عرض مشاركة واحدة
قديم 25 - 01 - 2013, 09:13 AM   رقم المشاركة : ( 12 )
كيلارا Female
..::| مشرفة |::..


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1049
تـاريخ التسجيـل : Jan 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 10,034

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

كيلارا غير متواجد حالياً

افتراضي رد: بحث متكمل عن بولس رسول الأمم

فى عملية التقديس يخضع الذهن للاستنارة المتزايدة بالكلمة وروح الحق ( أف 1 : 17 و 18 )، وتتطابق مشيئة الانسان مع مشيئة الله ( رو 12 : 1 ـ 2 )، وتزداد المحبة لله وللانسان ( غل 5 : 22، أف 1 : 4، 4 : 2 و 15، 5 : 2، اتس 3 : 12، 4 : 9، 2 تس 3 : 5 )، ويضعف تاثير العالم بينما تقوى المباديء والممارسات المقدسة ( غل 6 : 14 )، وينمو الايمان فيصير اكثر حيوية وقوة كلما اكتسب فهما اعمق واوضح واشمل للحق كما هو فى يسوع ( رو 1 : 8، 2كو 10 : 15، كو 2 : 5 ـ 7، 1 تس 1 : 8، 1 تس 3 : 2 و 5 و 6 و 7 و 10، 2 تس 1 : 3 )، ويزداد الرجاء توهجا بتوقيع الحياة الابدية التي وعد بها الله المنزه عن الكذب قبل الازمنة الازلية ( تيطس 1 : 2 ).

ويشمل عمل التقديس الانسان كله، وينسب إلي كل اقانيم الثالوث. فنجد بولس يضرع إلي الله ليقدس اهل تسالونيكى بالتمام ( اتس 4 : 3، 5 : 23 )، وفي موضع اخر ينسب عمل التقديس إلي يسوع المسيح ( أف 5 : 26 و 27، يتطس 2 : 14 )، كما ينسبه ايضا للروح القدس ( اكو 6 : 11، 2 تس 2 : 13 ).

وللجسد نصيب فى هذا التقديس لانه هيكل الروح القدس ( اكو 6 : 19 )، وعضو في المسيح ( اكو 6 : 15 ). ومن صميم طبيعة تقديس الانسان كله ان يخضع الجسد بالضرورة لقيادة النفس التي تقدست، وان يستخدم لخدمة الله ومجده ( رو 6 : 3، 12 : 1 ).

ويعلن بولس ان الجسد سيقام في مجد ( اكو 15 : 43و44) وان الله سيغير شكل جسد ( طبيعة الجسد الفاني ) تواضعا ( المؤقت ) ليكون على صورة جسد مجده ( الابدي ) ( وسيتم هذا ) بحسب عمل استطاعته ( الالهية) ان يخضع لنفسه كل شيء . ( في 3 : 21 ) وهكذا تتحقق النهاية المجيدة لعملية التقديس. واي شيء مفرح وبهيج وكله تفاؤل للمسيحيين مثل هذه الصورة التى يرسمها بولس لرجاء المؤمن ؟

ولما كان التقديس امرا واجبا، لذلك كان لزاما على الانسان ان يتعاون مع الروح في ذلك، اولا بممارسة الايمان، باعتباره وسيلة تبريرنا ( رو 5 : 1 ) واتحادنا بالمسيح ( كو 2 : 7 و 12 )، والعامل الداخلي في تقديسنا ( أع 15 : 9، 26 : 18 )، لانه يثمر خضوعا تاما لتعليم المسيح الذى هو اساس القداسة ( أع 20 : 32، رو 6 : 7 و 18، 15 : 4 ). ويرى في حياة المسيح المتجسد مثالا وحافزا له ( اكو 11 : 1 )، يسعى إلي شركته وعونه في الصلاة ( أف 6 : 18، في 4 : 6 و 7 )، ويدرك كل احداث العناية الالهية التي تستهدف صالح الانسان روحيا، وخيره الابدي ( رو 8 : 28 ).

وان كان المؤمنون لا تنقصهم النعمة، الا انهم غير مكملين، وبالرغم من ان الخطية قد نزلت عن عرشها، الا انها لم تبطل نهائيا، ومازالت تبذل كل حيلة لاستعادة سلطانها. وتلك الحرب مريرة لا تنتهي، ويصفها بولس فى الاصحاح السابع من رسالته إلي رومية بصورة حية، حتى انك لتلمح فيها تجربة الشخصية. ولعل كل مسيحى فى حاجة إلي ان يتعلم عمليا ـ فى وقت من الاوقات ـ عدم جدوى محاولته قهر الخطية اعتمادا على قوته الذاتية. واذا حاول أي مسيحي ان يصير قديسا يحفظه الشريعة معتمدا على قوته الذاتية، فانه سرعان ما يدرك عمليا وبعمق معنى ما ورد في الرسالة إلي رومية ( 7 : 14 ـ 25 ).

ان تقديسنا ـ مثل تبريرنا ـ هو في ربنا يسوع المسيح وبروحة القدوس. وقد تحقق بولس من ذلك فقال : اشكر الله بيسوع المسيح ربنا ( رو 7 : 25 ) وحتى بعد انتصاره بالرب يسوع يقول : اذا انا نفسي بذهني اخدم ناموس الله، ولكن بالجسد ناموس الخطية ( رو 7 : 25 ).

وما تعلمه بولس بالخبرة، وبالاعلان ايضا، قد حرره بالفعل من المخالب الخانقة لحرفيه الناموس، واقنعه ان غاية الناموس هي المسيح للبر لكل من يؤمن ( رو 10 : 4 )، وجعله الرسول الكارز بالمخلص حيث ليس يوناني ويهودي، ختان وغرلة، بربري، سكيثي، عبد، حر ( كو 3 : 11 ). فكل هؤلاء وجدوا نفس الترحيب والقبول، كما وجدوا سد كل حاجة روحية، ورابطة اخوية حية جديدة، تمحو كل الاحقاد والفوارق الناشئة بسبب الجنس او التعليم او المستوى الاجتماعي او الديني.

6- الفداء :

يحمل الفداء احيانا معنى النجاة او الخلاص ـ الذي حققه موت المسيح ـ من غضب الله اللقدوس عقابا للانسان، ومن الجزاء العادل للخطية ( رو 3 : 24، أف 1 : 7، كو 1 : 14 ).

والفداء ـ بتميزه عن التبرير والتقديس ـ لا يشير إلي النجاة في الماضي، بل إلي الخلاص النهائي في المستقبل، الخلاص من كل شر، هذا الخلاص الذي سيتم بمجىء المسيح ثانية، وهذا هو المعنى المقصود في ( اكو 1 : 30 )، حيث يذكر الفداء كاخر حلقة في سلسلة امتيازات الاتحاد بالمسيح.

والروح القدس يعطي كعربون للميراث الكامل، وسكناه فينا يؤكد حقيقة مركزنا فيه، وهو ضمان لخلاصنا النهائي ( أف 1 : 14، 4 : 3 ).

ويرسم بولس صورة حية ليوم الفداء في رسالته إلي رومية ( رو 8 : 18 ـ 25 ). لان الالام ستنتهى والمجد يستعلن، فالخليقة كلها ـ الحية وغير الحية ـ تتطلع إلي ذلك اليوم بشوق وحماس واصرار. وحينئذ لا يستعلن ابناء الله فحسب، بل وبنوتهم ايضا وكل امتيازاتهم حين يقوم جسد كل مؤمن ويلاقي الفادي. وحيئذ سيبطل انين الخليقة اذ تتحرر من كل ضعف وفساد وانحلال، وتستعيد مجدها العتيد. وان كانت الخليقة قد لعنت بسبب الانسان، فانها بالتاكيد ستشاركه فى الفداء.

وما من احد يعلم إلي أي مدى تاثرت الارض نفسها بالخطية، لكن بولس كان يعتقد جليا انها ستشارك فى النهاية ـ بطريقة ما ـ في استعلان المجد الذى سيستعلن عند ظهور الفادي، حين ينمحي كل اثر لسلطان الخطية والاثم.

7- الكفارة :

ان مبدا الكفارة لهو احد اسس الفكر اللاهوتي عند بولس، ففى رسالته إلي رومية ( 3 : 25 ) يدعو المسيح كفارة او ذبيحة كفارية بالايمان بدمه ، فاعداء الله قد تصالحوا معه بموت ابنه، والذين تصالحوا معه، يخلصون بحياته ( رو 5 : 10 ) كما اننا به نلنا المصالحة ( رو 5 : 11 ).

وفى رسالته الثانية إلي كورنثوس ( 5 : 18 ـ 20 ) استخدم بولس حجتين ليبرهن لنا ان الله قد قبلنا في نعمته. اولا : لا يحسب الله للبشر خطاياهم، وثانيا : انه وضع كلمة ( تعليم ) المصالحة في نفوس الكارزين بالانجيل.

وفى رسالته إلي افسس ( 2 : 16 ) نجد الكلمة المترجمة يصالح تعني المصالحة الكاملة، هي نفس الكلمة المستخدمة في الرسالة إلي كولوسي ( 1 : 20 ـ 22 ).

وهناك سلسلة اخرى من الشواهد تؤكد قيمة دم المسيح ( وحياته المسكوبة ). ففي سفر الاعمال ( 20 : 28 ) نجد ان دمه هو ثمن شراء الكنيسة، كما ان الكفارة بالدم ( رو 3 : 25 ). والرحمة الالهية لا تعنى عدم المبالاة بناموس الله. ونقرا فى الرسالة إلي افسس ( 1 : 7 )، وان الذين كانوا بعيدين صاروا قريبين بدم المسيح ( أف 2 : 13 ).

وبدراسة هذه الايات واخرى كثيرة مشابهة لها، يتاكد لنا تعليم الكفارة يتحلل كل تعليم بولس، وان هذه الكفارة كانت ضرورية ليس فقط بسبب خطية الانسان، لكن ايضا بسبب طبيعة الله ذاته، فعدالة الله حتمت عليه ان يدبر طريقا يستطيع من خلاله ـ بتبرير الاشرار ـ ان يرضى طبيعته وناموسه.
  رد مع اقتباس