عرض مشاركة واحدة
قديم 07 - 11 - 2012, 04:43 PM   رقم المشاركة : ( 6 )
Magdy Monir
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية Magdy Monir

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 12
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 58
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 51,017

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Magdy Monir غير متواجد حالياً

افتراضي

الفصل الخامس والعشرون
اعتقال يسوع في سّجن تحت الأرض
أودع اليهود يسوع سجن صغير، بعد ما استنزفوا همجيتهم تماما، ليبقى فيه حتى الصباح. لازمه اثنان من الحراس، وقد استبدلوا باثنين آخرين فيما بعدً. لقد كان ما زال يرتدى العباءة القذرة القديمة، ومُغطّى بالبصاق والقاذورات الأخرى التي القوها عليه؛ لأنهم لم يسمحوا له أن يرتدى ملابسه ثانية، بل أبقوا يديه مُقيدتين بأحكام معاً.
عندما دخل يسوع هذا السّجن، صلّى بأكثر توهج لأبيه السّماوي أن يقبل كل ما يعانيه، وكل ما هو عتيد أن يعانيه كذبيحة كفارية، ليس فقط أن يقبل عذاباته، بل أيضاً عذابات كل الذين عليهم أن يتألمون في العصور التالية مثلما قد تألم هو، ويكونوا مُجربين بنفاد الصبر أو بالغضب.
لم يسمح أعداء الرب له بلحظة راحة، حتى في هذا السّجن الكئيب، بل قيدوه إلى عمود منتصب في وسطه، ولم يسمحوا له أن يتّكئ عليه، على الرغم من أنه كان مستنزفاً تماما من المعاملة السيئة ومن ثقل سلاسله وسقوطه العديد، حتى أنه كان يستطيع بالكاد أن يسند نفسه على قدميه المتورمتان والممزّقتان. لم يتوقفوا للحظة عن أهانته؛ وعندما تعبت المجموعة الأولى، أبدلوها بأخرى .
من المستحيل تماما أن أصف كل ما عاناه قدوس القديسين من هذه الكائنات القاسية؛ لأن المنظر أثّر فيّ جدا حتى أنى أصبحت مريضة حقا، وشعرت كما لو أننى لست أستطيع أن أحيا آلامه. نحن يجب أن نخجل حقاً من ذلك الضّعف الذي يجعلنا عاجزين عن أن نستمع برباطة جأش لأوصاف تلك الآلام التي تحملها الرب بشكل هادئ جداً وبصبر من أجل خلاصنا أو التكلّم عنها. إنّ الرّعب الذى نشعر به عظيم مثل رعب ذلك القاتل الذي يُجبر على أن يضع يديه على الجراح التى أوقعها هو بنفسه على ضحيّته. لقد تحمّل يسوع كل شئ دون أن يفتح فاه؛ أنى أنا أيضاً آثمة عظيمة، وآثامي تسبّبت فى هذه الآلام. فى يوم الدينونة، عندما ينكشف المستور، نحن سنرى النصيب الذى قد تسببنا فيه من العذاب الذى تحمّله ابن الرب؛ سنرى كم كثيراً قد تسبّبنا فيها من قبل الآثام التى نرتكبها بشكل متكرر، وأنها في الحقيقة، شكل من أشكال الموافقة التي نبديها والاشتراك الفعلي في العذاب الذي لاقاه يسوع من قبل أعدائه القساة. إن تأملنا بجدية فى هذا، نحن يجب أن نكرّر بأعظم تأجّج الكلمات الذي نجدها في كتب الصّلاة : " إلهى، هبني أن أموت، بدلا من أهينك مرة أخرى بالخطيئة."
استمرّ يسوع يصلّي من أجل أعدائه، ولكونهم تعبوا تركوه أخيرا في سّلام لوقت قصير، عندما اتّكأ على العمود ليستريح، أشرق حوله نور ساطع. كان النهار قد بدأ يلوح، إنه نهار يوم آلامه، أنه يوم فدائنا، واخترق شعاع ضعيف فتحة ضّيّقة فى السّجن، سقط على الحمل المقدّس الذي بلا عيب، الذي اخذ على نفسه كل آثام العالم. التفت يسوع نحو شعاع النور ورفع يديه المكبلتين، وبأسلوب بغاية التأثر، قدم الشكر لأبيه السّماوي لأجل فجر ذلك اليوم، ذلك الفجر الذي اشتاقت إليه الأنبياء طويلاً، والذي أشتاق هو إليه بحماس منذ لّحظة ميلاده على الأرض والذي أشار إليه لتلاميذه عندما قال لهم: " لِي مَعْمُودِيَّةً عَلَيَّ أَنْ أَتَعَمَّدَ بِهَا، وَكَمْ أَنَا مُتَضَايِقٌ حَتَّى تَتِمَّ ؟ " لقد صلّيت معه؛ لكنى لا أستطع أن أتذكر كلمات صلاته، لأني كنت مُنهكة بالكامل، ومتأثرة بسماعه يقدم الشكر لأبيه عن الآلام الفظيعة التي يتحمّلها بالفعل من أجلي، ولأجل أعظم الآلام التي كان على وشك أن يتحمّلها. لقد استطعت فقط أن أكرّر مرارا وتكرارا بأعظم تّأجّج : " إلهى، أتوسّل إليك, أعطني هذه الآلام؛ أنها تخصني أنا؛ إنى استحقها كعقاب عن آثامي " لقد أنهكت تماما بمشاعر الحبّ والحنان عندما نظرت كم أنه يرحب بفجر يوم تضحيته العظيم، وذلك الشعاع الذي اخترق سجنه ربما يكون مُماثلا لزيارة القاضي الذي يرغب أن يتصالح مع مجرم قبل أن تنفذ فيه عقوبة الموت التي قد أصدرها ضده .
استيقظ الحراس، الذين كانوا مغلوبين بالنعاس‏، للحظة ونظروا إليه بدهشة: لم يقولوا شيئاً، بل بدوا متعجّبين وخائفين. لقد سُجن يسوع في هذا السّجن حوالي ساعة.
  رد مع اقتباس