روي عن قتادة أنه قال في قوله تعالى: {وَالتِّينِ} قال: هو مسجد دمشق، {وَالزَّيْتُونِ} قال: هو مسجد بيت المقدس، {وَطُورِ سِينِينَ}: حيث كلم الله موسى، {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} [التين: 1-3]: وهو مكة. رواه ابن عساكر.
وقال صفوان بن صالح: عن عبد الخالق بن زيد بن واقد، عن أبيه، عن عطية بن قيس الكلابي، قال: قال كعب الأحبار: ليبنين في دمشق مسجد يبقى بعد خراب الدنيا أربعين عاماً. وقال الوليد بن مسلم: عن عثمان بن أبي العاتكة، عن علي بن زيد، عن القاسم أبي عبد الرحمن، قال: أوحى الله تعالى إلى جبل قاسيون أن هب ظلك وبركتك إلى جبل بيت المقدس، قال: ففعل، فأوحى الله إليه أما إذا فعلت فإني سأبني لي في خطتك بيتاً أعبد فيه بعد خراب الدنيا أربعين عاماً، ولا تذهب الأيام والليالي حتى أرد عليك ظلك وبركتك، قال: فهو عند الله بمنزلة الرجل الضعيف المتضرع.
وقال دحيم: حيطان المسجد الأربعة من بناء هود عليه السلام، وما كان من الفسيفساء إلى فوق فهو من بناء الوليد بن عبد الملك -يعني أنه رفع الجدار فعلاه من حد الرخام والكرمة إلى فوق - وقال غيره: إنما بنى هود الجدار القبلي فقط.
ونقل عثمان بن أبي العاتكة عن أهل العلم أنهم قالوا في قوله تعالى: ((والتين)) قالوا: هو مسجد دمشق. وقال أبو بكر أحمد بن عبد الله بن الفرج المعروف بابن البرامي الدمشقي: ثنا إبراهيم بن مروان، سمعت أحمد بن إبراهيم بن ملاس، يقول: سمعت عبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، قال: كان خارج باب الساعات صخرة يوضع عليها القربان، فما تقبل منه جاءت نار فأكلته، وما لم يتقبل منه بقي على حاله. قلت: وهذه الصخرة نقلت إلى داخل باب الساعات، وهي موجودة إلى الآن، وبعض العامة يزعم أنها الصخرة التي وضع عليها ابنا آدم قربانهما فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخرة، فالله أعلم.
وقال هشام بن عمار: ثنا الحسن بن يحيى الخشني، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به ((صلى في موضع مسجد دمشق)). قال ابن عساكر: وهذا منقطع ومنكر جداً، ولا يثبت أيضاً لا من هذا الوجه ولا من غيره. (ج/ص: 9/ 176)
وقال أبو بكر البرامي: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الملك بن المغيرة المقري، حدثني أبي، عن أبيه، أن الوليد بن عبد الملك تقدم إلى القوام ليلة من الليالي فقال: إني أريد أن أصلي الليلة في المسجد، فلا تتركوا أحداً يصلي الليلة، فقال له بعضهم: يا أمير المؤمنين هذا الخضر يصلي في المسجد في كل ليلة. وفي رواية أنه قال لهم: لا تتركوا أحداً يدخله، ثم إن الوليد أتى باب الساعات فاستفتح الباب ففتح له، فإذا رجل قائم بين الساعات وباب الخضراء الذي يلي المقصورة يصلي، وهو أقرب إلى باب الخضراء منه إلى باب الساعات، فقال الوليد للقوام: ألم آمركم أن لا تتركوا أحداً الليلة يصلي في المسجد؟ فقال له بعضهم: يا أمير المؤمنين هذا الخضر يصلي كل ليلة في المسجد. في إسناد هذه الحكاية وصحتها نظر، ولا يثبت بمثلها وجود الخضر بالكلية، ولا صلاته في المكان المذكور، والله أعلم.