط شعبه (3: 15، 17). فاللفظة العبرية التي يستعملها "بقربيخ" تعني في أحشائك. ويعني بها "في وسطك"، والوسط هنا ليس وسط الشعب، بل وسط الهيكل، كما يقول في موضع آخر: "الربّ بارّ في وسطها لا يرتكب ظلمًا، وصباحًا فصباحًا يُصدر حكمَه وعند طلوع النور لا يقصِّر" (صف 3: 5).

في هذه الآيات إشارة إلى سكنى الله في وسط الهيكل حيث يتجلّى برُّ الله وتعلَن شريعته. وهذا المعنى نجده عند غير نبيّ:

"فتعلمون أنّي أنا في وسط إسرائيل، وأنّي أنا الربّ إلهكم" (يوء 2: 27).

"إهتفي وافرحي يا ابنة صهيون، فهاءنذا آتي وأسكن في وسطك، يقول الرب... ليسكتْ كل بشر أمام وجه الرب، فإنّه قد استيقظ من مسكن قدسه" (زك 2: 14، 17).

سنة 587 ق م احتلّ البابليون أورشليم ودمّروا الهيكل وسبوا السكّان إلى بابل. ثمّ سنة 538 أذن قورش ليهود بالعودة من بابل إلى أورشليم. وسنة 520 بدأوا بإعادة بناء الهيكل. في هذا الإطار يتنبّأ زكريّا أنّ الله سيَخرج من جديد من مسكن قدسه السماوي ليسكن في وسط شعبه أي في الهيكل، في تابوت العهد الذي يحوي وصايا الله العشر. وسكنى الله في تابوت العهد هو منذ القديم ضمانة لشعب الله، كما في قول الله لموسى: "لا ترتعد أمامهم (أي أمام الشعوب الكثيرة)، لأنّ الربّ إلهك في وسطك إله عظيم رهيب" (تثنية 7: 21).

هذه العبارة تشير عند الأنبياء إلى إعادة بناء الهيكل وفي الوقت عينه إلى مجيء الربّ لدى تحقيق الرجاء الماسيويّ، كما نرى ذلك في نصّ صفنيا والنصّ التالي لأشعيا: "إهتفي وابتهجي يا ساكنة صهيون، فإنّ قدّوس إسرائيل في وسطك عظيم" (أش 12: 6).


  رد مع اقتباس