الفصل العشرون
محكمة قيافا
كان على المرء أن يعبر خلال قاعة كبيرة ليدخل محكمة قيافا، تُسمى القاعة الخارجية؛ من هناك يدخل إلي قاعة داخلية، تمتدّ بطول كل البناية. البناية نفسها كانت طّويلة، وكان هناك في الأمام دّهليز مفتوح محاط من ثلاث جوانب بأعمدة. كانت الأعمدة التى بالجانب الرابع أعلى من باقي الأعمدة، وخلفها كانت توجد غرفة كبيرة كالدّهليز نفسه، حيث وضعت مقاعد أعضاء المجلس على منصة مستديرة مرتفعة عن مستوى الأرض. كانت المنصة المخصّصة للكاهن الأكبر أعلى من الأولى.
كان على الجاني أن يقف في مركز نّصف الدائرة المُشكّلة بالمقاعد. ويقف الشّهود والمدّعين أمّا على الجانب أو خلف السّجين. كانت هناك ثلاثة أبواب خلف مقاعد القضاة تقود إلي غرفة أخرى، ممتلئة أيضاً بالمقاعد. كانت هذه الغرفة تستعمل للمداولات السّرية. وضعت المداخل على يمين ويسار هذه الغرفة وتُفتح على القاعة الدّاخلية المستديرة. أولئك الذين يتركون الغرفة بالباب الذى على الجهة اليمنى كانوا يتجهون نحو بوّابة تقود إلى سجن أسفل أرض الغرفة. كان هناك العديد من السّجون أسفل الأرض، وفي أحد هذه السجون اُحتجز كل من بطرس ويوحنا ليلة كاملة عندما شفيا الرّجل الكسيح في الهيكل بعد العنصرة. امتلأت الدّار والقاعة بالمشاعل والقناديل مما جعلهم يبدوان كما فى نور النهار. كانت هناك نار كبيرة مشتعلة في منتصف الرواق، توجد على كل جانب منها أنابيب تستخدم كمداخن، وحول هذه النّار كان يقف الجنود والخدم والشهود الكذبة الذين أخذوا رشاوى للإدلاء بشهادتهم الكاذبة. كان هناك بضع النساء عملهم هو صبّ نوع من الشّراب الأحمر للجنود.
جلس القضاة حول قيافا وامتلأ الرواق تقريبا من الشّهود الكذبة، بينما مُنع عديد من الأشخاص الآخرين الذين سعوا للدخول ليرضوا فضولهم. دخل بطرس ويوحنا القاعة الخارجية، في زي مسافرين قبل وقت قصير من مجيء يسوع، ونجح يوحنا في النفاذ إلي القاعة الدّاخلية عن طريق خادم يعرفه وأُغلق الباب بعده فوراً، لهذا مُنع بطرس، الذي كان فى الخلف قليلاً. لقد ترجى جارية من الخدم أن تفتح الباب له، لكنها رفضت كل التماساته والتماسات يوحنا، وظل بالخارج حتى لاقى نيقوديموس ويوسف الرامى اللذان جاءا في هذه اللّحظة وأخذاه معهما للداخل. أعاد التلميذان العباءتان اللتان كانا استعاراها وظلا في مكان يستطيعان منه رؤية المُحاكمة ويسمعان كل شيء.
جلس قيافا في مركز المنصة المرتفعة، والتف حوله سبعون من أعضاء السنهدريم، بينما كان يقف الموظفون العموميون والكتبة والشيوخ على كلا الجانبين، والشّهود الكذبة خلفهم. اصطف الجنود من المنصة وحتى باب الدّهليز الذي كان على يسوع أن يدخل منه. كان مُحيا قيافا مهيباً للغاية لكن جاذبيته رافقتها علامات واضحة عن غيظ مكتوم ونّوايا شّرّيرة. كان مرتدي عباءة طويلة ذات لون أحمر مطرّزة بالزّهور ومزينة بحافة مذّهبة ومربوطة علي الأكتاف والصّدر ومزيّنة من الأمام بمشابك ذّهبية. كانت رأسه مغطاة ومزيّنة بأشرطة مُعلقة، الجوانب كانت مفتوحة، وكانت تشبه تاج الأسقف. كان قيافا ينتظر مع تابعيه من المجلس العظيم لبعض الوقت، وبعدم صبر نهض عدة مرات ودخل القاعة الخارجية وسأل بغضب عن مجيء يسوع الناصري وعندما رأى الموكب يقترب عاد إلى مقعده.