عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 14 - 11 - 2012, 10:34 AM
الصورة الرمزية Marina Greiss
 
Marina Greiss Female
..::| VIP |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Marina Greiss غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 14
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : USA
المشاركـــــــات : 20,933

مصالحة بين السماء والأرض
بقلم‏:‏ البابا شنودة الثالث


مصالحة بين السماء والأرض
قبل ميلاد السيد المسيح كانت هناك خصومة بين السماء والأرض‏.‏

مرت فترة طويلة كانت فيها شبه قطيعة بين السمائيين والأرضيين‏:‏

لارؤي‏,‏ ولا أحلام مقدسة‏,‏ ولا أنبياء‏,‏ ولا كلام من الله مع الناس‏,‏ ولاظهورات مقدسة‏,‏ ولاأية صلة واضحة‏..‏ كانت الأرض بعيدة عن السماء طوال تلك الفترة‏...‏
كانت خطايا الناس كليالي الشتاء‏:‏ باردة ومظلمة وطويلة‏:‏
وكانت تحجب وجه الناس عنهم‏..‏ وكانت الخصومة بينهم وبين الله‏,‏ يمثلها في الهيكل الحاجز المتوسط الذي لايستطيع أحد من الشعب أن يجتازه الي قدس الأقداس‏..‏ وزادت خطايا الناس حتي وصلت إلي عبادة الأصنام‏.‏ واحتدم غضب الله عليهم‏,‏ واستمرت القطيعة‏.‏ ولم يحاول البشر أن يصطلحوا مع الله‏.‏ ولم يعرفوا‏...‏

‏***‏
ثم جاء السيد المسيح‏,‏ فأقام صلحا بين السماء والأرض‏,‏ وأرجع الصلة بينهما‏.‏ وبدأت تباشير الصلح تظهر‏.‏ وعادت العلاقة كما كانت من قبل‏,‏ وأكثر‏...‏
وأول شيء في تباشير هذا الصلح‏,‏ هو كثرة نزول الملائكة الي الأرض‏,‏ في مجيء المسيح وقبل مجيئه‏:‏

ظهورات متوالية‏,‏ فردية وجماعية‏,‏ كسفراء من الله‏..‏ كما تهلل الملائكة بفرح عظيم‏,‏ وأرادوا أن يشتركوا في بهجة هذا الميلاد العجيب‏:‏
فظهر ملاك يبشر زكريا الكاهن بولادة يوحنا‏(‏ لو‏1:11).‏ وملاك يبشر القديسة العذراء بالحبل بالمسيح‏(‏ لو‏1:26).‏ وملاك ظهر ليوسف في حلم يبشره بحبل العذراء‏(‏ متي‏1:20)..‏ وملاك يبشر الرعاة بولادة المخلص‏(‏ لو‏2:10).‏ بالإضافة الي هذا جمهور من الملائكة ظهروا مسبحين الله وقائلين المجد لله في الأعالي‏,‏ وعلي الأرض السلام‏,‏ وفي الناس المسرة‏(‏ لو‏2:14,13).‏

‏***‏
إن ظهور الملائكة بهذه الكثرة‏,‏ يدل علي أن العلاقات بدأت ترجع بين السماء والأرض‏.‏ ويدل علي مشاركة الملائكة للبشر في الفرح
وظهور الملائكة في فترة الميلاد كان مجرد طلائع للملائكة الذين ملأوا العهد الجديد‏..‏ ملائكة كانوا يخدمون السيد المسيح علي جبل التجربة‏(‏ مر‏1:13),‏ وملائكة القيامة الذين ظهروا للنسوة‏(‏ لو‏24)‏ ولمريم المجدلية‏(‏يو‏20)‏ ومثل الملاكين اللذين طمأنا الرسل وقت صعود الرب‏(‏أ ع‏1:10)...‏

كان هؤلاء جميعا طلائع تعرف بها الملائكة غير المرئيين المحيطين بنا الآن‏,‏ الذين قال عنهم القديس بولس الرسول أليسوا جميعهم أرواحا خادمة‏,‏ مرسلة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص‏(‏عب‏1:14)‏
ولم تكتف السماء في صلحها مع الأرض بظهور سفرائها من الملائكة‏,‏ بل امتدت الي الأحلام المقدسة بما فيها من توجيه ومن إعلان‏:‏

اجتمع الأمران معا بالنسبة الي يوسف النجار‏:‏ ملاك ظهر له في حلم ليخبره بالحبل المقدس‏(‏ متي‏1:20).‏ وملاك ظهر له في حلم يأمره بالذهاب الي مصر‏(‏ متي‏2:13).‏ ثم بعد ذلك ظهر له ملاك في حلم يأمره بأن يرجع من مصر الي بلاده‏(‏ متي‏2:20).‏ ولما خاف أن يذهب الي اليهودية بسبب أن أرخيلاوس كان يملك هناك‏,‏ أوحي اليه في حلم أن ينصرف إلي نواحي الجليل‏,‏ فذهب وسكن في الناصرة‏(‏ متي‏2:22)‏
كذلك بالنسبة الي المجوس‏,‏ بعد أن قدموا هداياهم الي الطفل يسوع‏,‏ أوحي اليهم في حلم أن لا يرجعوا الي هيرودس‏,‏ فانصرفوا الي كورتهم‏(‏متي‏2:12).‏ وحديث المجوس يذكرنا بظهورات مقدسة أخري‏.‏ ونقصد النجم الذي ظهر للمجوس‏,‏ وأرشدهم الي مكان المزود المقدس‏.‏

وفي صلح السماء والأرض لم يقتصر الأمر علي ظهور الملائكة‏,‏ والأحلام المقدسة‏,‏ بل رجعت روح النبوة مرة أخري‏,‏ من عمل الروح القدس في الناس‏.‏
نقرأ عن يوحنا المعمدان في بشارة الملاك الخاصة به أنه من بطن أمه يمتلئ من الروح القدس‏(‏ لو‏1:15).‏ وفي بشارة الملاك للقديسة العذراء‏,‏ قوله لها الروح القدس يحل عليك‏,‏ وقوة العلي تظللك‏(‏لو‏1:35).‏

وفي زيارة العذراء لأليصابات قيل فلما سمعت اليصابات سلام مريم‏,‏ ارتكض الجنين في بطنها‏,‏ وامتلأت اليصابات من الروح القدس‏(‏لو‏1:41).‏ وقيل عن زوجها زكريا ــ لما فكت عقدة لسانه امتلأ زكريا من الروح القدس وتنبأ
‏(‏لو‏1:67).‏ كذلك نقرأ عن سمعان الشيخ أنه كان رجلا بارا‏,‏ والروح القدس كان عليه‏.‏ وكان قد أوحي اليه بالروح بالقدس أنه لايري الموت قبل أن يري مسيح الرب‏(‏لو‏2:26)‏
وكان من تباشير الصلح أيضا‏:‏ رجوع المعجزات‏,‏ والنبوة‏,‏ والكشف الالهي‏.‏

كان انفتاح رحم اليصابات العجوز العاقر هو معجزة‏.‏ وكان الحكم بصمت زكريا الكاهن تسعة أشهر‏,‏ ثم انفتاح فمه‏,‏ معجزتين أخريين‏.‏ كذلك أهم المعجزات حبل القديسة مريم بالمسيح وهي عذراء‏(‏ لو‏1:35).‏ وارتكاض الجنين بابتهاج في بطن اليصابات عند سماعها سلام مريم‏,‏ كانت معجزة أخري
وهناك الكشف الالهي لاليصابات في قولها لمريم العذراء من أين لي هذا‏,‏ أن تأتي أم ربي إلي وقولها لنا أيضا طوبي للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب‏(‏لو‏1:45,43)‏

ثم أيضا كثيرة هي المعجزات التي حدثت في مصر‏,‏ عند زيارة العائلة المقدسة لها‏,‏ مما قد رواه التاريخ‏,‏
وبعد ذلك ما أعجب المعجزات وأكثرها‏,‏ التي تمت علي يدي المسيح‏.‏

كل هذا يدل علي أن يد الرب كانت قد بدأت تعمل في وقت ميلاد السيد المسيح الذي كان مقدمة لصلح السماء مع الأرض
علي أن الصلح الحقيقي تم علي الصليب‏,‏ بالفداء‏:‏

حين محا الصك المكتوب علينا‏,‏ وغفر لنا خطايانا التي كانت حاجزا بيننا وبين الله‏.‏ وفتح لنا الطريق الي الأقداس‏...‏ وهكذا تبررنا وصار لنا سلام مع الله‏(‏ رو‏5:1)‏ لأننا بالفداء قد صولحنا مع الله‏(‏ رو‏5:10).‏
ولكن ينبغي أن نحيا في حياة التوبة والنقاء‏,‏ لنستمر في هذا الصلح‏,‏ عارفين أن محبة العالم هو عداوة الله‏(‏يع‏4:4)‏ لأن كل ما في العالم هو شهوة الجسد‏,‏ وشهوة العيون‏,‏ وتعظم المعيشة‏(‏ ا يو‏2:16)‏

لذلك فإن السيد المسيح أعطي وكلاءه علي الأرض خدمة المصالحة‏(2‏ كو‏5:18).‏ وهكذا قال القديس بولس الرسول‏:‏
اذن نسعي كسفراء عن المسيح‏,‏ كأن الله يعظ بنا‏,‏ نطلب عن المسيح‏:‏
تصالحوا مع الله‏(2‏كو‏5:20)‏

ونحن ننادي في بداية هذا العام‏:‏ تصالحوا مع الله
لأن الانسان الذي يحيا في الخطية‏,‏ هو في عداوة مع الله‏.‏ يحيا بعيدا عن الله‏.‏ يكسر وصاياه‏,‏ ويعصي أوامره الالهية‏.‏ ويشعر بأن هناك حاجزا بينه وبين الله‏.‏ ولايستطيع أن يصطلح معه إلا بالتوبة‏.‏ ولايستطيع أن يقترب من السرائر الالهية إلا بالصلح مع الله
لذلك نحن نبدأ القداس الالهي بصلاة الصلح‏.‏ ونعني به الصلح مع الله‏,‏ وبالتالي مع الناس أيضا‏.‏

وهكذا أيضا فإن العالم الذي تطحنه المشاكل والحروب والضيقات‏,‏ هو محتاج كذلك أن يصطلح مع الله‏,‏ لكي يخلصه من كل هذا‏...‏
من أجل هذا نصلي أن يرضي عن العالم‏,‏ ويرفع عنه كل ضيقة‏,‏ وأن يحفظ بلادنا مصر‏,‏ ويباركها ويبارك قائدها الرئيس مبارك‏,‏ ويجعل عهده عهد سلام ورخاء‏,‏ كما يبارك كل العاملين في هذا الوطن العزيز
وكل عام وجميعكم بخير
رد مع اقتباس