ثورة أنطاكية
في أنطاكية: ودبَّ النشاط في صفوف قبائل القوط في قطاع الدانوب وحسب يوليانوس لذلك حسابه. ولكنه آثر العمل في الشرق لأنه اعتبر نفسه الاسكندر في دور ثانٍ. فقام إلى أنطاكية قاعدة الشرق الحربية في حزيران سنة 362. وفي أثناء مروره في طرسوس أمر بإعادة أعمدة كانت قد انتزعت من هيكل وثني لتشييد كنيسة منذ أكثر من ثلاثين سنة. ووصل أنطاكية في التاسع عشر من تموز يوم انتحاب العذارى على مقتل اذوناي عشيق عشتروت. وكان ليبانيوس الفيلسوف الأديب في أنطاكية ليعلم فيه إخوته الأنطاكيين، فاستقبل الأمبراطور الجاحد. ولكن أنطاكية كانت قد أصبحت مسيحية فهال يوليانوس إعرض أهلها عن "الدين القويم-الوثني" وقلة اكتراثهم بهياكل "دفنة" المقدسة. فقال في إحدى رسائله إلى الأنطاكيين ما معناه. "هوذا الشهر العاشر شهر لوس الذي تبتهجون فيه بعيد أبولون الإله الشمس. وكانت من واجبكم أن تزوروا دفنة. وكنت أنا أتصور موكبكم لهذه المناسبة شباناً بيضاً أطهاراً يحملون الخمور والزيوت والبخور ويقدمون الذبائح. ولكني دخلت المقام فلم أجد شيئاًَ من هذا. وظننت أني لا أزال خارج المقام فإذا بالكاهن بنبئني أن المدينة لم تقدم قرباناً هذه المرة إلا وزة واحدة جاء بها هو من بيته".
وأكرم يوليانوس ليبانيوس الفيلسوف الوثني ورقى عدداً من الوجهاء إلى رتبة المشيخة فجعلهم أعضاء سناتوس أنطاكية. ووهب للمدينة مساحات كبيرة من أراضي الدولة. ولكن الأنطاكيين المسيحيين قابلوه بالهزء ووجدوا في النقيضين لحيته الطويلة وقامته القصيرة مجالاً واسعاً للعبث والسخرية. وعبثاً حاول ليبانيوس أن يوفق بين الأمبراطور وبين رعاياه الأنطاكيين. ثم اشتد الخلاف وتفاقم الشر حين أخرج الأمبراطور بقايا شهيد أنطاكية القديس بابيلاس من قبره. فغضب المسيحيون لكرامتهم وأحرقوا في الثاني والعشرين من تشرين الأول هيكل أبولون. فأقفل الأمبراطور كنيسة أنطاكية الكتدرائية وأمر بنهبها وتدنيسها. فكسَّر المسيحيون تماثيل الآلهة. واحتج افظويوس أسقف أنطاكية فلم يلقَ إلا الذل والهوان.
وتمادى يوليانوس في ضلاله وأطلق لنفسه العنان فنزع عن ميومة مرفأ غزة رتبتها المدينية لأنها مسيحية وجعلها ضاحية من ضواحي غزة الوثنية. وأعمل السيف في رقاب الكهنة والعذارى في غزة وعسقلان ورمى بأجسادهم إلى الخنازير لتدوسها. وفي بانياس أنزل تمثالاً للسيد المخلص عن قاعدته وحطمه تحطيماً وأقام محله تمثالاً لنفسه. وأحرق القومس مغنوس كنيسة بيروت. وأشعل اليهود النيران في كنيستين من كنائس دمشق. ولقي شماس بعلبك حتفه لأنه اجترأ في عهد قسطنطين فأقدم على قلب الأصنام. وأُحرقت قبور المسيحيين في حمص وحُوّلت كنيستها إلى هيكل لباخوس. وفي حماه أُقيم تمثال لباخوس على مذبح الكنيسة.
وجمع يوليانوس الإمبراطور كثيراً من أموال المسيحيين بدعوى إعا حملة ضد الفرس ، وإمعاناً فى إذلال المسيحيين فى أنطاكية أصدر قانوناً أثناء وجوده فى أنطاكية بتخفيض أسعار المعيشة لكى يستطيع ان يمون جيشة قبل الرحيل بأرخص الأسعار والتكاليف فأدى إلى كساد إقتصادى للبلاد وترك كثير من التجار تجارتهم ، لأنهم فقدوا القوة الشرائية للممولين ، وأدى وجود الجيش وإبتلاعه البضائع والأغذية مرة واحدة وبكثافة شديدة أصبحت جميع الإسواق خالية من البضائع وأفلس التجار وفقدوا مورد رزقهم وإرتفعت البطالة فى البلاد .
فقام ألنطاكيون بمظاهرات صاخبة لأنه شعب لا يحتمل الإثارة ، وليسخروا مما فعله الإمبراطور صنعوا صوراً لذقن الإمبراطور ( وكانت طويلة جداً على حسب ما وصف ) وأخذوا يصرخون بضرورة جزها لعمل حبال المدينة ، لأن الحبال أخذها الجيش ، والحبال تمثل رمز لسلعة واحدة من عشرات من السلع الأخرى .