عرض مشاركة واحدة
قديم 24 - 01 - 2013, 01:04 PM   رقم المشاركة : ( 22 )
the lion of christianity Male
سراج مضئ | الفرح المسيحى


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1024
تـاريخ التسجيـل : Jan 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : U.S.A
المشاركـــــــات : 753

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

the lion of christianity غير متواجد حالياً

افتراضي رد: قراءة مباشرة لكتاب الثالوث الأقدس المطران كيرلس سليم بسترس



الفصل الرابع

الثالوث الأقدس في واقع حياتنا المسيحية


في نهاية هذا البحث، الذي عرضنا فيه للثالوث الأقدس في الكتاب المقدّس وآباء الكنيسة واللاهوت المعاصر، تفسيراً لقانون الإيمان، الذي يعلن الإيمان المسيحيّ بالآب الضابط الكل، وابن الله الوحيد، والروح القدس الربّ المحي، يجدر بنا أن نتساءل: ماذا يعني هذا الإيمان بالنسبة إلى واقع حياتنا المسيحية؟

نبدأ أوّلاً بتفسير الجملة الأخيرة التي وردت في قانون الإيمان عن "الروح القدس، الناطق بالأنبياء"، فنبيّن أنّ الروح القدس لا يزال اليوم أيضاً ينطق بالأنبياء من المؤمنين بالمسيح.

ثم نشرح كيف أنّه، بحلول الروح القدس، اكتمل ظهور الثالوث الأقدس، وانكشف لنا سرّ الله في علاقته بالإنسان وفي حياته الذاتية.

أولاً- "الروح القدس الناطق بالأنبياء"

لماذا يعود قانون الإيمان إلى ذكر الأنبياء بعد ذكر المسيح؟ ألم يقل لنا الروح القدس كلّ شيء في المسيح؟ وماذا يعني اليوم الإيمان بالروح القدس في واقع حياتنا؟ بعد الجولة التي قمنا بها في الطرق المختلفة التي عبّر بها آباء الكنيسة واللاهوت المسيحي عن إيمانهم بالروح القدس عبر القرون، قد يبدو الحديث عن الروح وليد نظريات لاهوتية عفا عنها الزمن وهي بعيدة عن واقع الحياة المسيحية المعاصرة.

ما نقصد إثباته هنا هو أنّه لا يمكن المسيحي أن يفهم معنى عمل الله في العالم أو أي شيء عن كيان الله في ذاته وفي علاقته بالإنسان ما لم يتعمّق في لاهوت الروح القدس، لأنّه بالروح القدس يتَّحد الله بالإنسان ويصل الإنسان إلى الله. فالروح القدس هو الإله الذي كلَّمَ الإنسان بواسطة الأنبياء، وكلَّمَ الإنسان بالمسيح، ولا يزال اليوم يتكلَّم بالوجود المسيحي على مدى الزمن. وهكذا بالروح القدس يكتمل وحي الله الثالوث ووحي عمله في العالم.

1- الروح القدس والأنبياء

يقول بطرس الرسول في رسالته الثانية "لم تأتِ نبوّة قطّ عن إرادة بشر، إنما بإلهام الروح القدس تكلَّمَ رجال الله القدّيسون (2 بط 1: 21). ويردّد يسوع جواباً على التجربة الأولى قول تثنية الاشتراع: "الإنسان لا يحيا بالخبز وحده، بل بكلّ كلمة تخرج من فم الله" (متى 4: 4). فإنّ كلمة الله التي تحي الإنسان هي كلام الروح، والأنبياء هم الأناس الذين أصغوا إليها واستقوا من منهلها وكرزوا بها.

فالإله الذي بشّروا به ليس بصنع مخيّلتهم، بل هو الإله الحيّ الحقيقي الذي منه يستقون الحياة والحقيقة. هو الذي ألهمهم وملأهم من روحه وأرسلهم لإعلان اسمه وإرادته بين الأم. لذلك يبدأون نبؤاتهم بإعلان ارتباط كلامهم بالله: "هكذا يقول الرب". فهم موفدو الرب ينطقون باسمه ويتكلّمون لا لكشف غوامض المستقبل بل لإعلان إرادة الله في الماضي والحاضر والمستقبل وتأكيد محبته الأزلية للبشر.

يعلن بولسّ الرسول أنّ "ما لم تره عين وما لم تسمع به أُذُن ولا خطر على قلب بشر هو ما أعدّه الله لمحبِّيه". ثمّ يضيف: "وهذا قد أعلنه لنا الله بروحه، لأنّ الروح يفحص كلّ شيء حتى أعماق الله. فمَن مِن الناس يعرف ما في الإنسان إلاّ روح الإنسان الذي فيه؟ فهكذا أيضاً ليس أحد يعرف ما في الله إلاّ روح الله". ويردف: "ونحن لم نأخذ روح العالم، بل الروح الذي من الله، لكي نعرف ما أنم به الله علينا من النِعَم، ونتكلّم عنها لا بأقوال تعلِّمها الحكمة البشرية، بل بما يعلِّمه الروح، معبّرين بالروحيّات عن الروحيّات" (1 كو 2: 9- 13).

وعلى نقيض الذين يعلنون اليوم موت الله أو عدم وجوده أو مضرّة التفكير به وعدم جدوى التحدّث عنه، ويقنعون بالكبرياء الإنسانية، يقول النبي مع أشعيا: "السيّد الرب ينبّه أُذنيّ صباحاً فصباحاً لأسمع كالعلماء" (أش 50: 4)، وما يسمعه "يَنْبَأ" في مخدعه الداخلي "ينادي به على السطوح" (متى 10: 27)، فهو يتكلّم كلام الله ويحيا حياة الله، والكلام والحياة عنده لا ينفصلان، فالله هو حبّه الأوحد سواء تكلّم أم عاش.


  رد مع اقتباس