5 - ثلاثة أمور مرفوضة:
في قضية التجسد نرفض رفضًا تامًا هذه الأمور الثلاثة ونقول بالصورة القاطعة، وبالقول الفصل:
أ - ليس المسيح إنسانًا فقط، وإن كان قد تأنس.
ب - ليس المسيح نبيًا فقط إن كان قد تنبأ.
ج - ليس المسيح رسولًا فقط، وإن كان الآب قد أرسله.
أ - ليس المسيح إنسانًا فقط وإن كان قد تجسد وتأنس:
لقد خال عند البعض أن السيد المسيح له المجد هو تلك الشخصية الأسطورية، التي تظهر نتيجة لتعطش الأجيال للقوة والجبروت، أو عبادة المثلٍ والعبقريات والنبوغ، مما دعاه أن يسلب لبُ البشرية ويسيطر على فكرها.
فرغم أن السيد المسيح له المجد دعي إنسانًا، إنما هو ليس إنسانًا فقط يتساوى بإنسانيته هذه مع باقي البشر، لأنه له المجد هو الله الظاهر في الجسد. ولقد دعي السيد المسيح له المجد في الإنجيل بهذا اللقب، فالأعمى عندما سألوه عمن فتح عينيه قال: " إنسان يقال له يسوع صنع طينًا وطلى عيني"، والمرأة السامرية تقول عنه: (يو9: 11) هلموا انظروا إنسانًا قال لي كل ما فعلت ألعل هذا هو المسيح؟ (يو4: 29) من أجل هذا أصرت الكنيسة عبر خمسة عشر قرنًا من الزمان، أن لا تؤمن أن في المسيح طبيعتين للإله المتجسد، بل آمنت بأن السيد المسيح له المجد طبيعة واحدة لها الصفات والخصائص التي للطبيعتين، أو قل طبيعة واحدة من طبيعتين، فلا يقول لطبيعتين بعد الإتحاد، ولا قول بامتزاج بين الطبيعتين إذا ما نادينا بطبيعة واحدة لله الكلمة المتجسد.
ب - وليس المسيح نبيًا، وإن قد دعي بهذا اللقب أو قد رآه البعض بهذه الصورة، فموسى النبي يقول عنه: "يقيم لك الرب إلهك نبيًا مثلى" (تث18: 15، 18)، لذا كان السؤال الموجه إلى المعمدان يقول له: "أنبي أنت؟ فقال لا" (يو1: 21، 25).
عندما سأل تلاميذه: "من يقول الناس إني أنا؟ كان من ضمن إجاباتهم أنه واحد من الأنبياء" (مت16: 14، مر8: 28).
وقالت عنه السامرية أرى إنك نبي" (يو4: 19)، وقال عنه الأعمى إنه "نبي" (يو9: 17)، وقال عنه سمعان الفريسي: "لو كان هذا نبيًا لعلم من هذه المرأة وما هو حالها؟" (لو7: 39)، ويوم أن أقام ابن أرمله نايين قال الشعب "لقد قام فينا نبي عظيم وافتقد شعبه" (لو8).
وعرفه تلاميذه على أنه إنسان نبي مقتدر في القول والعمل (لو24: 19) "وكانوا يتعجبون كيف أنه يقوم نبي من الجليل" (يو7: 58) واسموه يسوع ابن يوسف النبي الذي من ناصرة الجليل (مت21: 11).
وعندما صنع معجزات كان الشعب يهتفون قائلين: "بالحقيقة أنت النبي الآتي إلى العالم" (يو6: 14، 7: 40).
ج - هذا يعني أن السيد المسيح له المجد هو واحد من الأنبياء، أو انه مجرد نبي نظيرهم، أن السيد المسيح هو روح النبوة كقول سفر الرؤيا (رؤ19: 10)، "وأنه الذي تنبأت له جميع النبوات"..(لو24: 25)، والذي تكلم عنه جميع الأنبياء (يع5: 10، 2بط3: 2، رؤ10: 17،11: 18، 18: 20).