07 - 11 - 2012, 04:59 PM
|
رقم المشاركة : ( 69 )
|
..::| VIP |::..
|
الفصل السابع والأربعون
نصب الصّليب
عندما انتهى الجنود من صلب يسوع، ربطوا الصليب بالحبال، وثبتوا نهايات هذه الحبال حول دعامة ثبّتت بشكل قوي في الأرض علي بعد قليل، وبهذه الحبال نصبوا الصّليب. البعض منهم سندوه بينما دفع الآخرون قاعدته نحو الحفرة المعدّة لتثبيته, سقط الصليب الثّقيل في هذه الحفرة بصدمة هائلة، تأوه يسوع بصرخة واهنة، وتمزّقت جراحه بطريقة مخيفة وتفجرت دمائه ثانية، وعظامه النّصف مخلوعة أحتك بعضها ببعض. دفع الجنود الصّليب ليجعلوه بشكل شامل في الفتحة، وجعلوه يتأرجح ليغرسوا خمسة أوتاد ليثبتوه .
منظر رهيب، لكن في نفس الوقت مؤثر أن تنظر الصّليب منتصباً في وسط حشد عريض من الأشخاص الذين تجمّعوا جميعاً حوله؛ لم يكن هناك الجنود والفريسيين المفتخرون وغوغاء اليهود القساة فقط، بل كان هناك أيضاً غرباء من كل الجهات.
لقد رددوا فى الفضاء هتافات ونّداءات سّاخرة عندما نظروا الصليب مرتفعاً عالياً، الذى بعدما تأرجح للحظة في الجو، سّقط بصدمة عنيفة في الفتحة التى أُعدت له في الصّخور. لكن دوّت فى الفضاء في نفس اللّحظة كلمات الحبّ والشّفقة؛ وهذه الكلمات والأصوات صدرت من الكلية القداسة, مريم العذراء, ويوحنا والنّساء القديّسات وكل أنقياء القلب, لقد ركعوا ومجّدوا الكلمة الذى صار جسداً مسمّراً على الصّليب؛ مدّوا أياديهم كما لو إنهم يتوقون أن يٌعينوا قدّوس القديسين، الذي نظروه مسمّراُ على الصّليب. لكن عندما سُمع صّوت سقوط الصّليب في الفتحة المعدةّ له في الصّخر، ساد صمت رهيب، امتلأ كل قلب بشعور غامض من الرّهبة والحنو لم يحدث أن جُرّب من قبل مطلقا، ولا يستطيع أحد أن يصفه حتى لنفسه؛ كل سجناء جهنم ارتجفوا بالرّعب، ونفّسوا عن تهيّجهم بالسعي إلى تحريض أعداء يسوع أن يواصلوا غضبهم ووحشيتهم؛ النفوس التى في عالم الانتظار امتلئوا بالبهجة والأمل، لأن الصّوت كان بالنسبة لهم بشير السعادة، مقدمة لظهور مُحررهم. هكذا زٌرع الصّليب المُبارك لإلهنا لأول مرة على الأرض؛ وجيّداً أن نقارنه بشجرة الحياة التى في الفردوس، لأن جراح يسوع كانت كينابيع مقدّسة، يتدفّق منها أربعة أنهار تستطيع أن تنقّي العالم من لعنة الخطيئة، وأن تعطيه خصوبة، لكي ينتج ثمار الخلاص.
الربوة التى غُرس الصّليب عليها كانت تعلو حوالي قدمين عن الأجزاء المحيطة بها؛ كانت قدمي يسوع قريبة من الأرض بما يكفى لأحبائه أن يصلوا إليها ليقبّلوها، ووجهه كان يتجه نحو الشمال
|
|
|
|