الوالى المسلم ينجس سرير البابا القبطى:
وفى السنه الثامنه عشر من جلوس البابا يوساب1 على كرسى مرقس رسول المسيح حدث ان تولى واليا على مدينه الإسكندريه أسمه مالك بن ناصر الحدر وكان إنسانا ظالما يفعل الشر فى المقدسات وأساء الى كثير من التجار وأصحاب الحرف ولأرباب الصناعه والباعه خاصه الذين يبيعون القماش وعمل قياسا كبيرا وأرسل مناد ينادى فى الشوارع قائلآ: من وجد عنده ثوبا ناقصا عن هذا القياس سيسجنه الوالى ويهينه وربما يقتله0 فلما سمع أهل الإسكندريه حزنوا جدا فإن الخياطين والباعه الجائلين قطع معايشهم هذا الوالى حتى لم يبق لهم قوت وهاجروا الى بلدان أخرى وكانوا يصرخون ليلا ونهرا الى الله حتى يسمع لصوتهم وينقذهم0
وفى يوم من الأيام تمادى الشرير فى شره وذهب بحاشيته الى مسكن البابا يوساب1 وكان معه سراريه فأكل وشرب معهن ثم قام وطاف بالبابا فى المسكن حتى وصلوا الى قلايه البابا (حجره البابا التى ينام فيها) فأدخل سراريه اليها ونام معهن وطرد البابا منها فنجس الموضع الممتلئ من صلواته وصلوات القديسين البطاركه الذين سبقوه فحزن البابا جدا لأفعال الشر وبكى وهو يرى مقدار شر هؤلاء الناس وقلبهم القاسى الممتلئ حقدا وشهوه وزنا فى هذا الموضع المقدس0 فنجس المكان الطاهر بزناه0 وقال البابا قول داود النبى: يألله دخلت الأمم الى ميراثك ونجسوا هيكل قدسك 0
وبعد ان فعل الوالى فعلته بغير خوف من الله عاد الى دار الولايه فضربه الرب بمرض فى أحشائه ولكنه لم يتخل عن ظلمه بل انه تمادى فى غيه عندما ذهب اليه بعض اتباع الأسقف المحروم( المفصول من ممارسه العباده فى الكنائس) وقالوا له انه يكاتب إمبراطور الروم ويعطونه مالا كثيرا0 فارسل يطلب البابا وأمر بوضعه فى السجن الى ان يدفع له 1000 دينار( وطبعا الوالى يعرف تماما بان هذه التهمه ملفقه لأنه إذا كان هذا الأمر صحيحا فلماذ يعطيه الحريه بعد ان يدفع مالا وهو يخابر الروم) وعذبه عذابا شديدا ليدفع المبلغ وبعد فاصل بعض الأقباط مع الوالى رضى بان يأخذ 400 دينار وعندما لم يرتدع الوالى مما فعله مع البابا صار الدم يتدفق من جسمه ( ويقول ابن المقفع أن الدم كان يتدفق من تحته) ولا يستطيع النوم ليلا ولا نهارا ولم يستطع أطباء هذا العصر ان يشفوه ولم تنفع أدويتهم حتى لتخفيف الألم وظل البابا فى ضيق السجن والوالى يهدده ويخوفه لإحضار المال والبابا يرفضولكن بعد إلحاح منهم وافق بالخروج من سجن الوالىولكنه قال لهم: أن كنت أخرج من هذا الموضع وتفعون ما طلبه الظالم ففى اليوم السابع من إستلامه المال سوف تظهر أحكام الله سريعا وكاتب هذا الكلام هو ابن المقفع وكان مع البابا فى السجن وشاهدا لما حدث0 وعندما كان اليوم السابع أحضروا الدنانير الى منزله وكانوا يقومون بوزنها فدخل بعض الناس وأذاعوا خبر موت الوالى وطاف مناديا فى الشوارع والأسواق ينادى قوموا إدفنوا الوالى0 وهكذا كان المنادى ينادى بشره ونادى أيضا بوفاته فماذا ربح ؟