وحتى فون راد الذي من مدرسة نقد الشكل الذي انتقد هذه الصيغة، والذي يُرجع تاريخ سفر التثنية إلى ما بعد 701 ق.م يعترف: «أن المقارنة بين معاهدات الشرق الأدنى القديمة، خاصة تلك التي أجُرِيت بواسطة الحيثيين في القرنين الرابع عشر والثالث عشر ق.م، وبعض فقرات العهد القديم قد كشفت أشياء كثيرة مشتركة بين الاثنين، خاصة في مسألة الشكل أو الصيغة، وأنه لابد أن هناك بعض الارتباط بين معاهدات السيادة هذه وشرح تفاصيل معاهدة يهوه مع إسرائيل التي كانت قد كُتبت في فقرات معينة في العهد القديم». (Von Rad, OTT, 132)
إن الدراسة الحديثة الشاملة عن هذا الموضوع قد قام بها وينفيلد وبينما هو يذهب إلى حد كبير إلى الإبقاء على تاريخ متأخر لسفر التثنية، فإنه كان مجبراً أن يعترف: «أن الأجزاء الرئيسية لمعاهدات دولة الحيثيين... تتوافر كلها في سفر التثنية». (Weinfeld, DDS. 61)
10(ج) التثنية ومعاهدات الألفية الأولى ق.م.
إذا لم نجد أي فروق ممكن إدراكها بين صيغ المعاهدات في الألفية الثانية والأولى قبل الميلاد. حينئذ لا يوجد أي داعٍ لهذا البحث لكي ننسب لسفر التثنية التاريخ التقليدي المبكر للمعاهدات عند مقارنته بالتاريخ الذي أعطاه النقَّاد الراديكاليون للمعاهدات التي كانت في القرن السادس والسابع ق.م. ولكن هذه ليست الحقيقة الواقعة.
في عام 1954 أدرك مندنهال أن نوعية العهود والمواثيق التي وُجدت في الألفية الثانية ق.م في سفر التثنية لا يمكن أن نُثبت أنها بقيت حتى سقوط الإمبراطوريات العظيمة في أواخر الألفية الثانية ق.م. وعندما قامت الإمبراطوريات مرة أخرى، على الأخص الامبراطورية الأشورية، فإن تركيبة العهود والمواثيق التي بها يُلزم الشخص الذي يعطيه سيده الإقطاعي أرضاً تكون مختلفة تماماً. حتى في إسرائيل فإن الكاتب يعترف أن الصيغة الأكثر قِدَما للعهود والمواثيق لم تعد معروفة على نطاق واسع بعد الحكومة الملكية المتحدة. (Mendenhall, LCIANE, 30)