المسلمون يعذبون البابا القبطى
أوقف رجل الشر سمد ( سعد ) أمامه البابا وقال له : " أريد منك أن تدفع مائه ألف قطعه ( دينار) ذهب التى أمر بها الأمير " فأجاب البابا بهدوء وسكينه: " تطلب منى مائه ألف قطعه ديناراً وأنا لا أملك مائه ألف درهم , لأن إلهى فى شريعته أمرنى أن لا أقتنى المال لأنه أصل كل شر , وما شئت أن تفعل إفعل , وجسدى أمامك بيدك ونفسى وجسدى بيد سيدى يسوع المسيح " ولما سمع الكافر إسم المسيح حنق على البابا للغايه كأن مسه شيطان وأمر عبيده بإحضار قصريه من النحاس مملوءاً جمراً من نار وأوقف البطريرك عليه حتى يدفع ما أمر به الوالى وذاب شحم رجلى البابا من شدة النار وقوتها وشهد الواقفين أن البابا لم يتحرك ولم يلفظ كلمة إستغاثه أو تأوه وأعطاه الرب إلهنا قوة الصبر وإحتمال النار وخيل للواقفين إنما هو يقف على وثير الفراش وناعم الرياش – ولكن إلهنا العظيم لم يرضى بهذا الظلم والإضطهاد فأوقع بزوجه الوالى ضيقه عظيمه وأرسلت أستاذها (رئيس الحرس أو المتولى شئون البيت) إلى سمد ( سعد ) وقالت : " إحذر أن تفعل سوءاً برجل الله البطرك الذى سلموه لك لأن أصابنى بسببه بلايا عظيمه فى هذه الليله " فأوقف تعذيبه ووضعه بالسجن مع رجليه الأخيار الصالحين إلى الغد ليفكر ماذا سيصنع به ؟
وفى الفجر عند صياح الديك ذهب إلى الأمير فأمره الأمير عبد العزيز قائلا : " إياك أن تمس جسده بسؤ لأجل ما نالنا فى هذه الليلة بسببه , لكن مهما قدرت خذه منه بلطف وإلا فلا تقربه بسؤ لأن الله قد أظهر لى أنه عبده فعاد سمد إلى بيته وكان هذا هو يوم الثلاثاء من أسبوع الالام 0
فأحضره أمامه والأغلال فى عنقه والسلاسل فى يديه وكلمه كلاما كثيرا وظن أنه بتهديده سوف يدفع المال الذى طلبه الوالى وأن البابا يظهر فقره ولديه كنوز العالم , فإستحضر ثياب يهودى وأقسم أنه إن إن لم يدفع ما هو مقرر عليه سيلبسه ملابس اليهود إحتقارا له ويلطخ وجهه بالرماد كما تفعل النساء فى حاله الحزن ويطوف به حول المدينه فأجاب البابا بشجاعه وقوه قلب : " إن لم يخلصنى الرب إلهى من يديك لأنه ليس لك القدره أن تفعل فى شيئا إلا بأمره " فقال سمد الشرير : " سأترك لك خمسين ألف ديناراً وتقوم بدفع خمسين ألف دينارا لكى أطلقك لتحصلها " . فأجابه البابا وقال له : " الذى أقدر عليه هو ثيابى التى على جسدى " وإستمر الرجل يفاصله وينزل بالمبلغ حتى وصل إلى عشره ألاف فقال له البابا : " لا أقول ما لا أقدر عليه "
ووصل الخبر إلى الكتبه من الأقباط الموظفين بالأسكندرية أن المبلغ المطلوب إنتهى إلى عشره الاف ديناراً – فأوعزوا له سراً أن يقبل الدفع وقسموا المبلغ على الأساقفه والكتاب الذين يعملون فى الدواوين وجمعوا له المبلغ سراً خوفاً من يقوم الوالى بإضطهاد الأقباط وقتلهم كعادة المسلمين للحصول على المال .
أمضى البابا فى السجن أيام الإثنين والثلاثاء والأربعاء من أسبوع البصخه وفى يوم خميس العهد وهو ذكرى إجتماع السيد المسيح بتلاميذه تقدم الأقباط إلى الوالى وطلبوا منه أن يحضر البابا ليسمع منه قوله فلما أحضره ونظر إليه رآه كأنه شبه ملاك الرب فأمر بإحضار مخده كبيره ( وسادة للجلوس عليها حسب عادة العرب ) وقال له الأمير : " ألا تعلم أن السلطان لا يقاوم " فأجاب القديس قائلا : " السلطان يسمع منه أمره فيما يجب ويخالف لأمره فيما يغضب الرب الإله وقال ربنا فى الإنجيل لا تخافوا ممن يقتل الجسد وليس له سلطان على النفس والروح ولكن خافوا ممن يقدر أن يهلك النفس والجسد جميعاً وهذا يعنى أن الرب هو الذى له القدره على ذلك وحده " فأجاب الأمير : " إلهك يحب الصدق والحق " فقال البابا : " إلهى كله حق وليس فيه كذب بل يهلك كل من ينطق بالكذب " فأجاب الأمير وقال له : " أنا أصدقك , إن أى مبلغ دفعه لك النصارى بسبب مطالبتى لك إدفعه لى ولا أريد منك غيره فأشار الكتاب الموظفين أن يقبل فقبل وأطلقه الأمير بعد أن ظن أعداء البيعه أنهم نالوا من الأقباط فرأوا فرحهم بخروج باباهم راكبا والأقباط يحيطون به وإستمروا يسبحون إلههم ويرتلون ويشكرونه على خلاصهم من هذه المكيده ووصلوا إلى الكنيسه فى يوم خميس العهد فصلى على اللقان وغسل البابا أرجل شعبه تماماً كما فعل السيد المسيح وصلى فى وسطهم مقدسا وحاملا الأسرار وقرب الشعب ثم رجع إلى قلايته بسرور زائد يمجد الرب القدير . لى النقمه أنا أجازى يقول الرب:
أما الأروام فنالهم غم وخزى شديد وإنتقم ربنا من ثاوفانيس رئيس مريوط مدبر المكيده فقبض عليه الأمير بسرعه وسلمه إلى احد كتابه ومعه أمراً بإلقائه فى السجن ثم قام بتعذيبه عذاباً شديداً , ثم أرسل أمرا آخر بقتله .
وأعطى الرب البطريرك نعمه وقبولا وحظوه لدى الأمير فأصدر الأمير أمراً إلى جميع من فى المدينة : " أن لا يخاطب أحد بطريرك الأقباط إلا بالكلمات الحسنه ولا ينبغى لأحد أن يذكر أمامه عنه كلمه سوء , وأن لا يتعرض له أحد فى دخوله ولا فى خروجه "