عرض مشاركة واحدة
قديم 07 - 11 - 2012, 04:49 PM   رقم المشاركة : ( 8 )
Magdy Monir
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية Magdy Monir

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 12
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 58
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 51,017

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Magdy Monir غير متواجد حالياً

افتراضي

الفصل الثالث والثلاثون
اقتياد يسوع من هيرودس إلى بيلاطس




غضب أعداء يسوع تماماً لَكُونهمَ مُضطرين للعودة بيسوع إِلى بيلاطس الذي أعلن براءته مراراً وأنه غير مُدَانُ. لقد اقتادوه فى طريقِ أكثر طولاِِ، كي يدّعوا أناس تلك المناطق من المدينةِ يَرونه في حالة العارِ التي كَانَ عليهاَ، ومن ناحية أخرى كي يَعطوا رسلهم وقتاً كافياً ليُثيروا عامة الشعب.
هذا الطّريقِ كَانَ صعباً وغير ممهد؛ وبتحريض الفريسيين لم يمتنع الجنود لحظةَ عن تَعذيبِ يسوع. كان الرداء الطّويل الذي يرتديه يعَرقَل خطاه، وتسَبّب فى سْقوطه أكثر من مرة؛ وبدلاً من أن يُساعده حرّاسه القساة في إعيائهِ سعوا بمشاركة كثيرين من عامة الناسِ الهمج أن يجبروه على النهوض بالضّربِ والرّكلِ .
لم يبد يسوع أدنى مقاومةَ إِلى كل الإساءات؛ بل كان يصَلّى باستمرار إِلى أبيه لأجل النّعمةِ والقوةِ التي لولاهما لكان أنهار، لكى يتمم آلامه لأجل فدائنا .
وصل الموكب لقصرَ بيلاطس. الحشود كَانتَ كثيرة، وكان الفريسيون يسيرون ذهاباً وإيابا، يَسْعون أن يُحرّضُوا الجموع أكثرُ. جَمّعَ بيلاطس أكثر من ألف جنديِ، وأرسلهم حول دار الولاية والساحة وقصره لأنه تَذكّرَ التمرد الذي حَدثَ السّنة الماضية في عيد الفصحِ.
العذراء المباركة ومريم التى لكلوبا والمجدلية، وحوالي عشرين من النِّساءِ القديّساتِ، كَنَ يَقفنُ في موضع يستطعن منه أَنْ يَرين كل ما يحَدث، وفي بادئ الأمر كَانَ يوحنا معهم.
أقتاد الفريسيين يسوع، الذى كان ما زالَ يرتدى ذلك الرداء، وسطِ الغوغاءِ الوقحين، وقَدْ فعَلَوا كل ما فى قدرتهم ليجمّعواَ الحقراء والأشرار الفجار من حثالةِ الشعب. كان هناك خادمُ قَدْ وَصلَ بالفعل إلى بيلاطس مُرسلَ مِن قِبل هيرودس، ومعه رسالةِ تُظهر أن سيده يقَدّرَ بالكامل رأيه، لكنه ينَظرَ إلى الجليلى على أنه ليس سوى إنسان أحمق، وأنه عَامله على هذا الأساس وها هو يرجعه له الآن. رضىَ بيلاطس تماماً لكونه وجد أن هيرودس قَدْ وصل إِلى نفس النتيجة التى وصل إليها هو نفسه، ولهذا أرجعه برسالة مهذبة. من تلك السّاعةِ اصبحا صديقان، بعد ما كاناَ أعداء لعديد من السَّنَواتِ؛ منذ أن انهارت القناةِ .
اقتيد يسوع ثانية إِلى قصر بيلاطس. جره الجنود على الدّرجِ بوحشيتهم المعتادةِ؛ أقدامه تُشَابكت مع ردائه الطّويلِ، وسَقطَ على الدرج الرّخاميِ الأبيضِ، الذى تلُطّخْ من الدّمِ النازف من رأسه المقدّسِ. أخذ أعداؤه مقاعدهم ثانية عند مدخلِ الساحةِ؛ سَخرَ الغوغاءُ من سقوطه، وضرب الجنود ضحيتهم البريئةَ، بدلاً من أن يُساعدونه على الَنْهوضَ. كان بيلاطس يَتّكئ على كرسي وأمامه منضدةِ صغيرة ومحاطَاً بضّبّاطِ وأشخاصِ يحَملون أشرطة رقّ الكتابةِ فى أياديهم. تَقدّمَ وقالَ إِلى من يتّهمون يسوع : " لقد قَدّمتَم لي هذا الرّجلِ، كشخص يُفسد الشعب، وها أنا بعد ما اختبرته أمامكم، لم أجد علة فيه من جهة تلك الأمور التى تشتكون بها عليه. كلا، ولا هيرودس. لأنى أرسلتكمَ إليه، وإنه لم يفعل شيئاً يستحقّ عليه الموتِ. لهذا أنا سأؤدبه وأُطلقه. "
غضب الفريسيون عندما سمعوا هذه الكَلِماتِ، وسَعوا بكل قدرتهم أَنْ يُقنعَوا الشعب أَنْ يَتمرّد، مُوزّعين الأموال عليهم ليصلوا إلىَ هذا الغرضِ. نظر بيلاطس حوله باحتقارِ، وخاطبهم بكَلِماتِ هازئة .
وكان من المعتاد طبقاً لتقليد قديم، أن الشعب كَانَ له امتياز طَلَبِ إطلاق سراح أحد السّجناء. أرسل الفريسين مبعوثون ليُقنعوا الشعب أَنْ يَطْلبوا الموت ليسوع. تَمنّى بيلاطس أن يطلبوا يسوع، وقرر أن يَعطيهم أَنْ يَختاروا بينه وبين مجرم يُدعِيِ باراباس، الذي كَانَ قَدْ أدين بجرائم قتلِ مُخيفةِ ارتكبَها خلال العصيان، وأيضا بعديد من الجرائمِ الأخرىِ، وكَانَ، علاوة على ذلك، مَكروه مِن الشعب.
كَانَ هناك هياج بين الحشودِ؛ تَقدّمَ قسم مُعين، وكلم خطباؤهم بيلاطس بصوتِ عال قائلينَ : " امنحنا الامتياز الذى تمَنحه لنا دوماً فى يومِ العيد " فأجاب بيلاطس : " لقد اعتدت أَنْ أُسلّمَ لكم مجرماً في عيد الفصحِ؛ من ستطلبون أن أُطلقُ لكم، باراباس، أم يسوع الذى يُدعى ملك اليهود ؟ "
مع أن بيلاطس كان متأكداً بأن يسوع ليس ملكَ اليهودِ، إلا أنه دَعاه هكذا، من ناحية لأن كبرياءه الرّومانيَ جَعله يستمد سعادته من إذْلاْلِ اليهودِ بدُعوةِ مثل هذا الشخصِ الحقيرِ المظهرِ بملكهم؛ ومن ناحية أخرى لأنه شَعرَ بنوعَ من الاعتقاد الدّاخليِ أن يسوع رُبَما يكون حقاً ُ ذلك الملكِ العجيب، ذلك المسيح المنتظر الموُعوِدَ. لقد رَأىَ بوضوح أنّ الكهنة قَدْ حُرّضوا بالحسدِ فقط في اتهاماتهم ضد يسوع؛ هذا جَعله يحرصِ أكثر على أَن يُخيّب آمالهم؛ وكَانَ هناك بعض التّرددِ بين الحشودِ عندما سأل بيلاطس هذا السّؤالِ، أجابت بعض الأصوات: " باراباس "
جاءه خادمَ مُرسل مِن قِبل زوجته في هذه اللّحظةِ؛ تَركَ بيلاطس الرّصيفَ، وقَدّم الرسول التعهد الذي أعطاه بيلاطس لزوجته، قائلاً في نفس الوقت : " إن كلوديا بروكليس تَستجديكَ أَنْ تَتذكّرَ وعدكَ لها فى هذا الصباح " سار الفريسيين والكهنة بحرص وبعجالة بين الحشودِ، يهددون البعض ويأَمْرونِ الآخرين، مع أنه، في الحقيقةِ، قليلاً الذى تطلّبَ لتُحرّيضَ الحشود التى كانت غاضبة بالفعل .
وقفت العذراء مريم مع المجدلية ويوحنا والنِساء القديّسات، في ركن الساحة، مَرتعدات يَبْكين؛ لأنه مع أن أمِ يسوع كَانتَ مدركةَ بالكامل بأنّ فداء البشر لا يَمَكّنَ أَنْ يتم مِن قِبل أي وسائلِ أخرىِ إلا بموتِ ابنها، إلا أنها امتلئت بالألمِ كأمِّ، وبرغبة متلهفة فى أَنْ تُنقذه من ذلك العذابِ ومن ذلك الموتِ الذي كَانَ عَلى وَشَكِ أَنْ يَعانيه. لقد صَلّتْ إلى الرب ألا يَسْمحُ أنْ تُرتَكبُ هذه جريمةِ المخيفة؛ لقد كَرّرتْ نفس كَلِماتَ يسوع في بستان جَثْسَيْمَانِي : " إن أمكن، فلتجيز هذا الكأسِ " كانت لم تزالَْ تشعر ببصيص من الأملِ، لأنه كان هناك تقريرَ شائع أن بيلاطس يرَغبَ فى تبرئة يسوع. تُجمّع بجوارها مجموعة من الناس، أغلبهم من كفر ناحوم، حيث عَلّمَ يسوع وأجرى عديداً من معجزات الشفاء بينهم؛ لقد ادّعوا إنهم لا يَتذكّرونَها لا هى ولا باقي رفاقها. لقد فكرت كثيراً، كما فعَلَ رفاقها أيضاً، أن هؤلاء الأشخاصِ على الأقل سيَرْفضونَ باراباس ويطلبون حياة مُخلصهم وفاديهم؛ لكن هذه الآمالِ كَانتْ، للأسف، أوهاماً.
أعاد بيلاطس التعهدَ إِلى زوجته، كتأمينِ عن نيته بأَنْ يَحْفظَ وعده. تَقدّمَ ثانية إلى الرّصيفِ، وجلسَ علي المنضدةِ الصغيرة. أخذ كبار الكهنة مقاعدهم أيضاً، وسأل بيلاطس مرة أخرى: " أي من الرجلين على أَنْ أطلق لكم؟ " دَوّى صراخ عامَّ خلال القاعةِ : " لَيسَ هذا الرّجلِ، بل باراباس! " فرد بيلاطس : " لكن ماذا أفعل بيسوع، الذى يًدعى المسيح ؟ " صرخ الجميع بطريقة صاخبةِ : " فليصلب! فليصلب " سأل بيلاطس لثالث مرة: " لكن أي شر قَدْ فعلَ؟ أنى لست أَجدُ علة فيه. لذا سَأَجْلدهُ وبعد ذلك أُبرّئه. " لكن الصراخ " أَصْلبه! أصلبه! " دوى من الحشودِ، ودوت الأصوات كعاصفةِ جهنميةِ؛ صرخ رؤساء الكهنة والفريسيين وأسرعوا ذهاباً وإيابا كالمجانين. بيلاطس فى النهاية؛ لم يتَمَكن من أَنْ يُقاومَ مثل هذه المظاهراتِ العنيفةِ؛ أطلق باراباس للشعب، وقرر أنْ يُجْلَدُ يسوع.



  رد مع اقتباس