إقامة ابن الأرملة :
من ضمن ما يتميز به أولئك الذين قد امتلأوا بالروح القدس انهم يحملون معهم ، أين حلوا ، روح الحياة ، بل روح الحياة المقامة من الأموات .
" وبعد هذه الأمور مرض ابن المرأة صاحبة البيت واشتد مرضه جدا حتى لم تبق فيه نسمة . فقالت لإيليا ما لى ولك يا رجل الله ، هل جئت الى لتذكير اثمى واماتة ابنى " ( 1 مل 17 )
" فتمدد على الولد ثلاث مرات ،
وصرخ إلى الرب وقال :
يارب إلهى ، لترجع نفس هذا الولد إلى جوفه " ( 1 مل 17 : 21 )
" فسمع الرب لصوت إيليا فرجعت نفس الولد الى جوفه فعاش " ( 1 مل 17 : 22 )
إذ كانت أرملة صرفة صيدا تمثل كنيسة العهد الجديد القادمة من الأمم ، فإن ابنها الذى مات يمثل كل نفس بشرية فى العالم ، عملها هو تقديم هذه النفوس الميتة للسيد المسيح واهب القيامة ، لقد اختبر الحياة الجديدة المقامة ، فلا تطيق أن ترى إنسانا ميتا ، لا نفس فيه .
كان إيليا النبى فريدا بين الأنبياء ، فمن جهة قدم أول معجزة لمباركة الطعام يكفى ربما لمدة حوالى سنتين ، ومن جانب آخر آمن بالله القادر أن يقيم من الأموات ، لم يجسر داود النبى أن يطلب من الرب أن يقيم ابنه الذى من بثشبع ، أما إيليا النبى فهو أول نبى طلب بجرأة ودالة لدى الله أن ترجع نفس الولد إلى جسده .
ولكن لماذا سمح الله بموت ابن الأرملة ؟
سمح الله لها بالتجربة كشوكة فى الجسد تنزع عنها حرب الكبرياء ، كانت فى حاجة إلى ضيقة تثبت حياتها فى الرب فلا تتزعزع .
إيليا النبى والوداعة وطول الأناة :
نرى هنا أن إيليا النبى لم يغضب من هذه المرأة حين بادرته بهذا القول الذى يبدو منه روح العتاب .. بل أخذ منها الولد فى دعة وصبر وطول أناة عليها ، لأنها حزينة ومرة النفس بسبب موت ابنها .
ان إيمان ايليا النبى النارى رجل البرية بأن الله يستجيب له ، تأكد له ذلك من خبرات روحية ايمانية عميقة سابقة .
استجاب الرب لصلاة ايليا وأعاد الحياة لأبن الأرملة .
ماذا كان موقف المرأة : " هذا الوقت علمت أنك رجل الله وأن كلام الرب فى فمك حق " – هذا يدل على إيمانها بإله اسرائيل أنه الإله الحى الحقيقى وحده القادر على كل شىء الذى يهب الحياة لكل أحد ... " لأننا به نحيا ونتحرك ونوجد " ( أع 17 : 28 ) .
إيليا ودعوة إلهية للظهور أمام أخاب :
" وبعد أيام كثيرة كان كلام الرب إلى إيليا فى السنة الثالثة قائلا :
أذهب وتراءى لأخاب ،
فأعطى مطرا على وجه الأرض " ( 1 مل 18 ) .
قضى إيليا النبى سنة عند نهر كريث وسنتين ونصف فى صرفة صيدا ...
جاءت الدعوى بالظهور لكى يقدم الله لأخاب فرصة أخرى للتوبة ليس من خلال الكلمات بل من خلال التأديب المر ، بهياج الشعب ضد عبادة البعل وقتل كهنة البعل ، مع تقديم لمسة رجاء قوية حيث يعطى الرب مطرا على وجه الأرض .
لقد انقضت ثلاث سنوات ولا تزال السماء لا تعطى مطرا ، وبدأ الجوع يشتد فى أنحاء السامرة ، كما أن الأودية والأنهار قد جفت مما دفع آخاب أن يتفق مع عوبديا بأن يفترقا كل منهما فى طريق للبحث عن عشب للخيل والبغال لئلا يهلكوا ويموتوا جوعا وعطشا .
بينما كان الشعب فى جوع شديد ، لم يشغل الملك شيئا سوى حياة حيواناته من خيل وبغال ، لم يكن يشغله جوع شعبه .
طلب من المسئول عنها عوبديا أن يشترك معه فى البحث عن ماء فى عيون الماء أو الأودية .
هذا عن الملك ، أما الملكة فكان كل ما يشغلها حتى فى فترة المجاعة أن تبيد أنبياء الرب .
أما الكهنة واللاويون فهربوا ( 2 أى 11 : 13 – 14 ) إلى يهوذا ليخدموا الهيكل هناك . وربما انحرف البعض فأغوتهم إيزابل أن يخدموا البعل وينالوا أجرة عظيمة .
أما أنبياء الرب فغالبا ما كانوا يشهدون للحق على المستوى الفردى أو بين العائلات ، يطلبون الرجوع إلى الله ، لم يكن يوجد لهم موضع لأجتماعات عامة ولا لتقديم ذبائح ، وإنما كانوا يكتفون بالعمل الخفى . شعرت بهم الملكة فسلطت سيفها عليهم لتقتلهم .
وسط هذا الجو الكئيب : لا نعجب من أن يقيم أخاب الشرير هذا التقى وكيلا له ، يثق فيه ويأتمنه على قصره ومملكته ، ففى كل جيل يوجد أناس أمناء خائفو الرب يستخدمهم الله حتى فى وسط الجو الحالك الظلمة .
لم يجد بعض ملوك بابل من يقيمونه وكيلا على كل الأمبراطورية مثل دانيال المسبى ، ولا وجد فرعون من يأتمنه على كل الأمبراطورية مثل دانيال المسبى ، ولا وجد فرعون من يأتمنه على قصره مثل يوسف ، ولا أخاب وجد من هو مثل عوبديا .