07 - 11 - 2012, 04:58 PM
|
رقم المشاركة : ( 66 )
|
..::| VIP |::..
|
الفصل الخامس والأربعون
مريم والنّساء القديّسات فى الجلجثة .
مع أن العذراء المباركة كانت قَدْ حُملت بعيدا غائبة عن الوعي بعد اللقاء الحزينِ مع ابنها وهو حاَملا صليبه، إلا أنها استعادتْ وعيَها سريعا؛ لأن حبّها ورغبتها المتوهجة لرُّؤيته مرة أخرى، منحها شّعوراً خارقاً بالقوةِ. ذَهبتْ بصحبة مرافقيها إلى دارِ لعازر حيث تجمعت مارثا والمجدلية وعديد من النِّساءِ القديّساتِ مسبقا. الجميع كن حزانى ومُحبَطات، لكن المجدلية لم تتَمَكّنَ من حبس دموعها وبكائها. لقد بَدأن يسرن من هذه الدّارِ طريق الصّليبِ، بعبارة أخرى، لقد أردن أَنْ يَتْتبعن كل خطوه خطاها يسوع في هذه الرحلةِ الأكثر ألماً. حَسبَت مريم كل خطوةِ، ولَكُونُها أنَيّرتَ بشكل داخلي، أشارت إِلى مرافقيها إلى تلك الأماكنِ التي قَدْ كُرّستْ بآلام خاصة. حينئذ جاز السّيفَ الحادَّ الذى أنبأ به سمعان الشيخ فى البداية في قلبِ مريم, ذلك الولاءِ المؤثر الذى مارسته بشكل ثابت مَنحته مريم لمرافقيها، وهم بدورهم تَركوه لأجيالِ المستقبلِ، عطية ثمينة حقاً، مَُنحَت مِن قِبل إلهنا لأمه الحبيبةِ، والتى جازت من قلبها إِلى قلوبِ أولادها من خلال صّوتِ التّقليد.
عندما وَصلن النِّساءِ القدّيساتِ إلى دار فيرونيكا دَخلنه، لأن بيلاطس وضبّاطه كَانوا في ذلك الوقت يمرون خلال الشّارعِ، فى طريقهم للرجوع. لقد انفجرن باكيات عندما رأين وجه يسوع مطَبوعاً على الشال، وشكرن الرب على تلك العطية التى مَنحَها لخادمته الأمينة. آخذن النّبيذِ الذي منع اليهودِ يسوع من شُرْبِه، وبَدأَن معا المسير نحو الجلجثة. أزداد عددهم إلى حدٍّ بعيد، لأن عديد من الرّجال والنِّساء الأتقياء الذين ملأتهم آلام إلهنا بالرّحمةِ قَدْ انضموا إليهن، وارتقوا الجانبَ الغربيَ للجلجثةِ، حيث المنحدرِ هناك لم يكنَ عظيما. أم يسوع برفقةَ ابنه أختها، مريم أبنه كلوبا ويوحنا وسالومه ذَهبن لحدود الرّصيفِ المستديرِ؛ لكن مرثا ومريم التى لهالى وفيرونيكا ويوحانان وخوزي وسوسنا ومريم أمّ مرقص بَقين مع المجدلية، التي استطاعت أَنْ تسند نفسها بصعوبة.
أسفل الجبلِ كانت هناك مجموعةَ ثالثة من النِّساءِ القدّيساتِ، وكان هناك بعض الأفرادُ المُبَعثَرين بين المجموعاتِ الثّلاث، كانوا يحَملون الرسائل من مجموعة إِلى الأخرِى. الفريسيون الذين يمتطون الجيادِ كانوا يجولون ذهاباً وإيابا بين الشعبِ، وكانت المداخل الخمسة بحراسة الجنودِ الرّومان. ثبتت مريم عينيها على بقعةِ الصلب، ووَقفتْ وكأنها مسلوبة القلب، لقد كان حقاً منظر يُروّعَ ويُمزّقَ قلب أى أمِّ. كان هناك الصليب الرهيب، المطارق، الحبال، المسامير، وبمحاذاة آلاتِ التعذيب المخيفةِ هذه وَقف الجلادون المتوحشون، نصف سكارى وتقريباً بلا ملابس، يلعنون ويجدفون، بينما يعدون أنفسهم. ازدادتْ آلام العذراءِ المباركةِ بشّدة لكونها لم تكن قادرة على رؤية ابنها؛ عَرفتْ أنّه ما زالَ حياً، وشَعرتْ برغبة متوهجة فى أَنْ تَنْظره مرة أخرى، بينما التفكيرَ فى العذابِ الذى ما زالَ عليه أَنْ يَتحمّلَه جعِلَ قلبها يفيض بالأسىِ.
كان قليل من الندى قد سْقط خلال بعض أوقات الصّباح، لكن الشّمسَ أشرقت بعد العاشرة، وضباب أحمر كثيف بَدأَ يحجبها نحو الثانية عشرَ.
|
|
|
|