ب- الدور الإلهى
إن هذه الحرية المحدودة التى سمح الوحى الإلهى لكتاب الأسفار أن يستمتعوا بها، تقديراً لما فى الإنسان من دوافع ومواهب وعطايا هى أصلاً من الله... لا تعنى إنطلاقة إنسانية يمكن أن تخطئ، تماماً كما ترفض "إملاء" على الإنسان يلغيه تماماً. إن دور الروح القدس هو "عصمة الكاتب من الزلل" ونكرر فى كل: معنى، وفكرة، ومعلومة، وكلمة، وحرف،ونقطة. فإن أى حرف يمكن أن يغير المعنى، وكذلك نقطة صغيرة تغير المفهوم (مثال: الرب راعىّ فلا يعوزنى شئ، اسلكوا بالروح فلا تكملوا شهوة الجسد" (مز 1:23، غل 16:5)...
هناك فرق شاسع بين "فلا"... وبين "ولا"...
لهذا نحن نتمسك بالوحى الحرفى للكتاب المقدس، لا كإملاء من الله حرفاً بحرف، بل كضمان من الله حرفاً بحرف.
والمؤسف أن الكثير من الطوائف البروتستانتية الآن لا تتمسك بهذا الكلام أو الإيمان، ويتصورون أن كلمات المسيح يؤخذ بها، أما كلمات الرسل فلها كرامة أقل، ناسين أو متناسين أنها بوحى من الروح القدس :
+ "كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذى فى البر" (2تى 16:3).
+ "لأنه لم تات نبوة قط بمشيئة إنسان بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" (2بط 21:1).
بل إن الأخطر من ذلك أن بعض البروتستانت يرون أن الوحى هو "الاحساس الداخلى بالنص" (Insight) والذى يختلف من واحد إلى آخر... ولهذا تفرقوا شيعاً كثيرة، بل - وأخطر من ذلك - صار بعضهم "يصوِّتون" (Voting) على أمور كتابية ثابتة مثل "الجنسية المثلية" ويبيحونها، بل يقننوها، بل يجروا مرسمها داخل الكنائس، فى مخالفة صريحة ومفضوحة للكتاب المقدس، فهذه "وصية بولس وليس المسيح" كما قال رئيس أساقفة كنتربرى لقداسة البابا شنوده الثالث، الذى سرعان ما قال له: "وهل بولس يتحدث من نفسه أم بالروح القدس؟!" فصمت قليلاً ثم قال: "بالروح القدس"... ربما خجلاً من قداسة البابا وليس إيماناً بذلك. ولهذا فهم - فى بعض طبعاتهم - يكتبون كلمات السيد المسيح باللون الأحمر، ليميزوها عن كلمات الرسل، ناسين أو متجاهلين، أنهم كتبوها بوحى من الروح، عصمهم من الزلل. إن الأسلوب السليم فى التعامل مع الكتاب المقدس، لا يجب أن يكون فى "درس" (Study) الكتاب، بقدر ما يكون فى "فهم" (Understand) الكتاب، أى "الوقوف تحت" الكتاب، لنفهم معانيه ووصاياه ووعوده وأحكامه، ونطيعها بكل حب وتقدير، موقنين أنها كلمات الله لخلاصنا.
+ "إلى من نذهب، كلام الحياة الأبدية عندك" (يو 68:6).
+ "الكلام الذى اكلمكم به هو روح وحياة" (يو 63:6).
+ "أن كلمة الله حية وفعالة وامضى من كل سيف ذى حدين وخارقة إلى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ ومميزة أفكار القلب ونياته" (عب 12:4).