الفصل الثامن والخمسون
العودة من القبر
وضع يوسف الرامى في السّجن
السبت كَانَ يلوح، وعاد نيقوديموس ويوسف الرامى إِلى أورشليم من بابِ صغيرِ غير بعيدَ عن البستان، والذي سُمح ليوسف الرامى أَنْ يفتحه في سور المدينةِ. اخبرا العذراءَ المباركةَ والمجدلية ويوحنا وبعض النِّساءِ الذين كَانوا عائدين للجلجثةِ كى يَصلّوا هناك، بأن هذا البابِ، بالإضافة إلي باب علية صهيون، سَيَفْتحُ لهم فى أى وقت. شقيقة العذراءِ المباركةِ، مريم التى لهالي، رَجعَت إِلى المدينةِ مع مريم أمّ يوحنا وبعض النِّساءِ الأخرياتِ. ذهب خدم نيقوديموس ويوسف الرامى إلى الجلجثةِ ليَجْلبوا الأشياء التي تُرِكتْ هناك.
أنضم الجنود لزملائهم الذينَ كَانَ يَحْرسُون بوّابة المدينةَ قُرْب الجلجثة؛ وذهب كاسيوس إلى بيلاطس وقص عليه كل ما رآه، ووَعدَ أَنْ يَعطيه تقرير كامل عن كل شيءِ سيَحْدثَ إن وَضعُ تحت سيطرته الحراسِ الذين يَسْألونه اليهود أَنْ يَضعهم حول القبرَ. استمعَ بيلاطس لكَلِماته برّعبِ ، لكن اخبره في رده أن خرافاته تبَلغ الجنونِ.
التقى يوسف الرامى ونيقوديموس ببطرس ويعقوب الكبير والصغير في المدينةِ. ذرفوا جميعاً دّموعِ غزيرة، لكن بطرس كان مغُموِراَ تماماً بالحزن. لقد عَانقهم ولام نفسه لكونه لم يكن حاضر موتِ مُخلّصنا، وشَكرهم لكونهم أدوا مناسك الدفن لجسده المقدّسِ. اتفقوا على أنّ بابَ علية صهيون سيكون مَفْتوحَ لهم فى أى وقت، وبعد ذلك خَرجوا لينشدوا بعض التّلاميذ الآخرين الذين تشتتوا في جهاتِ متعدّدةِ. بعد ذلك رَأيتُ العذراءَ المباركة ورفاقها يَدْخلونَ علية صهيون؛ كذلك أتى ابن ادار وقَدْ أمن؛ تجَمّع جزء عظيم من الحواريين والتّلاميذ هناك. النِّساء القدّيسات شغلن جزءِ من البنايةِ حيث كانت العذراء المباركة توجد. تناولوا بعض الطّعامِ، وصَرفوا مزيد من الدقائق فى البكاء، وروت كل واحدة منهن على الأخريات ما قَدْ رَأتهَ. غير الرّجال ملابسهم وقد رَأيتهم يَقفونَ أسفل مصباحِ ويَحْفظونَ السبت لكن بدون الاحتفال بأي طقوس ، لأنهم كانوا قَدْ أكلوا حمل الفصح فى الليلة السابقة. لقد كَانوا جميعا قلَقينِ في الرّوحِ، وملآنين بالأسىِ. قضت النِّساء القدّيسات وقتهم في الصَّلاةِ مع العذراءِ المباركةِ تحت القنديلِ. فيما بعد، عندما غشى الليل تماماً، جاء لعازر وأرملة ناين والمرأة السّامرية دينا، ومارا التى من سوفان , جاءوا من بيت عنيا، وبعد ذلك، مرة أخرى، وُصف كل ما قَدْ حَدثِ، وذُرفت دموعِ غزيرة .
دينا، المرأة السّامرية، هى نفسها التي تَحدّثَت مع يسوع عند بئر يعقوب. لقد ولدَت قُرْب دمشق، من والدينِ كَاناَ أحدهم يهوديَ والأخر من الأمم. لقد مات والداها منذ الصغر، ولِكَونِها رُبّيتْ مِن قِبل امرأةِ سيئةِ، نبتت شرورها في قلبها مبكّراَ. لقد كان لها بِضْع أزواجَ، الذين كان كل واحد منهم يحل محل الأخر تباعاً، والأخير عِاش في سوخار، حيث تبعته وغَيّرتْ أسمها من دينا إِلى سالومه. كَانَ عِنْدَها ثلاثة بنات وابنان، الذين تبعا التلاميذ بعد ذلك. الراهبة إميريتش كَانتْ تَقُولُ بأنّ حياةَ هذه المرأةِ السّامريةِ كَانتْ نبويةَ لأن يسوع قَدْ تَكلّمَ إِلى كل طائفةِ السّامريّين في شخصها، وأنهم قَدْ ارتُبِطوا بأخطائهم برباطات عديدة بقدر ما ارتكبتْ هى من زنا.
مارا التى من سوفان كَانتَ موآبية، جاءت من سوفان، وكَانتَ من نسل عُرْفَةُ، أرملة كِلْيُونَ ابن نعمى. عُرْفَةُ تَزوّجَت ثانية في مؤاب. مِن قِبل عُرْفَةُ، زوجة شقيق زوج راعوث، مارا كانت ذات صله بعائلةِ داود، الذي جاء يسوع من نسلهَ. الراهبة إميريتش رَأتْ يسوع يُخرج من مارا أربعة شياطينِ ويمنحها مغفرة آثامها فى التاسع من سبتمبر فى السّنةِ الثّانية من حياته العامّةِ. لقد كَانتْ تَعِيشُ في عين نون، بعد ما طُلقت مِن زوجها، وهو يهودي غني، الذي أحتَفظَ بالأطفال الذين أنجبهم منها. لقد كَانَ لها ثلاث أطفال آخرين من الزنا.
تقول الراهبة إميريتش : " لقد رَأيتُ كيف أن الفرعَ الضّالَّ من شجرة داود قَدْ تنُقّى داخلها بنعمةِ يسوع، وانضمت لحضن الكنيسةِ. أنا لا أستطيع أن أعبر كم عديد من هذه الجذورِ والأغصان رأيتها تُصير مَضْفُورة كل منها مع الأخرى، تُفقد، وبعد ذلك تأتى إلى النور مرة أخرى. "
عاد يوسف الرامى إلى البيت متأخّراَ من علية صهيون، وكَانَ يَمْشي بشكل حزين جداً فى شوارعِ صهيون، يرَافقهَ بعض التلاميذ والنِساءِ، فجأة هاجمتهم فرقة من الرّجالِ المُسَلَّحين كَانوا كامنين بجوارِ محكمة قيافا، وقبضوا على يوسف الرامى، وهرب رفاقه وهم يطلقون صيحات الفزع. لقد سجنوه في برجِ متاخمِ لسور المدينةِ، لَيسَ بعيدَا عن المحكمةِ. هؤلاء الجنودِ كَانوا وثنيين، وليس عليهم حْفظ السبت، لهذا كان قيافا قادرَ أَنْ يستخدمهم فى السبتِ. كَانتْ النّية مُبيته أَنْ يُتْركَ يوسف الرامى حتى الموت جوعاِ، ويظل اختفائه سرا.
هنا ينتهي وصفُ كل ما حْدُثِ فى يومِ آلام إلهنا؛ لكننا سَنُضيفُ بعض الأمور الإضافيةِ التى تختص بيوم السبت من حيث الهبوط إلي الجحيم والقيامة .