09 - 11 - 2012, 02:14 PM
|
رقم المشاركة : ( 2 )
|
† Admin Woman †
|
رد: ما هي معالم مفهوم الحلّ والربط الصحيح حسب تقليد الكنيسة الأرثوذكسية
للأسف يظن البعض ، حسب ما نسمع في بعض التأملات ، أن الأب الكاهن قاضي يقضي في خطايا المعترفين ، حتى أن البعض يصور الخاطي أنه يأتي إلى محكمة الكاهن ، ليحكم على خطيته ، ويعطيه الحل كبراءة حين يعترف بها أمام القاضي ، وهذا تشويه لسرّ الكهنوت وخروج عن الكتاب المقدس وكتابات الآباء تماماً ...
مع أن في الأصل والأساس أن الكاهن هو أب ، قد نال هذه الموهبة من الله الأب الحقيقي ومصدر كل أبوه صالحة ، وحينما لا يعطي الحلّ لأحد ، فهو يعطي عدم الحلّ بالصليب ، لأن الصليب مصدر المصالحة وأساسها ، لذلك يعطي عدم الحل بالصليب ليشير أن هذا هو مصدر الصلح في التوبة والرجوع عن الخطية ، وهنا يظهر أبوة الله الحانية على الإنسان الخاطي ، إذ لا يحكم عليه وكأنه في محكمة ، بل يحكم عليه بحكم التوبة ، لأن العقد وعدم الحِلّ هو توجيه قلب الخاطي إلى سرّ التوبة بقوة الصليب والموت مع المسيح لينال قوة الحياة الأبدية ، والدسقولية وكافة كتابات الآباء تُظهر أن الأسقف " طبيب " وليس " قاضياً " !!!
كما ورد من أوصاف الأسقف في الدسقولية ( 8 : 25 ) أنه " طبيب مشترك في الألم " وفي ( دسقولية 42 : و 43 ) " طبيب كنيسة الرب " ؛ والقديس أمبروسيوس ينصحه رئيسه قبل رسامته بأن يتصرف : " لا قاضي بعد بل كأسقف " (1) ، والقديس كبريانوس لم يكن يرى في نفسه قاضياً ، بل " طبيباً للنفوس " . وفي رأيه أن الخطية ليست مجرد شيء قابل للحِلّ أو الربط ، تُغفر أو لا تغفر ، بل نجد في كتاباته التشبيهات الطبية مع مبدأ الحِلّ التدريجي للخطية ، حسب درجة الشفاء من الخطية ، وهو في هذا يماثل العلاَّمة أوريجانوس (2) .
وفي إطار سرّ التوبة والاعتراف القائم على المحبة الأبوية ، وذلك الحنان والترفق بالخطاة ، وعلى صورة الكاهن أو الأسقف " كطبيب مشترك في الألم وطبيب النفوس " ، يَعْقِد الكاهن أو الأسقف ، أي يضع قانون تأديب ( ++ ) على التائب لنموه الروحي . والتائب بدوره يقبل التأديب ويُقبَّل الصليب الذي وُضِعَ عليه هذا التأديب عالماً أن هذا لمنفعته الروحية .
مع ملحوظة أن كل هذا يتم بين الراعي وبين أفراد شعب الله ، وفي جو من المحبة الحانية بين الأب وابنه ، أو بين الطبيب والمريض ، وينبغي أن يكون سرّ بينهما في نور الله ...
وبناء على التعاليم الرسولية ، تمنع قوانين الكنيسة منعاً تاماً الآتي :
* ( لا يحق ) أن يقوم أسقف غير أسقف الإبراشية ، أو أب غير أب الاعتراف للمؤمن أن يمارس القطع أو الحرم من التناول (( أو الصلاة داخل الكنيسة أو حتى منع الخدمة )) في غير أبناء شعب الله في كنيسته ( إن كان كاهن ) أو أبراشيته ( لو كان أسقف أو كاهن ) ((( وللأسف نرى بعض الكهنة ليس لهم أي علاقة بشخص ما ، ونُفاجأ انه يحرمه من التناول حسب رأيه الشخصي أو لمجرد خلاف في رأي أو لأي سبب شخصي مع انه ليس من شعب كنيسة وليس له أي علاقة بحياته الروحية ، وهذا مخالف تماماً للقانون الكنسي السليم ))) .
* ( أن لا ) يقطع ( كاهن أو أسقف ) بالحرم لغير غرض التأديب الروحي والنمو في الحياة المسيحية وبغير الأصول والآداب المختصة بالتأديبات الكنسية (3) .
* ( أن لا ) يلقي ( كاهن أو أسقف ) بالحرم على أحد في ثورة غضب ، أو حسماً لمناقشة أو خلاف في الرأي . (4)
*أو أن يحرم أحد غيابياً . إلاَّ إذا امتنع ( بإصرار وعناد ) عن الحضور إلى محاكمة قانونية بالرغم من إعلانه حسب الأصول ( كما هو وراد في الدسقولية – الفصل الثامن )
( وعنواننا القادم هو : حدود وتحذيرات في ممارسة التأديب الكنسي )
__________
(1) Paulinus, Vita Ambrosii, III,8, cited in the Apostolic Ministry, P.358
(2) Campenhausen, Ecclesiastical Authority and Spiritual Power in the Church of the First Three Centuries, London, 1969, P.286, n.100
(3) أنظر بحث " التأديبات الكنسية " مجلة مدارس الأحد يناير 1995 ، صفحة 7 - 8
(4) القانون 14 من مجمع سرديكا سنة 344 م
* أنظر كتاب التدبير الإلهي في تأسيس الكنيسة وترتيب نظام الكهنوت من صفحة 114 – 115
( ++ ) مع ملاحظة أن التأديب ليس هو القصاص أو وضع ما هو فوق الطاقة على المعترف ، بل يكون بحكمة الروح القدس لفائدة المعترف من جهة الصوم أو الصلاة أو عمل خدمة ما ، حسب ما ينبغي أن يوضع من علاج على المعترف ، وليس كيف ما أتفق ، ولا يعطى الصيام أو الميطانيات للجميع بشكل عشوائي كيف ما يخرج من الفم دون الفحص والتوجيه بالروح القدس ، بروح الأبوة
|
|
|
|