عرض مشاركة واحدة
قديم 07 - 11 - 2012, 04:57 PM   رقم المشاركة : ( 65 )
Magdy Monir
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية Magdy Monir

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 12
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 58
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 51,017

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Magdy Monir غير متواجد حالياً

افتراضي

الفصل الرابع والأربعون
يسوع فى جبل الجلجثة


تحَرّكَ الموكبُ ثانية؛ كَانَ الطّريق شديد الانحدار ووعراً جداً بين أسوار المدينةِ والجلجثةِ، وكَانَ يسوع يجد صّعوبةُ عظيمة في السير بحمله الثّقيلِ على كتفيه؛ لكن أعدائه القساة، بعيدا عن الشعورِ بأدنى شّفقةِ، ودون إعطائه أقل مساعدة، استمروا يَحْثونّه بضّرباتِ قاسية والتفوه باللّعناتِ المُخيفةِ. أخيراً وَصلوا إلى بقعةَ حيث الممر يتحول فجأة نحو الجنوبِ؛ هنا تَعثّرَ وسقط يسوع للمرة السادسة. السّقوط كَانَ مُخيفاَ، لكن الحرّاسَ ضَربوه بطريقة أقسى ليُجبرونه على النهوض، وما أن وصل إلى الجلجثةَ حتى سقط للمرة السابعة.
سمعان القيروانى قَدْ مُلئ بالتّذمرِ والرّحمةِ؛ على الرغم من إعيائه، رَغبَ فى البقاء رُبَما يُساعدُ يسوع، لكن الجنود شَتموه وأبعدوه، صار سمعان القيروانى بعد ذلك مسيحيا وتبع التلاميذ. أمر الجلادون العُمّال والأولاد الذين يحَملون آلات التّنفيذِ أَنْ يرحلوا، ووصل الفريسيون فى الحال، لأنهم كَانوا على صهوة الجيادِ، وقَدْ اَخذوا الطّريق الممهد السّهل الذي يمتد شرقِ الجلجثةِ. منظرَ مدينةِ أورشليم بالكاملِ كان يُرى من قمةِ الجلجثةِ. هذه القمةِ كَانتْ مستديرة ومحاطةَ بسور منخفضِ ولها خمسة مداخلِ منفصلةِ. إن هذا العدد كان أمراً عادياً في تلك المناطق، لأنه كانت هناك خمسة طرقُ عند الحمامات، في الموضع حيث يتعَمّدوا، في بركةِ بيت صيدا، وكان هناك أيضا عديد من المدنِ ذات خمس بوّاباتِ. من هذا، كما في عديد من الخواصِ الأخرىِ للأرضِ المقدّسةِ، كَانَ هناك مغزىَ نبويَ عميقَ؛ عددِ خمسة هذا كَانَ يرمِز إلى‏ جراحِ مُخلصنا المقدّسةِ الخمسة، التي فْتحَت لنا أبوّاب السّماءِ.
توقف الخيالة عند الجانبِ الغربيِ للجبلِ، حيث لم يكنَ المنحدر شديد الانحدار؛ لأن الجانبِ الذي أتى منه يسوع كَان وعراً وشّديد الانحدار. أنتشر حوالي مائة جندي فى أجزاءِ الجبل المختلفةِ، ولأنه كان مطلوب خلو المكان، لم يُحضر اللّصان لأعلى، بل أمروا أَنْ يَتوقّفا قبل أن يصِلوا هناك، وأَنْ يرقدا على الأرضِ وأياديهم مقيدة بصليبيهما ووقف الجنود حولهما ليحَرسوهما، بينما وقفت جموع الناس الذين لم يخشوا من تَدْنيس أنفسهم قُرْب الرّصيفَ أو على المرتفعاتِ المُجَاوِرةِ؛ هؤلاء كَانوا في الغالب من الغرباءِ من الطبقات الدنيا ومن العبيد الوثنين، وعدد منهم كَن من النِساءَ.
كانت حوالي الساعة الثانية عشر إِلا ربعاً عندما وصل يسوع لموضع الصلب. جره الجلادون البرابرة لأعلى بالحبالِ التي رَبطوها حول خصره، وبعد ذلك حَلواَّ ذراعي الصّليبِ والقوهما على الأرضِ. منظر إلهنا المباركِ في هذه اللّحظةِ كَان حقاً يُحرّكَ أقسى القلوب نحو الرحمة؛ لقد وَقفَ أو بالأحرى انحنىَ على الصليب، لكونه قادراً بالكاد أن يسندِ نفسه؛ مُحياه السّماوي كَان شاحبا كما لشخصِ على حافة الموت، على الرغم من‏ أن الجراح والدماء شَوّهته لدرجةِ مخيفةِ؛ لكن قلوبَ هؤلاء الرّجالِ القساة كَانت للأسفً! أقسى من الحديدِ نفسه، وبعيدا عن إظهار أدنى رثاء له، طرحوه أرضاً بوحشية، صائحين باسْتِهْزاءِ : " أيها الملك القدير، ها نحن عَلى وَشَكِ أَنْ نَعدَّ لك العرش " وَضعَ يسوع نفسه فوراً على الصليب، وقِاسوه ووضعوا علامات فى أماكن قدميه ويديه، بينما استمر الفريسيون فى أهانه ذبيحتهم المستسلمة. عندما انتهوا من القياس، اقتادوه إِلى مغارة منحوتة في الصّخر، كَانت تُستعملْ فى السابق كقبوِ، فَتحواَ البابَ، ودَفعوه بغاية القسوة حتى أنه لولا مساندةِ الملائكةِ، لانكسرت ساقاه بالسقوط الصّعبِ جداً على الأرض الحجريةِ. لقد سَمعتُ آهات آلامه بوضوح، ثم أغلقوا البابَ بسرعة، ووَضعوا حرّاساً أمامه، وواصل الجنود إعدادهم للصليبِ. منتصف الرّصيفِ كَانَ جزءاً أكثر ارتفاعا، كان عبارة عن ربوة مستديرة، ترتفع قدمين تقريبا، وكان على المرء أَنْ يَصْعد درجتين أو ثلاث ليَصلَ إليها. حفر الجلادون ثلاث حفر للصّلبانِ الثّلاثة في قمةِ هذه الربوة، وَضعوا صليبى اللّصين واحد على يمينِ صليب يسوع والآخرِ عن يساره؛ كان كليهما أقل ارتفاعا من صليبه. ثم حَملوا صليب مُخلصنا إِلى البقعةِ حيث نَووا أَنْ يَصْلبوه، ووَضعوه بطريقة بحيث يَسهل سْقوطه في الفتحةِ المُعدة له. رَبطوا ذراعي الصليب بقوة بالجزء الطولي، سَمّرواَ قطعة من الخشب فى الجزء السفلي من الصليب حيث ستستند القدمين، ثقبوا أماكن المسامير، وجوفوا أماكن مختلفة في الخشب في الأجزاءِ التي بها رّأس وظهر المسيح، من أجل أن يستقر جسده على الصليب، بدلاً من يَكُونُ معلّقاً منه. هدفهم من هذا لم يكن رحمة منهم بل كَان إطالةَ مدة تعذيبه، لأن لو سُمح لوزنَ الجسد بالكاملَ أَنْ يتدلى من الأياديِ لتمزقت فتحاتِ المسامير تماما ويموت بسرعة أكثر مما يريدون. ثم جلب الجلادون قِطَعاً من الخشب يستعملوها كأوتاد ليحفظوا بها الصّليب قائماً.







  رد مع اقتباس