[Mary Naeem]

تحيا «كنيسة قصر الدوبارة»



مستشفى ميداني داخل الكنيسة

قنابل دخانية تلوث سماء ميدان التحرير، غاز مسيل للدموع يغطى كل مكان ويجعل الرؤية مشوشة، وقصف لا ينقطع يحصد مزيدا من المصابين، وبين هذا وذاك تجد رجلا يحاول جذبك فى اتجاه مجهول، تتحفز وتنظر إلى وجهه فتدهشك الابتسامة والطيبة، فالرجل لا يبالى بالغازات ولا بدوى طلقات الخرطوش، بل يقف شامخاً ليؤدى مهمته وهى إسعاف المصابين.
كنيسة قصر الدوبارة، تقع فى شارع غير بعيد عن ميدان الاشتباكات، يقوم على رعايتها القس «فوزى وهيب» ويدير المستشفى الميدانى الكائن بها، يقول: «دورنا نسعف المصابين ونعمل العمليات الصغيرة ونخيط الجروح»، مؤكداً أن وقوفهم أمام المستشفى الميدانى، ليس بغرض دعم طائفة ضد أخرى، فرعاية المصابين أينما كانوا ومهما كانت هويتهم أو ديانتهم فريضة يقرها الله: «استقبلنا من كام يوم عدد من عساكر الأمن المركزى، كانوا متعورين نتيجة حدف الطوب وقدرنا نسعفهم».
المساهمة فى الاحتجاجات كمتظاهر لا يفعلها القس وهيب فعلاج المصابين مهمة خير من ألف احتجاج «الدم اللى بيسيل حرمه ربنا علينا، مابحبش السياسة بس بحب الناس»، تعرضه للإصابات كل يوم من جراء الغازات المسيلة للدموع لم يثن عزمه، وعيناه الملونتان بحمرة داكنة لا تعوقانه عن إنقاذ من يحتاج: «احنا بنتعرض لقنابل الغازات وساعات بتقع داخل الكنيسة لكن مش هنسيب الناس اللى محتاجانا».
المستشفى الميدانى الواقع بالكنيسة الذى يستقبل فى اليوم الواحد ما يزيد على 300 حالة يعمل به العديد من الأطباء المتخصصين فى طب الطوارئ والجراحة، بحسب فوزى، الذى يؤكد أنهم جميعاً متطوعون من النقابة ومن الجمعيات الشرعية والكنائس «مفيش هنا مسلم أو مسيحى، عسكرى أو متظاهر، مصرى بس، الدم اللى بيبقى نازل من الناس كله أحمر ومش بنعرف نفرقه».
فوزى وهيب الذى يقف على الباب الخارجى للكنيسة لا يرتدى زيه الكهنوتى فطبيعة مذهبه لا تتشدد فى ارتداء الزى: «أنا إنجيلى ومش لازم ألبسه فى كل وقت، الزى رغم احترامى له مش هيساعدنى فى الجرى وإسعاف الناس».


الوطن