عرض مشاركة واحدة
قديم 07 - 11 - 2012, 04:44 PM   رقم المشاركة : ( 7 )
Magdy Monir
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية Magdy Monir

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 12
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 58
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 51,017

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Magdy Monir غير متواجد حالياً

افتراضي

تأمل الرب يسوع


تأملوني في السّجنِ حيث قضيت جزءَ من اللّيلِ. أُهانني الجنود بالكَلِماتِ والأفعالِ، لقد كانوا يَدْفعوني ويَضْربوني وسْخروا من حالي كإنسان .
بقرب الفجر، سئموا مني، فتَركوني وحيداًَ مُقيداً في غرفة مُظلمةِ، رطبة وذات رائحة كريهةِ، مليئة بالجرذانِ. لقَدْ قيدوني بطريقة بحيث كَانَ لِزاماً علّي أَنْ أقف أو أجلس على صخرةِ مدبّبةِ كَانتْ هى كل ما أعطوه لى كمقعدِ. جسدى المتَوَجُّع قَدْ تخُدّرَ تقريباً من البردِ. تَذكّرتُ آلافَ المرات التي دثرت فيها أمي جسدي، تُغطيني عندما أكُونْ فى حاجة للدفء .. فبكيت .
فلنُقارنُ الآن بين الهيكل والسّجنِ، وقبل كل شئ، بين السجن وقلوبِ البشر. فى السّجنِ قضيت ليلهَ واحدة.... كم عدد اللّيالي التى أقضيها في الهيكل ؟
فى السجنِ الجنودِ الذين كَانواَ أعدائي, جَرحوني؛ أما في الهيكل فأُعاملُ بشكل سيئ وأهانَ من قبل نفوس تَدْعوني أباها. فى السّجنِ كُنْتُ حزينَاً وخجلاناً، جوعاناً ونعساناً وبردَاناً، متَوَجُّعا ووحيداً ومهجوراً. لقد كنت أستطيع أَنْ أري، على مدى الزمنِ، كيف في كثير جداً من الهياكل لَنْ يَكونَ عِنْدَي كساء الحبِّ. كثير جداً من القلوبِ الباردةِ سَتَكُونُ لي مثل هذه الصّخرةِ التى في السّجنِ!
كثيراً جداً من المرات سَأكُونُ عطشان للحبِّ، عطشان للنفوس! أياماً كثيرة جداً انتظر أن تَزُورني نفس، أن تلاقيني في قلبها لأننى قضيت اللّيل كله وحيداً وقَدْ فَكّرتُ فى تلك النفس من أجل أَنْ تَرْوي عطشي! مرات كثيرة جداً أَشتاقُ لأحبائي، أشتاق لوفائهم ولكرمهم!
هَلْ يَعْرفونَ كيف يُهدّئون هذا الشّوقِ؟ عندما يكون عليهم أَنْ يتألموا يسيراً، هل سَيَعْرفونَ أَنْ يُقولوا لى : " أنْ نَكُونَ معك في وحدتكَ, فهذا سيُساعدكُ على أَنْ تُهدّئَ حزنكَ" ؟. وأه ! ليتكم على الأقل تتحدوا معى, وطالما أنكمَ تَواسون قلبي، فأنكمَ ستطوقونه بالكامل بالسّلامِ وسيتُقَوَّى.
فى السّجنِ شَعرتُ بالخجل عندما سَمعتُ الكَلِماتَ المروّعةَ التي قِيلتْ عنيّ، وذلك الخجل نَما عندما رَأيتُ أن هذه الكَلِماتِ نفسهاِ سَتُكرّرهاُ النفوس الحبيبةِ.
عندما صفعتني وضَربتني تلك الأيادي، رَأيتُ كيف أنه فى كثير من المرات سَأكُونُ مصفوعاً ومضُروباً مِن قِبل كثير جداً من النفوس التي بدون أن تُطهر نفسها من الخطيئةِ، بدون أن تُنظّفُ مسكنها بالاعتراف الجيدِ، تتناولني. رأيت أن تلك الآثامِ المألوفةِ ستَضْربني مراراً وتكراراً, رأيت عندما سيجْعلونني اَنْهضُ بدَفْعي، بَكُونُي بلا قوةَ وبسبب السّلاسلَ التى تقيدني، سْأسقطُ على الأرض. رَأيتُ كيف أن كثير جداً من النفوس التى تقيدني بسلاسلِ الجحودِ، ستَتْركني اَسْقطُ على الأحجارِ مُجدّدينُ خزيي ومُطيلُين وحدتي.
تأمّلواُ يا نفوسى المُختَاَرة، تأمّلواُ عريسكم في السّجنِ. تأمّلوني فى تلك الليلةِ واعلموا أن هذه الآلام تطولُ في عزلة كثير جداً من الهياكلِ، تطول هذه الليالي في برودةِ كثير جداً من القلوبِ.
إن أُردتم أَنْ تَعطوني برهان عن محبّتكمَ، اَفْتحُوا لى قلوبكمَ لأستطيع أَنْ اَجْعلها سجني. قيدوني بسلاسلِ محبّتكَم. غطوّني برقتكم؛ غذّوني بحنانكم. أروْا عطشي بتوهجكم. واسوا أحزاني ووحدتي بمشاركتكَم الأمينة. اجعلْوا خزيي يَختفي بنقاوتكمَ وبنواياكمَ الصّادقةِ. إن كنتم تُريدوا أَنْ أستَريحَ فيكم، تجنّبُوا صخب أهوائكم وفي صمتِ نفوسكم، أنا سَأَنَامُ بسلام .
من وقت لآخر سَتَسْمعُون صوتي يُخبركمَ بهدوء: يا عروسي، أنك الآن موضع راحتي، سَأكُونُ أنا موضع راحتك إلى الأبد. إليكم، يا من تُزوّدني بقلوبكم كسجن بكثير من التكريسِ والحبِّ، أنى أَعدُكم أنّ أجركم سيكون بلا حدودُ، والتّضحيات التى أديتموها من أجلي خلال حياتكَم لَنْ تجعلكم فى الموازين لأسفل .
عندما كنت في السّجنِ رَأيتُ المقتدين بآلامى يَتعلّمونَ منى وداعتي، يتعلمون صبري وسكوني. ليس فقط بقبول الآلام والازدراء، بل مُحبين حتى الذينََ يَضطهدونهم، وأن اقتضى الأمر، يَضحّون بأنفسهم من أجلهم كما ضَحّيتُ أنا بنفسي.
خلال ساعات العزلة تلك وفي غمرة كثير من الآلام، صرت متوهجاً أكثر فأكثر برغبتى فى إكمال إرادة أبى بالتمام. . هكذا قدمت نفسي لأصلح مجده المُهان بعمق! هكذا أنتم آيتها النفوس التقية, الذين تجدوا نفوسكم في سّجن اختياري من أجل المحبة، أكثر من مرة ستكونون في أعين الآخرين كمخلوقات بلا فائدة ومن المحتمل مخلوقات ضارّة، لا تخافوا. دعوهم يصيحون ضدكم, وخلال ساعات الألم والعزلة تلك, وحدوا قلوبكم بحميه مع إلهكم، مع موضوع محبتكم الوحيد. كفروا لأجل مجده المهان من قبل كثير جداً من الآثام.
بينما كان يسوع في هذه الزّنزانة، يهوذا، الذي كان يتجوّل أعلى وأسفل وادي هنون كالمجنون، توجه نحو دار قيافا بالثلاثين قطعة فضة، مكافأة خيانته، التى كانت ما زالت مُعلقة على خاصرته. كل شئ حوله كان صامتاً، وتوجه إلى بعض الحراس، دون أن يتركهم يعرفون من هو، وسألهم عما حدث للجليلي. كانت الإجابة : " لقد أدين بالموت، وسيصلب بالتأكيد ". مشي يهوذا ذهابا وإيابا، واستمع إلى الأحاديث المختلفة التي تختص بيسوع. البعض تكلّم عن المعاملة القاسية التى نالها، تكلم آخرون عن صبره العجيب، بينما آخرين، ثانية، ناقشوا باهتمام المحاكمة المهيبة التي ستحدث في الصّباح أمام المجلس العظيم.
بينما كان الخائن يستمع بلهّفة إلى الآراء المختلفة، أشرق النهار؛ شرع أعضاء المحكمة فى استعداداتهم، وانسلّ يهوذا خلف البناية لكى لا يراه أحد، لأنه مثل قايين طلب أن يخفي نفسه عن أعين البشر، وبدأ اليأس يدب فى نفسه. الموضع الذي اتخذه كمخبأ صادف وكان نفس البقعة التى كان العمّال يعدّون فيها الخشب لصنع صليب يسوع؛ كل شئ كان مُعداً، والرّجال كانوا نائمين بجانبه. امتلأ يهوذا بالرّعب من المنظر: ارتجف وهرب عندما نظر آداه ذلك الموت القاسي الذي أسلّم إليه إلهه وسّيده لقاء مبلغ تافه من المال؛ جرى ذهابا وإيابا في آلام مُبرِّحة‏ من النّدم، وأخفى نفسه أخيرا في مغارة مجاورة، حيث صمّم على أن ينتظر المحاكمة التي كانت ستحدث في الصّباح
  رد مع اقتباس