أين يكمن أصل علم الغيب؟
إنّ أصل هذا العلم هو من الشيطان الّذي كان في الأساس كاملاً في كلّ طرقه، والأعلى في ترتيب الملائكة، والأجمل والأحكم في خلائق الله، حتّى "وُجِدَ فيهِ إِثْم" (حز 28: 11-15)، عندما قال في قلبه: "أصعَدُ إلى السَّماواتِ. أرفَعُ كُرسِيّيِ فَوقَ كَواكِبِ اللهِ، وأَجلِسُ على جَبَل الاجتِماعِ. . . أَصيرُ مِثلَ العَليِّ" (إش14: 12-15).
إنّ رغبة الشيطان في التشبّه بالله جعلته يسقط من موقعه السّماويّ ويصير بعدها "إبليس" (يو 8: 44)، "الشيطان" (متى 12: 26)، "المجرِّب" (متى 4: 3)، "أبو الكذّاب" (يو 8: 44)، "الّذي كان قتّالاً للناسِ مُنذ البَدء" (يو 8: 44)، "رئيس هذا العالم" (يو 14: 30)، و "رئيس سُلطانِ الهواء، الرّوحِ الّذي يَعمَلُ الآنَ في أبناءِ المعصِيَة" (أف 2: 2)، الّذي يسعى أن يُفسد سبل الله المستقيمة.
وهكذا ينقل إبليس خطيّته إلى حياة الناس عبر التجربة الأولى عندما عرض عليهم أن يصيروا مثل الله عارفين الخير والشرّ، زارعاً في البشر رغبة معرفة المجهول والمستقبل (تك 3: 5). وهكذا تكون معرفة الغيب مرتبطة بالخطيّة الأساسيّة الّتي فيها أراد إبليس أن يرتفع على الله، وبعده آدم وحوّاء عبر اختيارهما طريقاً فائقاً للمعرفة غير مرتبط بالله، أملاً في أن يصيرا هما بدورهما آلهة.