عرض مشاركة واحدة
قديم 07 - 11 - 2012, 04:55 PM   رقم المشاركة : ( 9 )
Magdy Monir
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية Magdy Monir

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 12
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 58
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 51,017

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Magdy Monir غير متواجد حالياً

افتراضي


الفصل الأربعون
حِمل‏ الصّليب



عندما ترك بيلاطس المحكمةَ تبعه جماعة من الجنودِ، وصاحبوا المذنبين. جاء ثمانية وعشرون فريسياً مُسَلَّحاً إِلى الساحة على الجيادِ، من أجل أَنْ يُرافقَوا يسوع إِلى موضع تّنفيذِ الحكم، ومن بين هؤلاء كَان أعداءَ يسوع السّتة، الذين سَاعدوا في اعتِقاله في بستان الزّيتونِ. أقتاد الجنود يسوع إلى منتصفِ القاعةِ، طرح العبيد الصّليبَ عند قدميه، والذراعان قَدْ رُبِطا حالاً على القطعة العمودية. ركع يسوع بجانبه، طَوّقه بيديه المقدّسةِ، وقَبّله ثلاث مرات، موجهاً في نفس الوقت، صلاة شكر مؤثرة للغاية إِلى أبيه السّماويِ لأجل عملِ الفداء الذي قَدْ بَدأهَ. لقد كان التقليد بين الأمم أَنْ يُعانقَ الكاهن المذبح الجديد، ويسوع بمثل ذلك عَانق صليبه، ذلك المذبحِ الجليلِ الذي كَان عَلى وَشَكِ أَنْ تُقدم عليه الذبيحة الدّمويةِ والكفاريةِ. أنهضه الجنود وبعد ذلك سْجدُ ثانية، ووُضع الصّليبِ الثّقيلِ على كتفه الأيمنِ، سانداً وزنه العظيمَ بيدّه اليمنى بينما كَانَ على رُكَبتيه وكان ما زالَ يَصلّي .
وضع الجلادون أذرع الصليبان الآخرين على ظهرِ اللّصين، ورَبطواْ أياديهم بإحكام بها. الأجزاء العمودية للصّليبينِ حملها بعض العبيد، لأن القِطَعِ المستعرضةِ لم تكن مثبتة حتى قبل وقتِ التّنفيذ. أعلن صَوّتَ البوقُ مغادرة خيالةِ بيلاطس، وجاء أحد الفريسيون الذى ينتمى إلى الحرس إِلى يسوع، الذي كان لا يزالَ راكعاً وقالَ له " انهض، لقد أَخَذنا كفايتنا من الكلام المعسول؛ اَنْهضُ للمسير " لقد أقاموه عنوة، لأنه كَانَ عاجزَا بالكليةً عن أَنْ يَنْهضَ بدون مساعدة، وشَعر على أكتافه بثقل ذلك الصّليبِ الذي يَجِبُ أَنْ نَحْملَه خلفه، طبقاً لوصيته الصادقة والمقدّسة بأَنْ نتبعه. هكذا بَدأَ ذلك الموكبِ المنتصرِ لملكِ الملوكِ، موكب بغاية الخزي على الأرضِ، وبغاية المجد في السّماءِ.
سند جنديان الصليب بواسطة الحبال التي ربطها الجلادون به، ليَمْنعَا تُشَابَكه في أي شئ، وأمسك أربعة جنود آخرين بالحبالِ الأربعة، التي رَبطوها بيسوع أسفل ملابسه. منظر إلهنا الحبيب مَرتجف تحت حمله، ذَكّرني بإسحاق، عندما حَملَ حطبَ محرقته إلى الجبلِ. أعلن بوق بيلاطس الأمر ببدء الموكب، لأنه نَوى أَنْ يَذْهبَ بنفسه إلى الجلجثةِ علي رأسِ فصيلةِ من الجنودِ، ليَمْنعَ أى إمكانية للتمردِ. كَانَ على صهوة جوادِ، مُغطى بدّرعِ ومحاطَ مِن قِبل ضّبّاطه وسلاح الفرسانِ، ويتبعه حوالي ثلاثمائة من المشاةِ. تقدم الموكب نافخ البوق الذي نفخ بوقه في كل زاويةِ وأعلن الحكم. سار عدد من النِّساءِ والأطفالِ خلف الموكبَ بالحبالِ والمسامير والأوتاد وبسلال ممتلئة بأشياء مختلفةِ في أياديهم؛ الآخرون، الذين كَانوا أقوىَ، حملوا السلالم والقطع الرأسية لصليبي اللّصين، وتَابع بعض من الفريسيون الموكب على ظهور الجيادَ. حمل صبى اللوحة التى كتبها بيلاطس للصليب، حَملَ أيضا علي طرف عصى طويلةِ إكليل الشوك الذي كان قَدْ أزيل عن رأس يسوع، أنه لم يبدُو شّريرا وقاسياِ مثل الباقينِ. بعد ذلك رأيت مُخلّصنا المباركَ وفادينا, قدميه عاريتين ومتورمين تَنزفان وظهره منحنى كما لو كَانَ عَلى وَشَكِ الغرقَ تحت الوزنِ الثّقيلِ للصّليبِ، وجسده بالكامل مغَطّي بالجراحِ والدّمِ.
بَدا بغاية الإعياءِ لكونه لم ينام ولا شرب منذ عشاء اللّيلةِ السّابقةِ، بدا ضعيف من نزف الدّماءِ، ظمآن نتيجة الحمىِ والألمِ. لقد كان يسند الصّليبَ الموضوع على كتفه الأيمن بيدّه اليمنىِ، يده اليسرى تدلت بضعف بجانبه، لكنه حاول من وقت لأخر أَنْ يمسك بها رداؤه الطّويل ليَمْنعَ قدميه النَّازِفتين من أن تتُشَابَكا معه. سار الجنود الأربعة الذين أمسكوا بالحبال التي رُبِطتْ حول خصره بعيدا عنه قليلا، الاثنان اللذان فى الأمامِ يسحبانه، والاثنان اللذان فى الخلف كانا يجرانه للخلف، لكي لا يستطيع الَتقدّمَ بالمرة إلا بصّعوبة. يداه تقطعَتا مِن الحبالِ التي قُيد بها؛ وجهه كان ملطخاً بالدماء ومشَوّهَاً؛ شعره ولحيته مشبعان بالدّمِ؛ وزن الصّليبِ وقيوده جعلت رداؤه الصّوفي يخترق جراحه، ويُعيدُ فتحها: الكَلِمات الساخرة والقاسية هى فقط التى وُجهت إليه، لكنه استمرَّ يَصلّي من أجل مضطهديه، ومُحياه يُبدى تعبيراً ينم عن الحبِّ والاستسلام. سار عديد من الجنودِ المسلّحين بجانبِ الموكبِ، وبعد يسوع جاءَ اللّصان، اللذان كانا يُقتادان على نفس النمط، أذرع صليبيها، مَوْضُوعَة على ظهريها وأياديهم مقيدة بأحكام بنهايتها. كانا يرتديان مآزر‏ كبيرةِ، مع وشاح بلا أكمام يغَطّى الجزء الأعلى من جسمهما، وكَانا يرتديان قلنسوتين على رأسيهما. اللّص الصغير السن كَانَ هادئا، لكن الآخرَ كُان على العكس، غاضبا ولم يتَوقّف عن اللَّعْن والسب. مؤخّرة الموكبِ كان بها بقيّةِ الفريسيون على ظهور الجيادِ، كانوا يمشون ذهاباً وإياباً لحفظ النظام. بيلاطس وحاشيته كَانواَ علي مسافةِ فى الخلف؛ كان في وسطِ ضبّاطه مرتدياً دّرعهِ، تسَبقَه فرقة من سلاح الفرسانِ، ويتَلوه حوالي ثلاثمائة جندي من المشاةِ؛ عَبرَ الساحة، وبعد ذلك دَخلَ أحد الشّوارع الرّئيسية، لأنه كَانَ يسير خلال المدينةِ من أجل أَنْ يَمْنعَ أي شغب بين الشعب .
اقتيد يسوع من شارعِ خلفيِ ضيّقِ، لكى لا يُزعج الموكب الأشخاص الذاهِبينَ إلى الهيكلِ، ولكي يأخذ بيلاطس وفرقته الشّارعُ الرّئيسيُ بالكامل لأنفسهم. الجموع كانت قد تفَرّقَت بعد قِراءةِ الحكم، والجزء الأعظم من اليهودِ أمّا رَجعوا إِلى بيوتهم أو إِلى الهيكلِ، ليعدوا حمل الفصح؛ لكن البعض منهم كانْ لا يزالَ يُسْرِع‏ في فوضىِ كي يبصروا مرور الموكبَ السّوداوي؛ منع الجنود الرّومان كل الأشخاصِ من الانضمام للموكبِ، لهذا كان الأكثر فضولاً مضطراً أَنْ يتجه نحو الشّوارعِ الخلفيةِ، أو أَنْ يُسرّعَ ليصلَ الجلجثة قبل يسوع.
الشّارع الذى اقتادوا يسوع خلاله كان ضيقاً وقذراً؛ لقد عَانى الكثيرَ من المرورِ منه، لأن الجنود كَانَوا قريبين ويحثونه. الأشخاص الذين وَقفوا على أسطح البيوت، وفي النّوافذِ أهانوه بلّهجة مخزيةِ؛ العبيد الذين كَانوا يَعْملونَ في الشّوارعِ القوا القاذورات والطينَ عليه: حتى الأطفال حَرّضهم أعداؤه، لقَدْ ملئوا جيوبهم بالحجارة، وكانوا يلقونها أمام أبوابهم حيث كان سيعَبرَ يسوع، لكى يضطر أَنْ يَدُوسَ عليها.




  رد مع اقتباس