ما هي معالم مفهوم الحلّ والربط الصحيح
حسب تقليد الكنيسة الأرثوذكسية
يقول القانون 24 من كتاب " التِطْلُسات " (1) أحد المراجع في ترتيب نظام الكهنوت في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مطلعه :
[ ليكن الرئيس ( الأسقف أو البطرك ) يؤدب الشعب ويَعقدهم بالصليب لا بالحرم ]
إن رعاية قطيع المسيح – له المجد – تكون بالصليب . والصليب الذي استلمه الأسقف يوم رسامته لا يفارق يده . وهو يمده لتقديم البركة والحِل والمغفرة للتائبين ، التي هي عطية الله للبشر بصليب المسيح مخلصنا الصالح .
والشعب يتقدم ليُقبل الصليب في يد الأسقف ، اعترافا منهم بخضوعهم للصليب والتزاماته ( أي قبول التأديب الكنسي بالحق والعدل لنمو حياتهم الروحية ) ، وبالتالي التماساً لكل بركات الصليب وأولها : الحِل والغفران .
وهذا النص من القانون يُستخدم كلمة " يَعقدهم " وهي التعبير الروحي للتأديب الكنسي للمؤمنين ، غير مستعملين كلمة " يحرمهم " ، لأنها لا تتناسب مع خصوصية علاقة الأسقف بشعبه .
لأن الحرم والقطع من شركة الكنيسة كلية لا يُستخدم إلا مع الخارجين عن عقيدة الكنيسة والإيمان بالمسيح – أي الهراطقة !!!
وطبعاً لا يجوز على الإطلاق لأي من كان في الكنيسة – مهما على شأنه أو ضعف – أن ينعت أحد بتهمة الهرطقة إلا بموجب قرار المجمع المقدس ، وبعد محاكمة عادلة بحضور من له هذه التهمة ومواجهته وترك مساحة للدفاع عن نفسه وبشهادة الآخرين ، ويقوم بالمحاكمة قضاة كنسيين علماء في علوم الكنيسة ، متعمقون في العلم اللاهوتي بشهادة المعلمين المتأصلين في حياة التقوى ، ولهم اتساع في معرفة الكتاب المقدس بدقة ومعرفة أصولة اللغوية ، ولهم معرفة واسعة في التقليد الكنسي والمجامع المقدسة وبعد إصرار من تقدم للمحكمة على راية الهرطوقي المعاكس – عن قصد – لتقليد الكنيسة والكتاب المقدس والآباء والمجامع السابقة ، يقطع بكل أسى ...
أما العقد بالصليب فهو للمؤمنين أبناء الله في المسيح والحاملين الصليب بمحبة صادقة ، ويتمثل في تحديد فترات صوم أو مطانيات أو غيرها وأحياناً التوقف عن التناول لفترة محدودة وذلك حسب قواعد الطب الروحاني ( كما رأيناه في قوانين الكنيسة في التطبيب الروحي في موضوع شروط سر التوب والاعتراف الجزء الخامس ) .
أما الحرمان التام من التناول فهو لا يحكم به أبداً إلا في الحالات الخطيرة ، وقد حددتها كتب القوانين في الحالات الآتية :
+ خطايا : الزنا – القتل – السرقة – التجديف – السحر
ولو تاب وندم واعترف عنها أمام الله ، وبعدها أمام الكاهن كممثل للكنيسة ، وإعطاء الحق المدني بالاعتراف أمام السلطات المنوطه بالأحكام ، بخاصة في قضايا ( السرقة والقتل ) ، يعود لشركة الكنيسة والتناول ولا تحسب له هذه الخطية لأنه قدم توبة حقيقية عنها بضمير صالح ونفس تشتاق إلى الله .
فالحرمان التام من التناول لا يُحكم به مطلقاً عن أي خطية ، وليس عن أية مخالفة في الرأي أو الفكر أو وجهة النظر أو الموقف في شئون الحياة المدنية أو السياسية أو حتى الاعتراض على سياسة إدارية داخل الكنيسة ( غير ما ذكرنا عاليا ولو تاب يتناول مرة أخرى ، إلا لو كان لا يؤمن بلاهوت ربنا يسوع أو يرفض الكنيسة شكلاً وموضوعاً )
- يتبــــــــــع –
___________________
(1) التِطْلُسات كلمة يونانية Titlos منطوقة بالعربية وتعني رأس الموضوع أو ملخص الموضوع . وهي أحد أقسام قوانين الرسل .
* ممكن الرجوع لكتاب التدبير الإلهي في تأسيس الكنيسة وترتيب نظام الكهنوت ، إعداد أحد رهبان برية القديس مقاريوس الطبعة الثانية 1718 شهداء ، ص113 - 114