العماد
في الطقس القديم يلتزم المعمد أن يقف في المعمودية حيث تصل المياه إلى وسطه، ويضع الأسقف يده على رأس المعمد وينحني المعمد ثلاث مرات (باسم الثالوث) حيث يصير بأكمله في المياه.
يرى الأب ثيؤدور في هذه الانحناءة علامة قبوله روح التواضع[51].
كانت عادة التغطيس ثلاث مرات في العماد قديمًا تتم باسم الثالوث. يقول القديس ديديموس الضرير بأن اتباع أونوميوس الهراطقة Eunomian heretics يقومون بالتغطيس مرة واحدة إذ لا يؤمنون بالثالوث القدوس، وإنما يمارسون ذلك كموت مع المسيح[52].
يرى القديس كيرلس الأورشليمي أن التغطيس ثلاث مرات يمثل وجود المسيح في القبر ثلاثة أيام[53].
يشير القديس أمبروسيوس إلى الجرن بكونه على شكل القبر[54]
يرى القديسون كيرلس الأورشليمي وأمبروسيوس وسيرابيون أن نزول السيد المسيح إلى الأردن هو الذي أعطى مياه المعمودية قدسيتها، إذ يرى المؤمن أنه في عماده يشارك السيد المسيح خبرته في نهر الأردن[55].
لقد أجل الإمبراطور قسطنطين عماده مترجّيًا أن يتم ذلك في نهر الأردن.
مسحة الميرون
اعتمد السيد المسيح في نهر الأردن، وسُمع صوت الآب: “هذا هو ابني الحبيب”. والمسيحي بعماده يشترك مع السيد المسيح في خبرة الأردن، إذ يتمتع بالبنوة للَّه الآب، لا بالطبيعة كالسيد المسيح بل كنعمة وعطية مجانية توهب بالاتحاد مع الابن الوحيد الجنس، كما يشاركه مسحته المسيانية، فيصير المؤمن ممسوحًا كملكٍ وكاهنٍ.
جاء في القديس أمبروسيوس أن المعمد حديثًا لا يدهن بالميرون بأصبع الأسقف أو الكاهن بل يسكب الزيت على رأسه ليسيل على كل جسده، كما جاء في المزمور: “الدهن النازل على لحية هرون” (مز2:133)[56].
إنه يرى في هذا الطقس رمزًا للحياة الأبدية وملوكية المعمد حديثًا وكهنوته العام (1بط9:2)[57].
يشرح الشماس الروماني يوحنا في القرن السادس مسح رأس المعمد حديثًا بنفس الطريقة[58].
قدم العلامة ترتليان نفس الفكر[59].
يرى الأب ثيؤدور في المسحة رمزًا لدخول المعمد في ملكية اللَّه، وأيضًا بها يصير المسيحي جنديًا لملك السماء، ويجعل منه قطيعًا للمسيح[60].
يعتبر القديس يوحنا الذهبي الفم وثيؤدور هذا الطقس حماية ضد الشيطان. فإنه إذ يرى الشيطان علامة الصليب على المعمد يغمض عينيه[61].
يميز القديس هيبوليتس بين نوعين من الزيت يستخدمان في طقوس العماد، الأول “زيت طرد الشياطين”، والآخر “زيت الشكر”. الأول يُستخدم في المسحة الأولى، والثاني في المسحتين الثانية والثالثة[62].
بالنسبة للقديس أمبروسيوس المسحة ترمز إلى جاذبية المسيح: [سنجري تابعين رائحة ثيابكم[63].]
جاء في الدسقولية أن المسحة علامة “شم معرفة الإنجيل” و “راحة المسيح”[64].
يقول القديس يوحنا الذهبي الفم “الميرون للعروس والزيت للمصارع”[65].
ثوب العماد
كان المعمدون حديثًا في الكنيسة الأولى يرتدون ثيابًا بيضاء بعد عمادهم كرمز للحياة المقامة التي يتمتعون بها، والنقاوة التي تميزهم[66].
اقتبس القديس كيرلس الأورشليمي من إشعياء النبي: “ألبسني ثوب الخلاص، كساني بثوب البهجة” (إش10:61 LXX) وأيضًا (مز2:51؛ نش5:1؛ 5:8 LXX؛ إش18:1؛ جا8:9؛ مت16:5؛ 34:13).
+ الذين يتعهدون واجبات زمنية (كرجال الشرطة والجيش)غالبًا ما يرتدون ثيابهم الملوكية وشارة أمام الجمهور توضح أنهم مأهلون لهذا. إنهم لا يسمحون لأنفسهم أن يمارسوا أمرًا مشينًا يسيء إلى ثيابهم، وإن حاولوا هذا يقوم كثيرون بمنعهم. وإن أراد آخرون أن يأذونهم، فإن ثيابهم التي يرتدونها تحميهم. الآن فإن المعمدين حديثًا يحملون المسيح نفسه، لا على ثيابهم بل ساكنًا في نفوسهم مع أبيه، ويحل الروح القدس أيضًا عليهم. أنهم بالأكثر ملتزمون أن يبرهنوا أنهم محل ثقة، ويظهروا لكل واحد بسلوكهم المدقّق وحياتهم المملوءة حرصًا أنهم يرتدون شارة ملوكية[67].