07 - 11 - 2012, 04:44 PM
|
رقم المشاركة : ( 8 )
|
..::| VIP |::..
|
محاكمة الصّباح
تجمّع قيافا وحنان والشيوخ والكتبة مرة أخرى في الصّباح في القاعة الكبيرة ليعقدوا محاكمة قانونية، لأن اجتماعات الليل لم تكن قانونية، ويمكن فقط أن تنظر التمهيد للمحاكمة. نام أغلب الأعضاء في دار قيافا، حيث أُعدت لهم الأسرّة، لكن البعض ومن بينهم نيقوديموس ويوسف الرامى عادوا لمنازلهم ثم عادوا فجر اليوم. كان الاجتماع حاشدا، وشرع الأعضاء فى مهمتهم بأسرع ما يمكن. لقد رغبوا أن يدينوا يسوع بالموت فى الحال، لكن نيقوديموس ويوسف الرامى، وبعض الآخرين عارضوا رغباتهم وطلبوا أنّ يرجئ القرار إلى ما بعد العيد، خوفاُ من التسبب فى تمرد بين الشعب، مؤكدين أيضاً أنهّ لا يمكن أن يُحاكم مُتهم بعدل باتهامات لم تثبت، وأنه في الحالة التى أمامهم الآن فأن كل الشّهود يناقضون بعضهم البعض. أغتاظ كبار الكهنة والموالون لهم وقالوا ليوسف الرامى ولنيقوديموس بكلمات بسيطة، إنهم لم يندهشوا للاستياء الذى أظهراه في السابق، لأنهما مواليان للجليلي ولتعاليمه، وإنهما يخشيان أن يدان. نجح رئيس الكهنة فى أن يُبعد من المجلس كل الأعضاء الذين لديهم أدنى دّرجة من التعاطف مع يسوع. احتج هؤلاء الأعضاء بأن غسلوا أياديهم من كل إجراءات المجلس وتركوا القاعة وذهبوا إلى الهيكل، ومنذ هذا اليوم لم يشغلوا مقاعدهم مرة أخرى في المجلس.
أمر قيافا الحرّاس أن يُحضروا يسوع مرة أخرى أمامه، وأن يعدّ كل شيء لأخذه مباشرة إلى محكمة بيلاطس لأنه يجب أن يعلن العقوبة. أسرع الحرس إلى السّجن، وبوحشيتهم المعتادة حلّوا وثاق يدي يسوع، نزعوا العباءة القديمة التي كانت قد تركوها على كتفيه وجعلوه يضع عباءته، وجروه خارج السّجن بعدما ربطوا الحبال حول خصره. عندما عبر يسوع خلال الحشود التى تجمّعت عند مدخل الدّار، كان منظره كمنظر ذبيحة تُقاد للذبح؛ تغيّرت معالمه بالكلية وتشوّهت من المُعاملة القاسية، ملابسه تلطّخت وتمزّقت؛ لكن منظر آلامه كان بعيداً عن إثارة الشعور بالشّفقة في قلوب اليهود القاسية الذين امتلئوا بالاشمئزاز وزاد هياجهم. حقا أن الرحمة كانت شعوراً غير معروف في صدورهم القاسية.
خاطب قيافا يسوع دون أن يبذل أدنى جهد ليخفي كراهيته قائلا: " إن كنت أنت المسيح، قل لنا ذلك صراحة. " حينئذ رفع يسوع رأسه وأجاب بوقاره وهدوئه العظيم : " إن قلت لكم، فإنكم لن تصدقوني؛ وإن سألتكم، فإنكم لن تجيبوني ولن تطلقوني. إلا أن ابن الإنسان سيجلس من الآن على يمين قوة الرب. " نظر رؤساء الكهنة كل منهم للآخر، وقالوا إلى يسوع بازدراء : " أأنت إذن ابن الرب؟ " أجاب يسوع بصوت الحق الأزلى قائلاً: " أنتم قلتم أنى أنا هو " بهذه الكلمات صاحوا جميعا " ما حاجتنا بعد لأي شهادة أخرى؟ فأننا قد سمعنا ذلك بأنفسنا من ذات فمه "
نهضوا جميعا فى الحال ونافس كل منهم الآخر فى أهالة أردأ الصّفات على يسوع، الذى دعوه فاجراً ووضيع المَوْلِد، الذي يطمح فى أن يكون مسيحهم المنتظر، ويزعم أنه مؤهّل لأن يجلس على يمين الرب. لقد أمروا الحراس أن يربطوا يديه ثانية وأن يربطوا سلسلة حول رقبته ، وحينئذ استعدّوا لأن يقتادوه إلى بيلاطس، حيث أرسلوا إليه رسولاً بالفعل ليستجدونه أن يُعد كل شئ لمحاكمة مجرم، كما أنه من الضروري ألا يتأخر بسبب يوم العيد.
همهم اليهود بين أنفسهم أنه لابد أن يقدّم إلى الحاكم الرّوماني لتأكيد عقوبتهم، لأن ذلك كان ضرورياً، حيث أنه لم يكن لهم الحق فى مًحاكمة المجرمين باستثناء الأمور التى تتعلق بالدين والهيكل فقط، وإنهم لا يستطيعون أن يُجيزوا عقوبة الموت. لقد رغبوا أن يثبتوا له أنّ يسوع عدو للإمبراطورية، وهذا الاتهام كان يخص أمور تحت نطاق سُلطة بيلاطس.
اصطف الجنود أمام الدّار، محاطين بحشود كبيره من أعداء يسوع ومن العامة الذين انجذبوا بدافع الفضول. سار رؤساء الكهنة وجزء من أعضاء المجلس على رأس الموكب، ثم يسوع يقتاده الحراس بالإضافة لبعض الجنود الذين يتبعونهم، بينما سار الغوغاء فى الخلف فى المؤخّرة. كان عليهم أن ينحدروا من جبل صهيون، ويجتازوا الجزء المنخفض من المدينة ليصلوا إلى قصر بيلاطس، وذهب عديد من الكهنة الذين حضروا المجلس إلى الهيكل مباشرة بعد ذلك، للاستعداد للعيد .
|
|
|
|