عرض مشاركة واحدة
قديم 25 - 01 - 2013, 09:06 AM   رقم المشاركة : ( 6 )
كيلارا Female
..::| مشرفة |::..


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1049
تـاريخ التسجيـل : Jan 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 10,034

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

كيلارا غير متواجد حالياً

افتراضي رد: بحث متكمل عن بولس رسول الأمم

من المعلوم الآن أن عبارة ترفس مناخس كانت تعبيرا يونانيا عن مقاومة الآلهة، وربما كان معروفا فى الدوائر اليهودية أنها نوع من الأمثال التي تستخدمها الأمم، ويحتمل جداًأن بولس في حديثه إلي أغريباس الثاني، أضاف هذه العبارة إلي كلمات الرب يسوع، ليدرك الملك ـ الذى كان لسانه وفكره يونانيين أساساًـ أن هذا الصوت من السماء كان توبيخاًمن الله له هو أيضاً، ولم يكن ذلك ضرورياًلبولس ( أعمل 9 )، ولا لسامعيه من اليهود في أورشليم (أعمال 22 )، لأن صوتاًمن السماء كان له مغزاه الواضح لأي يهودي ولكن بولس، لكى يوضح للأمم الرؤيا التي رأها، وجد أن هذه العبارة اليونانية يمكن أن توضح معنى كلمات الرب يسوع كما فهمها هو.

ثم هناك المعضلة المتعلقة بوقت تكليف بولس بالكرازة للأمم، وهى معضلة أصعب من سابقتها. فإننا نفهم من الأصحاح التاسع من سفر الأعمال، أن حنانيا الذي أرسله الرب لبولس ليفسر له معنى الرؤيا التي رأها في الطريق إلى دمشق، هو الذى أخبر بولس بإرساله إلى الأمم. ولكن في الأصحاح الثاني والعشرين ـ مع إشارته إلى خدمة حنانيا ـ نجد أن هذه الأرسالية جاءته في رؤيا آخرى وهو يصلي في الهيكل في أورشليم ( أع 22 : 17 ـ 21 ). كما أننا نفهم من الأصحاح السادس والعشرين أن الإِرسالية جاءته من الرب بينما كان بولس في طريقه إلى دمشق.

وعلى أي حال، فان لقاءه مع يسوع، وخدمة حنانيا، والرؤيا الثانية ـ التي جاءته في الهيكل تأكيداًللرؤيا الأولي ـ كانت كلها بالنسبة لبولس فصولاًفي حادثة واحدة. والواقع أنه عندما يتكلم بالتفصيل عن خدمته للأمم، في رحلته الكرازية الأولى، فإنه كان مازال يرى هذا التكليف الثاني امتداداًلإِرساليته الأولي. والأرجح أن الأصحاح التاسع يروي لنا التتابع الواقعي للأحداث المتعلقة بتجديد بولس. وفي الأصحاح الثاني والعشرين ,يضيف تلك الرؤيا التأكيدية التي رآها في أورشيلم بعد تجديده بنحو ثلاث سنوات، أما الأصحاح السادس والعشرون فهو شهادة موجزة أمام الملك، حيث أن رواية التفصيلات خطوة بخطوة أمام الملك ومن معه، تبدو شيئاًمملاً، علاوة على أن الأحداث كلها كانت تبدو لبولس حدثاًواحداًمتصلاً.

وقد أعقب تجديده مباشرة قضاء ثلاث سنوات ما بين العربية ( صحراء النبطيين ؟ ) ودمشق ( غل 1 : 17و18 ). ويبدو أن بولس في تلك الأثناء كان يعيد تقييم حياته وفهمه للأسفار الإِلهية، على أساس أن المسيح هو مركزها. وكان يشهد لليهود أن يسوع هو ابن الله و محققاًان هذا هو المسيح ( أ ع 9 : 20 ـ 22 ).

ومع أن الكتاب لا يذكر شيئا عن أهمية تلك الفترة لبولس شخصيا، إلا انها كانت ـ بلا شك ـ فترة فيها أعلن له الروح القدس الكثير عن شخص المسيح ومضامين الرسالة التي كلفه بحملها إلى الامم.

ب- الأحدث السابقة الممهدة : ليس فى العهد الجديد ما يدل على أن بولس قد راى المسيح في أثناء حياته على الأرض. أما ما جاء فى رسالته الثانية إلى الكنيسة كورنثوس عن معرفة المسسيح حسب الجسد ( 5 : 16)، فالتفسير الصحيح لذلك هو أن معرفة المسيح السابقة كانت مبنية على أسس دنيوية، ومن ثم فلا أهمية لها بالنسبة للقضية المعروضة. وبكل تاكيد، كان لشخصية المسيح ودعواه ـ مما وصله من التقارير اليهودية وشهادات المسيحيين ونظرة الفريسيين إليه ـ أثر بالغ في بولس، فلا يمكن أن يقوم إنسان بمثل هذه الحملة من الاضطهاد لو لم يكن قد وصله ما يعده كافياًلاشتعال الكراهية في نفسه. فيبدو أن ماكان بولس يعلمه عن المسيح ـ قبل تجديده ـ قد أشعل عدأوته ـ مقتنعاًبأن يسوع كان مجرد محتال، وإن تلاميذه يشكلون خطرا شديداًعلى مستقبل الأمة بكرازتهم بهذه الأوهام.

يزعم البعض أن تجديد بولس، كان قد مهد له اتصاله بالمسيحيين، وانه تأثر ـ دون أن يدري ـ بمنطق حوارهم وما تتميز به حياتهم من نشاط، وثباتهم أمام الاضطهادات. ويربط لوقا ـ بكل تأكيد ـ بين استشهاد استفانوس واضطهاد المؤمنين وتجديد بولس.

ولكن ليس ثمة تأكيد على الارتباط المنطقي، فمن المستحيل إذاًأن نتحدث ـ بكل ثقة ـ عما كان يعتمل في عقل بولس الباطن. وليس من المجدى أن نحاول تحليل الأمر نفسياًبعد مرور ألفين من السنين، ومع ذلك فالأرجح ان بولس شرع في اضطهاده للمسيحيين وهو يعرف مدى جدية من يضطهدهم، ومدى صلابة عزيمة الشهيد، والآلام المبرحة التي ـ لابد ـ أن يعانيها. ولم يكن التعصب شيئاًغريباًعن فلسطين في أيامه. ومن المحتمل جداًأنه كان مستعداًلتحمل الاجهاد العاطفي في اضطهاد من كان يعتقد أنهم أعداء مخدوعون وخطرون. وليس لنا أن نفترض أن منطق المبشرين المسيحيين قد أثر فيه أثراًبالغاً، فإشاراته ـ فيما بعد ـ إلى عار الصليب، تدل على أن الصليب كان أكبر حجر عثرة أمامه، لا يمكن لأي منطق أو حجة مهما بلغت أن ترفعه ( اكو 1 : 23، غُل 11:5 )

ومع أنه يعترف ـ فيما بعد ـ بما كان لحياته فى الديانة اليهودية واتصالاته بالمسيحيين، من قيمة توكيدية، فإنها ـ كما يبدو ـ لم تكن هى العوامل التي أوصلته إلى النقطة الفاصلة. أن مقابلته للمسيح في الطريق إلى دمشق، كانت هى وحدها الكفيلة بأن تجعل الربي اليهودي الشاب، يعيد النظر في موت يسوع. أن مقابلته مع المسيح المقام، هي وحدها التي اقنعته ان الله قد اثبت صحة كل دعاوي وعمل المسيح الذى كان هو يضطهده. ومن وجهة النظر البشرية، كان بولس محصناًتماماًضد الإِنجيل، ومع أنه كان رجلا منطقيا، إلا أنه كان واثقاًمن أنه لا يمكن أن يوجد دليل يمكن أن يغير نظرته للصليب، حيث أنه كان يرى أن المسيح قد مات موت المجرمين. ولكن الله يقدم الدليل للجادين المخلصين ليقنعهم ويقودهم إلى الحق، لهذا فان الله السرمدي قد سُرَّ ـ كما يقول بولس نفسه وهو يستعيد ذكرياته ـ أن يعلن ابنه فيَّ ( غل 1 : 16 )، وهكذا أمسك الرب يسوع ببولس وجعله خادماًله ( في 3 : 12 ).

جـ - القناعات الناتجة : بعد أن تقابل بولس مع المسيح في الطريق إلى دمشق، أصبحت لديه ثلاث قناعات واضحة تمام الوضوح لا يستطيع منها فكاكاً:

1-إن غيرته الشديدة، وامتيازاته العظمى، ويقينه بأنه يفعل إرادة الله، وكل حياته في الديانة اليهودية، كل هذه كانت موضوع توبيح من الله. لقد جاءة صوت من السماء لتصحيح مفاهيمه، ولم يعد هناك مجال لقول آخر. لقد تشبث بناموس موسى باعتباره السلطة العليا، ولكنه لم يدرك أنه سلطة وسيطة، أي أن الناموس قد أعطي كمودب ليقود الناس إلى الإِيمان بالمسيح يسوع ( غل 3 : 19 ـ 24 )، وحيث أن المسيح قد جاء، وأذيعت رسالة الإِنجيل، فإن رفض من يتكلم عنه الناموس، وتوقير الحرف عن الشخص ـ الذى هو موضوع الحرف ـ إنما هو نكسة أو رجوع إلى الأركان الضعيفة الفقيرة ( غل 3 : 25 ـ 4 : 11 ).

2- لم يكن فى استطاعته الهروب من تلك النتيجة، وهي أن يسوع الذي كان يضطهده، حي وأنه واحد مع الآب الذي كان إسرائيل يعبده. فعليه إذا أن يراجع كل أفكاره عن حياة الناصري وتعليمه وموته ، لأنه من الواضح الجلي ان الله قد اثبت صدقه بصورة تسمو فوق كل جدل أو شك، فأصبح مضطراًإن يوافق المسيحيين على أن موت المسيح على الصليب، لم يكن دليلاًعلى انه كان مضللاً، بل كان تدبير الله من اجل خطية الإِنسان، وكان اتماماًللنبوات. كما وجد نفسه مضطراًللاعتراف بأن قيامة المسيح ـ إتماماًأيضاًللنبوات ـ كانت برهاناًقاطعاًعلى كل هذه الحقائق، وأن فيها يقين الحياة لكل من يؤمن بالمسيح ( اكو 15 : 3 ـ 20)، ووجد فى تسليمه للرب المقام، إتماماًلوعد العهد القديم وكل انتظاراته، كما وجد فيه البر الحقيقي والشركة العميقة مع الله.

3- القناعة الثالثة التي أصبحت واضحة أمام بولس، هى أن الرب يسوع المسيح قد اختاره ليكون رسولاًللأمم يحمل إليهم رسالة الرب الذي صُلب وقام، ولكى يأتي بهم إلى وحدة الجسد الواحد فى المسيح ( رو 11 : 13، 15 : 16، غل 1 : 11 ـ 16، أف 3 : 8 )، فلم يكن بولس يري مطلقاًأنه يختلف في شيء عمن سبقوه من الرسل، فى مضمون الإِنجيل، ولكنه كان واثقاًـ كما ثبت كتاباته ـ أن الرب أعطاه فهماًجديدا لتدبير الفداء، وهذا هو ما يسميه إنجيلي ( رو 2 : 16، 16 : 25) مؤكداًدائماًأنه قد أعُطي له بإعلان خاص من يسوع المسيح ( غل 1 : 1و11و12، أف 3 : 2و 3 ). ومع أنه أدرك من رؤى واعلانات آخرى أن الإِنجيل يعنى المساواة التامة بين اليهود والأمم أمام الله، وأنه لا خطا اطلاقاًفى الأتصال المباشر بالأمم فيما يتعلق بالرسالة المسيحية، إلا أنه ظل يؤكد دائماًأن إرساليته للأمم قد جاءته منذ تجديده.

د ـ خدمته ليهود الشتات : لقد صرف بولس ثلاث سنوات بعد تجديده، فى المنطقة المحيطة بدمشق ( أع 9 : 19 ـ 22، غل 1 : 17، 18 ). والأرجح أن العربية المذكورة هنا تشير إلى المنطقة التي كانت تحت سيادة النبطيين، والتي كانت دمشق عاصمة لهم في الكثير من العهود. وفى تلك الأثناء كرز بولس بأن يسوع هو المسيح وأنه ابن الله ( أع 9 : 20و 22 ). وفى نهاية مدة اقامته فى دمشق، اضطر أن يهرب متدليا من طاقة فى زنبيل ( سل ) من السور ( أ ع 9 : 23 - 25، 2 كو 11 : 32 و 33 ). وحديثه عن هذا الحادث فى رسالته الثانية إلى كورنثوس، يدل على أنه حدث عندما كان الملك النبطي أرتياس ( الحارث ) يحكم دمشق. وتدل النقود الدمشقية الأثرية على أن دمشق كانت تحت الحكم المبإشر لروما فى 33 - 34 م، وهذا معناه أن مغادرة بولس للمدينة، التي حدثت فى أثناء حكم الحارث، كانت _ على الأرجح _ فى السنوات الأخيرة من حكم طيباريوس قيصر، وإن كان من المحتمل أنها حدثت بعد اعتلاء كاليجو لا العرش فى 37 م. وعلى هذا الأساس يكون تجديد بولس قد حدث فيما بين 32 - 35 م، وواضح أن القطع في هذا الأمر مستحيل أمام عدم وجود بيانات آخرى.

وعندما وصل بولس إلى أورشليم، شرع في الكرازة لليهود اليونانيين، وهى الخدمة التي أهملت منذ استشهاد استفانوس، ولكنه واجه نفس المقأومة، التي كان أحد قادتها فيما مضى، ويبدو أنه تعرض لنفس الموقف الذي كلف استفانوس حياته ( أ ع 9 : 26 - 29 ). والأرجح أن تلك كانت الزيارة التي مكث فيها خمسة عشر يوماً، والتي ذكرها في رسالته إلى غلاطية ( غل 1 : 18- 20 ). وواضح أن الكنيسة في أورشليم لم تشأ أن تتعرض لنفس السلسلة من الأحداث التي أعقبت كرازة استفانوس، لأنه عندما أدرك الإخوة خطورة الموقف، أحضروه إلى قيصرية وأرسلوه إلى طرسوس ( أ ع 9 : 30 ). ومع أن ذلك لم يكن أمراًمقبولاًمن وجهة نظر بولس، إلا أنه كان من ترتيب عناية الله، لأنه وهو يصلى في الهيكل رأى رؤية لم تؤيد رسوليته للأمم فحسب، بل وجاءه الأمر بأن يسرع ويخرج عاجلا من أورشليم ( أ ع 22 : 17 -21 )

يتبع
  رد مع اقتباس