عرض مشاركة واحدة
قديم 07 - 11 - 2012, 04:58 PM   رقم المشاركة : ( 67 )
Magdy Monir
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية Magdy Monir

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 12
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 58
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 51,017

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Magdy Monir غير متواجد حالياً

افتراضي

الفصل السادس والأربعون
تسمير يسوع على الصّليب



ذهب أربعة جنود إلى المغارة حيث حبسوا يسوع وجروه خارجاً بوحشيتهم المعتادة، بينما الغوغاء ينظرونه ويُهينونه بإهانات بالغة، والتزم الجند الرّومان الحياد، ولم يفكّروا فى شيء سوى بإصدار الأوامر. عندما اقتيد يسوع ثانية، أعطت النّساء القديّسات رجل بعض المال، وناشدنه أن يقدم للجنود أي شئ يطلبوه إن سمحوا ليسوع أن يشرب النّبيذ الذي أعدته فيرونيكا؛ لكن الجنود القساة، بدلا من أن يعطونه ليسوع، شربوه هم.
كان مع الجنود إناءان، إحداها يحتوى على خل ممزوج بالمر، والآخر خليط من نّبيذ الممزوج بالمرّ والحنظل؛ فقدموا قدح من الخمر الممزوجة ليسوع، الذي بعد أن تذوقه، لم يشاء أن يشرب منه.
كان هناك ثمانية عشر جندياً فى موضع الصلب؛ السّتة الذين جلدوا يسوع، الأربعة الذين اقتادوه إلى الجلجثة، اثنان حملا الحبال التي دعمت الصليب، والستة الآخرون جاءوا لغرض صلبه. كانوا يختلفون عن اليهود أو الرومان؛ كانوا رجالا قصار القامة، ذوى مظهر شرس، بالأحرى يشبهون الوحوش، وهم الذين نفذوا عملية الصّلب.
هذا المشهد رأيته بصورة مخيفة برؤية الشّياطين، التى كانت غير ظاهرة للآخرين، رأيت أجساماً كبيرة من الأرواح الشّريّرة تحت أشكال ضّفادع وثعابين وتنانين وحشرات سامّة، يحثونّ هؤلاء الرّجال الأشرار على أن يكونوا بأعظم قسوة، واظلموا الهواء تماما. زحفوا في أفواههم وقلوبهم، جلسوا على أكتافهم، ملئوا أذهانهم بصّور شّريرة، وحرّضوهم على أن يشتموه ويهينوه بكل وحشية.
وقفت الملائكة الباكية حول يسوع، ومنظر دموعهم واساني قليلاً، وقد رافقتهم ملائكة المجد. كانت هناك أيضاً ملائكة الرّحمة وملائكة التّعزية التى كانت تقترب من العذراء المباركة بشكل متكرر ومن بقية الأشخاص الأتقياء الذين تجمّعوا هناك، وهمسوا بكلمات الرّاحة التي مكّنتهم من أن يتحمّلوا الموقف بثبات .
فى الحال نزع الجنود عباءة يسوع والحزام الذي رُبطت به الحبال وحزامه الخاص، عندما وجدوا أنه من المحال أن ينزعوا رداءه الصّوفي الذي كانت أمه قد نسجته له من على رأسه، بسبب تاج الشّوك؛ مزّقوا التاج المؤلم وهكذا تفتحت كل جراحه من جديد، واستولوا على الرداء. وقف إلهنا الحبيب ومُخلصنا عارياً أمام أعدائه القساة إلا من سترة قصيرة كانت على كتفيه، والملابس الكتانية التي تستر عريه. رداؤه الصوفي كان قد التصق بالجراح، ومن المتعذر وصف آلامه عندما نزعوه عنه بالقوة. لقد ارتجف من الألم، لقد كان بغاية الضعف والألم من نزف الدّم حتى أنه لم يتمكّن من أن يسند نفسه أكثر من بضع لحظات؛ لقد تغطّى بالجراح المفتوحة، وكتفاه وظهره قد تمزّقا حتى العظام من الجلد المخيف الذى ناله. لقد كان على وشك أن يسقط عندما أقتاده الجنود إلى حجر كبير وأجلسوه عليه بقسوة، خوفاً من أن يموت، وهكذا يحرمهم من مسّرة صّلبه، لكن ما أن أجلسوه حتى جددوا آلامه بوضع تاج الشّوك ثانية على رأسه. ثم قدموا بعض الخلّ الممزوج بالمر، لكنه لم يشأ أن يشرب واستدار في صّمت.
لم يسمح له الجنود أن يستريح طويلاً، بل أنهضوه ووضعوه على الصّليب الذي سيسمّرونه عليه. ثم أمسكوا بذراعه اليمين وسحبوها حتى الفتحة المعدة للمسمار، وأوثقوها بأحكام بحبل، جثا واحد منهم على صدره، بينما أمسك آخر بيدّه ليجعلها مفتوحة، والثالث أمسك بمسمار غليظ وطويل، غرزه فى راحة يده المفتوحة، التي كانت دوما مفتوحة لتمنح البركات والحسنات لليهود الجاحدين، وبمطرقة حديدية عظيمة جعله يخترق راحة يده وينفذ خلال الفتحة المُعدة من قبل في خشبة الصليب. تأوه يسوع بآهة واحدة عميقة مكتومة، وتدفق دمه وانتثر على أيدي الجنود. كانت المسامير كبيرة جدا، رّؤوسها بحجم قطعة النقود، وسّمكها كسمك إبهام الرجل.
وقفت العذراء المبارك ساكنة؛ من وقت لآخر يُسمع منها صوت أنين حزين؛ بدت كما لو أنها تغيب عن الوعي من الأسى، والمجدلية كانت بجانبها .
بعدما سمر الجنود يدّ يسوع اليمنى، أدركوا أنّ يده اليسرى لن تصل إلى الفتحة التى أعدوها مُسبقاً لنفاذ المسمار فيها، لهذا ربطوا ذراعه اليسرى بالحبال، ودعموا أقدامهم فى الصليب، شدوا اليد اليسرى بقسوة حتى وصلت المكان المُعد لها. هذه العملية المخيفة سبّبت ليسوع آلاماً يتعذر وصفها، صدره ارتفع، ساقاه تقلّصتا تماما. جثوا ثانية فوقه، أوثقوا ذراعيه، وسمروا المسمار الثّاني في يده اليسرى؛ تدفق دمه ثانية، وآهاته الضّعيفة سُمعت أكثر من مرة بين ضربات المطرقة، لكن لا شيء كان ممكن أن يحرّك قلوب هؤلاء الجنود القساة. هكذا امتدّت ذراعا يسوع، لم تعدا تغطّيان ذراعي الصّليب، اللتان كانتا منحدرتين وكان هناك فراغ واسع بينها وبين إبطيه.
كل عذاب وإهانة وقعت على يسوع سبّبت آلاماً جديدة لقلب أمه المباركة؛ لقد صارت شاحبة كجثة، بل أن الفريسيون سعوا لزيادة آلامها بكلمات وإيماءات مهينة، فأخذها التلاميذ إلى مجموعة من النساء التقيات اللاتي كن يقفن على بعد قليل .
ثبت الجنود قطعة من الخشب فى الجزء السفلي من الصّليب حيث ستُسمر قدما يسوع، لأن ثقل جسده لن تتحمله ثقوب راحة يديه، وأيضاً لكى تمنع كسر عظام قدميه عندما تسمّر على الصّليب. كانت هناك فتحة مُعدة فى الخشبة لينفذ فيها المسمار بعدما ينفذ من قدميه، وكان هناك أيضاً مكان صغير مجوف لأجل عقبيه, هذه التدابير الوقائية‏ قد اتخذت خشية أن تتمزق جراحه وتنفتح من قبل ثقل جسده، ويموت قبل أن يعانى كل التّعذيب الذي تمنّوا أن يروه وهو يُقاسيه على الصليب.
جسد يسوع بالكامل قد سُحب لأعلى، وتقلّص من الطريقة العنيفة التي مددّ بها الجنود ذراعيه، وركبتاه تقلصتا لأعلى؛ لهذا فردوها وقيدوها لأسفل بالحبال بإحكام؛ لكن سريعاً أدركوا أن قدميه لن تصلا لقطعة الخشب التي وضعوها لتستقر القدمان عليها وصاروا غاضبين. اقترح بعضهم عمل فتحات جديدة للمسامير الخاصة بيديه، لأنه ستكون هناك صعوبة في إزالة قطعة الخشب، لكن الآخرين لم يتوقفوا وصاحوا : " أنه لن يمدّ نفسه لكننا سنساعده " ورافقت هذه الكلمات الأقسام واللّعنات، وبعد ما ربطوا حبلاً بساقه اليمنى، سحبوها بقسوة حتى وصلت للخشبة، وبعد ذلك ربطوها بإحكام. الآلام التى جازت على يسوع من هذا الشد العنيف لمن المتعذر وصفها؛ " إلهي، إلهي " أفلتت هذه الكلمات من شفاهه، وزاد الجنود من ألمه بربط صدره وذراعيه بالصليب، خشية أن تتمزق الأيادي من المسامير. ثم ثبتوا قدمه اليسرى بقدمه اليمنى، جاعلين أولاً فتحة فيهما بمثقاب, لأنهم لم يستطيعوا أن يضعوهما بمثل هذا الوضع ليسمّرا معاُ. بعد ذلك اخذوا مسماراً طويلاً جدا وأنفذوه بالكامل فى كلتا القدمين وفي الصّليب، لقد أحصيت على الأقل ستة وثلاثون ضربة من المطرقة.
خلال فترة صّلب الرب لم يتوقّف يسوع عن الصلاة، وترديد فقرات من المزامير التي كان يرددها، مع ذلك, من وقت لآخر كان يُسمع أنين ضعيف بسبب زيادة الألم. بهذه الطريقة كان الرب يصلّى عندما كان يحمل صليبه، وهكذا استمرّ يصلّي حتى موته. سمعته يردد كل هذه الّنبوءات وكرّرتها بعده .
عندما انتهى صلب يسوع، أمر قائد الجنود الرّومان أن تُسمر اللوحة التى أمر بها بيلاطس على قمة الصّليب. أثار هذا سخط الفريسيون، وأزداد غضبهم من سخرية الجنود الرّومان، الذين أشاروا إلى ملكهم المصلوب؛ لذا تعجّل الفريسيون فى الرجوع إلى أورشليم وقد قرروا أن يبذلوا أفضل مساعيهم ليقنعوا الحاكم أن يسمح لهم أن يستبدلوا اللوحة بلوحة أخري.
كانت الساعة حوالي الثانية عشر والربع عندما صلب الرب يسوع؛ وفي اللحظة التى أرتفع فيها الصّليب، دوّت أبواق الهيكل، التي كانت تدوي دائما لتعلن عن ذبح حمل الفصح.









  رد مع اقتباس