عرض مشاركة واحدة
قديم 24 - 01 - 2013, 01:30 PM   رقم المشاركة : ( 7 )
the lion of christianity Male
سراج مضئ | الفرح المسيحى


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1024
تـاريخ التسجيـل : Jan 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : U.S.A
المشاركـــــــات : 753

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

the lion of christianity غير متواجد حالياً

افتراضي رد: قراءة مباشرة لكتاب الثالوث الأقدس المطران كيرلس سليم بسترس


الفصل الرابع

عصمة الكنيسة


1- أساس ثبات الكنيسة في الحق

"اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس. وعلّموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به. وها أناذا معكم كل الأيّام إلى انقضاء الدهر" (متى 28: 20).

إنّ يسوع قد أوصى تلاميذه بأن يتلمذوا جميع الأمم ويعلّموهم، ووعدهم بأنه سيكون معهم كل الأيّام إلى انقضاء الدهر. وفي عشائه الأخير معهم وعدهم بأن يرسل إليهم الروح القدس الذي دعاه "روح الحق"، وهو الذي سيعلّمهم كلّ شيء: "إن كنتم تحبوني تحفظون وصاياي. وأنا أسأل الآب فيعطيكم محاميا ليقيم معكم إلى الأبد، روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله لأنّه لا يراه. ولا يعرفه، أمّا أنتم فتعرفونه، لأنّه يقيم معكم ويكون فيكم" (يو 14: 15- 17).

وعندما اعترف بطرس بأنّ يسوع هو "المسيح ابن الله الحي"، قال له يسوع: "طوبى لك، يا سمعان ابن يونا، فإنّه ليس اللحم والدم أعلنا لك هذا، بل أبي الذي في السماوات. وأنا أقول لك: أنت الصخرة، وعلى هذه الصخرة سأبني كنيستي، وأبواب الجحيم لن تقوى عليها" (متى 16: 18).

نؤمن أنّ أبواب الجحيم لن تقوى على الكنيسة. فالمسيح سيكون معها إلى انقضاء الدهر. والروح القديس، روح الحق، سيمكث فيها ليحفظها في الحق. لذلك يدعو بولس الرسول الكنيسة "عمود الحق وقاعدته" (1 تي 3: 15)، ويعلن: "إن بشّركم أحد- وإن يكن نحن أنفسنا، أو ملاكًا من السماء- بإنجيل آخر غير الذي بشّرناكم به، فليكن مبسلاً"؟ ثمّ يضيف مكرّرًا: "لقد قلنا لكم من قبل، وأقول الآن أماً: إن بشّركم أحد بخلاف ما تلقّيتم، فليكن مبسلاً" (غلا 1: 8، 9).

يقول القدّيس إيريناوس: حيث الكنيسة هناك أيضاً روح الله. وحيث روح الله هناك الكنيسة وكل نعمة، والروح هو الحق. الروح القدس هو روح الآب، والآب الذي أوحى إلى بطرس والرسل بإيمانهم سيقود الكنيسة على مدى الأجيال بروحه القدّوس ويحفظها في الإيمان الحق. والروح القدس هو أيضاً روح يسوع. ويسوع الذي علّم تلاميذه لا يزال اليوم أيضاً بروحه القدّوس يعلّم الكنيسة. وهذا الروح سيمكث في الكنيسة إلى الأبد. لذلك نؤمن أنّ الكنيسة ستثبت إلى الأبد، وأنّها ستثبت في الحق.

إنّ ثبات الكنيسة في الحق يتحقّق على صعيدين، صعيد الإيمان وصعيد العقائد.

ء) الإيمان اشتراك في حقيقة الله

الإيمان التزام كلّي به. يعتنق الإنسان الله معتبراً إيّاه الحقيقة القصوى له وللكون بأسره. وهذا الالتزام يشمل الإنسان في كل أبعاده: في عقله وإرادته، في تفكيره ومحبته. "والإيمان لا يخزي"، أي إنّه لا يمكن أن يقودنا إلى الضلال، لأنّه نعمة من الله. فالله هو الذي يجذب الإنسان إليه: "ما من أحد، يقول يسوع، يقدر أن يأتي إليّ إن لم يجتذبه الآب الذي أرسلني" (يو 6: 44). لذلك فالإيمان هو اشتراك في حقيقة الله.

ب) العقائد تعبّر عن إيمان الجماعة

الإيمان بحاجة إلى تعبير، لأنّه بدونه يبقى غامضاً. لكنّ هذا التعبير، قبل أن يكون تعبير الشخص المؤمن، هو أوّلاً تعبير الجماعة المؤمنة، أي الكنيسة. فالإنسان يولد في كنيسة مؤمنة قد سبقته في الإيمان. والكنيسة منذ الرسل قد أعلنت إيمانها في تعابير استقتها من أقوال المسيح، وأقوال الرسل الذين عاشوا معه وآمنوا به. وقد تطوّرت تلك التعابير إلى أن صاغها آباء الكنيسة الأولى وأعلنتها المجامع المسكونية في عقائد إيمانية.

2- عصمة الكنيسة في إعلانها عقائد الإيمان

إنّ وجود الروح القدس في الكنيسة هو الذي يجعلها "في الحق" في كل ما تعلّمه من شؤون الإيمان والآداب. فالمسيحي الذي يؤمن بمَا تعلّمه الكنيسة ويعمل بمَا تأمر به يمكنه أن يثق الثقة التامة أنّه في الحق. وللتعبير عن هذا الأمر، درج في الكنيسة الغربية منذ القرن الرابع عشر استعمال لفظة "العصمة"، أي إنّ الكنيسة معصومة عن الخطأ والضلال في كل ما تعلّمه من عقائد الإيمان والحياة المسيحية.

من هو المعصوم في الكنيسة؟

إنّ أوّل ما يتبادر إلى أذهان المسيحيين ولا سيّمَا الكاثوليك منهم، لدى طرح هذا السؤال، هو عصمة أسقف رومة التي حدّدها المجمع الفاتيكاني الأوّل سنة 1870 وعاد فأكّدها المجمع الفاتيكاني الثاني سنة 1964. لكنّ عصمة أسقف رومة يجب ألاّ تُفصل عن عصمة سائر الأساقفة وعن عصمة الشعب المسيحي. بمجمله. وهذا ما أكّده المجمع الفاتيكاني الأول نفسه بقوله إنّ اسقف رومة، في بعض الظروف الخاصة التي سنحدّدها، "يملك تلك العصمة التي شاء الفادي الإلهي أن يمدّ بها كنيسته..". والكنيسة هي أوّلاً شعب الله بمجمله. والمجمع الفاتيكاني الثاني عاد فأكّد الأمر نفسه. لذلك سنتكلّم أوّلاً عن عصمة الشعب المسيحي، ثمّ عن عصمة الأساقفة الملتئمين في المجامع المسكونية أو المتّفقين على عقيدة إيمانية خارج تلك المجامع، وأخيرًا، وفي اللاهوت الكاثوليكي، عن عصمة أسقف رومة.

ء) عصمة الشعب المسيحي

لقد أعاد المجمع الفاتيكاني الثاني التوازن في هويّة الكنيسة بين الشعب والأساقفة. ففي دستوره العقائدي "في الكنيسة"، بدأ في الفصل الثاني بالحديث عن "شعب الله"، قبل التطرّق، في الفصل الثالث، إلى "نظام السلطة في الكنيسة ولا سيّمَا الأسقفية". ونتج من ذلك، في موضوع العصمة، تأكيد عصمة الشعب بمجمله قبل تحديد عصمة الأساقفة وعصمة أسقف رومة، أوّل الأساقفة. يقول عن عصمة الشعب:

إنّ شعب الله المقدّس يشترك أيضاً في وظيفة المسيح عندما يؤدّي له، ولا سيّمَا بحياة الإيمان والمحبة، شهادة حيّة، وعندما يقرّب لله قربان الحمد، ثمرة الشفاه المعترفة باسمه وإنّ جماعة المؤمنين الذين نالوا مسحة القدّوس (1 يو 2: 20، 37) لا يمكن أن تضلّ في الإيمان. وتظهر هذه الخاصة التي تتميّز بها، بواسطة حاسة الإيمان الفائقة الطبيعة التي يملكها الشعب بأسره عندما يجمع رأيه، "من الأساقفة إلى آخر المؤمنين العلمانيين"، على قضية إيمانية أو أدبية. ذلك بأن شعب الله، بقوّة حاسة الإيمان هذه التي يوقظها فيه روح الحقيقة ويسندها، وبقيادة السلطة المعلّمة المقدّسة التي يتسلّم منها، بخضوع وأمانة، لا كلام الناس بل كلام الله حقًا، يتمسّك تمسّكًا ثابتًا بالإيمان الذي سلّم للقدّيسين دفعة واحدة (يهو 3)، ويمكّنه استواء حكمه من فهمه فهمًا أعمق، ومن وضعه في حياته موضع العمل على وجه أكمل" (دستور عقائدي في الكنيسة، 12).

إنّ الكنيسة الشرقية تؤكّد بنوع خاص عصمة الشعب المسيحي. فالرسالة العامة التي أذاعها مجمع البطاركة الأرثوذكسيين سنة 1848 تقول: "إنّ شعب الكنيسة كلّه هو الذي يحفظ التقوى والإيمان". ولا تناقض بين الشعب والسلطة المعلّمة، أي الأساقفة، لأنّ الأساقفة هم أيضاً أعضاء في شعب الله. جميع الأعضاء، كما يقول المجمع الفاتيكاني الثاني معيداً نصِّاً من القدّيس أغوسطينوس، "من الأساقفة إلى آخر المؤمنين العمانيين"، يحفظون الإيمان بإرشاد الروح القدس. فالسلطة المعلّمة هي أيضاً سلطة متعلّمة بخضوعها للروح القدس.

ويتكلّم المجمع أيضاً عن "حاسة الإيمان". فإنّ حاسة الإيمان هذه قد تخلق في الشعب المسيحي تيارات واتجاهات تسبق أحيانًا قرارات السلطة المعلّمة، أو بالأحرى هي أمر مشترك بين جميع أعضاء الشعب المسيحي من أساقفة وعلمانيين. وإنّ القرارات التي تتّخذها السلطة المعلّمة هي حصيلة انفتاح الأساقفة والعلمانيين معًا على عمل الروح القدس الواحد الذي يعمل في الكنيسة وفي جميع أعضائها ليحفظهم في الحق.

ب) عصمة الأساقفة والمجامع المسكونية

إنّ الرسل كانوا أوّل سلطة معلّمة معصومة في الكنيسة، وقد عاشوا مع المسيح وكانوا شهودًا لقيامته، وحلّ عليهم الروح القدس وثبّتهم في الكرازة والتعليم والتقديس ورعاية الكنيسة. ولقد مارسوا سلطتهم التعليمية بشكل جماعي ولا سيّما في مجمع أورشليم. وكانت الكنيسة الرسولية في أيّام الرسل تلتئم حولهم وترجع دوماً إليهم للمحافظة على الإيمان الحق والتعليم القويم. ولقد وضع الرسل أيديهم على بعض معاونيهم ومنحوهم الروح القدس وجعلوا منهم أساقفة للمحافظة على "صورة الكلام الصحيح" و"الإيمان القويم" و"الوديعة". وهذا ما أكّده المجمع الفاتيكاني الثاني الذي يضيف: "وهكذا؟ كما يشهد القديس إيريناوس، أظهر التقليد الرسولي وحفظه في العالم أولئك الذين أقامهم الرسل أساقفة، ثم خلفاؤهم من بعدهم حتى يومنا هذا" (دستور عقائدي في الكنيسة، 20).

فبعد الحديث عن "أولى مهامّ الأسقفية التي هي الدعوة بالإنجيل" والتعليم، يتطرّق المجمع إلى عصمة الأساقفة فيقول: "ولئن يكن الأساقفة لا يتمتّعون، منفردين، بامتياز العصمة، فإنّهم، على ذلك- وإن منتشرين في العالم ولكن متّحدين في ما بينهم ومع خليفة بطرس برباط الشركة - إذا اتفقوا على التعليم، بوجه صحيح، بأن عقيدة تتعلّق بالإيمان والآداب تلزم بوجه مطلق، فتعليمهم إذّاك تعليم المسيح يعبّرون عنه بعصمة. ويظهر الأمر بوجه أجلى عندما، في المجمع المسكوني الذي يجمعهم، يكونون، بالنسبة إلى مجموع الكنيسة وفي مادّة تتعلّق بالإيمان والآداب، معلّمين وقضاة تستلزم تحديداتهم القبول في طاعة الإيمان. إنّ هذه العصمة التي شاء الفادي الإلهي أن يمدّ بها كنيسته لكي تحدد التعليم المتعلّق بشؤون الإيمان والآداب، إنّما تتّسع اتّساع مستودع الوحي الإلهي بالذات الذي يجب الحفاظ عليه بقداسة، وعرضه بأمانة" (رقم 25).

فإنّ الأساقفة لا يتمتّعون، منفردين، بامتياز العصمة، أي إنّ الأسقف، في تعليمه الخاص الاعتيادي، يمكن أن يضلّ. وكذلك المجامع الإقليمية. فالأساقفة يتمتّعون بالعصمة في حالتين: أوّلاً، إذا علّم جميع الأساقفة المنتشرين في العالم والمتّحدين بخليفة بطرس أنّ عقيدة تتعلّق بالإيمان والآداب تلزم بوجه مطلق، وثانيًا، إذا حدّدوا العقائد في المجامع المسكونية.

المجامع المسكونية في اللاهوت الكاثوليكي

ثلاثة شروط يحدّدها القانون الكاثوليكي الروماني لصحة المجامع المسكونية:

أوّلاً، يجب أن يدعى إلى المجمع جميع أساقفة الكنيسة الذين لهم سلطة الولاية على إحدى الأبرشيات.

ثانيًا، يجب أن يكون عدد الأساقفة الذين حضروا المجمع كافيًا بحيث يمثّلون في الواقع كل الكنائس.

ثالثًا، يجب أن يوافق البابا على مبدأ الدعوة إلى المجمع، وأن يرئس المجمع شخصيًا أو بواسطة مندوبيه، وأن يثبّت قراراته.

المجامع المسكونية في اللاهوت الأرثوذكسي

يعتبر اللاهوت الأرثوذكسي هذه الشروط القانونية غير كافية. يقول أحد اللاهوتيين الأرثوذكسيين المعاصرين:

"إنّ التاريخ يبرهن أ

إنّ عصمة أسقف رومة قد حدّدها المجمع الفاتيكاني الأوّل سنة 1870، وثبّتها من جديد المجمع الفاتيكاني الثاني سنة 1964. يقول المجمع الفاتيكاني الأوّل:

"إنّ أسقف رومة، عندما يتكلّم "من على السدّة"، أي بصفته راعياً ومعلّمًا لجميع المؤمنين المسيحيين، فيحدّد، بقوّة سلطته الرسولية العليا، أن تعليمًا في موضوع الإيمان والآداب يجب أن تعتنقه الكنيسة كلّها، يملك، من جرّاء العون الإلهي الذي وُعد به في شخص القدّيس بطرس، تلك العصمة التي شاء الفادي الإلهي أن يمدّ بها كنيسته عندما تُحدّد عقيدة في موضوع الإيمان والآداب. لذلك فإنّ تحديدات الحبر الروماني غير قابلة للتعديل، وذلك بقوّتها الذاتيّة، لا بقوّة إجماع الكنيسة عليها".

ويقول المجمع الفاتيكاني الثاني:

"إنّ هذه العصمة التي شاء الفادي الإلهي أن يمدّ بها كنيسته لكي تحدّد التعليم المتعلّق بشؤون الإيمان والآداب، إنّما تتّسع اتّساع مستودع الوحي الإلهي بالذات الذي يجب الحفاظ عليه بقداسة وعرضه بأمانة. وهذه العصمة يتمنعّ بها الحبر الروماني، رئيس هيئة الأساقفة، بحكم مهنته بالذات، عندما بصفته راعيًا ومعلّمًا أعلى لجميع المؤمنين المسيحيين ومكلَّفًا تثبيت إخوته في الإيمان (راجع لو 22: 32)، يعلن، بتصميم مطلق، عقيدة تتعلّق بالإيمان والآداب. لذلك يقال بحق عن التحديدات التي يعلنها إنّها غير قابلة للتعديل بقوّتها الذاتية لا بقوّة إجماع الكنيسة عليها، لأنّها صدرت بمعونة الروح القدس التي وُعد بها في شخص القدّيس بطرس، ولا يعوزها من ثمّ موافقة الغير، ولا يمكن أن تكون موضع استئناف إلى محكمة أخرى. ذلك بأنّ الحبر الروماني لا يصدر الحكم بصفته شخصاً منفردًا، وإنّما يعرض عقيدة الإيمان الكاثوليكي ويذود عنها بصفته، للكنيسة الجامعة، المعلّم الأعلى الذي يستقرّ فيه، بصفة فريدة، امتياز العصمة الذي هو امتياز الكنيسة بالذات. والعصمة التي وُعدت بها الكنيسة مستقرّة أيضاً في هيئة الأساقفة عندما تمارس سلطانها التعليمى الأعلى بالاتّحاد مع خليفة بطرس. ولا يمكن البتة ألاّ تقبل الكنيسة هذه التحديدات لأن فعل الروح القدس الواحد هو الذي يحفظ وينمي، في وحدة الإيمان، قطيع المسيح كلّه" (دستور عقائدي في الكنيسة، 25).


  رد مع اقتباس