ثالثًا- ماذا بقي اليوم من هذا النقاش بين الكاثوليك والبروتستنت؟
يُعتبر اليوم النقاش الذي جرى بين الكاثوليك والبروتستنت في القرن السادس عشر أمراً عفّاه الزمن. ويمكننا اليوم أن نرى بوضوح كيف كان كل فريق يؤكّد بشدة ناحية معيّنة من العقيدة الواحدة. وبلغت حدّة النقاش بالبعض إلى مواقف متصلّبة منافية لتعليم كنيستهم. نذكر على سبيل المثال قول أحد اتباع لوثر الغيورين، نيكولا فون امسدورف: "إن الأعمال الصالحة مضرّة للخلاص وللحياة الأبديّة". ان نقطة انطلاق لوثر هي مجانيّة الخلاف، إلا أن قولا كهذا يناقض آراءه التي نجد فيها اعتدالا. فمع تشديده على مجانيّة الخلاص وأوّلية الإيمان بالنسبة إلى الأعمال، يعتبر، في تقديمه للرسالة إلى الرومانيين في طبعته الألمانيّة للكتاب المقدّس، أن "الإيمان الحيّ والقويّ لا يسعه إلا أن ينتج عنه باستمرار عمل الخير".
من جهة أخرى يجب قراءة تأكيدات المجمع التريدنتينيّ للأعمال الصالحة على ضوء ما يقوله في نهاية الفصل السادس عشر في أوّلية نعمة الله: "إن محبة الله للبشر عظيمة إلى حد أنها تجعل من مواهبه استحقاقات لهم".
نخلص إلى القول إن الأعمال الصالحة التي يقوم بها المؤمن لا بدّ منها للخلاص. ذلك أنها الدليل في آن واحد على صحّة إيمانه وعلى نعمة الله التي تعمل فيه.