عرض مشاركة واحدة
قديم 07 - 11 - 2012, 04:26 PM   رقم المشاركة : ( 8 )
Magdy Monir
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية Magdy Monir

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 12
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 58
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 51,017

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Magdy Monir غير متواجد حالياً

افتراضي




تأمل ثالث للرب يسوع

على الرغم من كل شيء، بالرغم من الثّقل الهائل والإعياء الفظيع، مع تصبب عرقي دّماًِ، كُنْتُ مصدوماً لأنىّ عندما ذَهبتُ لأبْحثَ عن تلاميذي، شَعرتُ أنى مُنهك بشكل مروِّع‏ .
بطرس، يوحنا، يعقوب! أين أنتمَ فأنا لا أراكمَ مُتيقظين ؟ استيقظوا، انظروا إلى وجهي، انظروا كيف أن جسدي يَرتعدُ في هذه المحنةِ التي أجوزها ! لماذا تَنَامُون؟ اَستيقظُوا وَصلّوا معي؛ فأنا قَدْ عرّقتُ دماً من أجلكم !

بطرس، هَلْ لست تبالي بآلامى؟ يعقوب، لقَدْ أعطيتك كثيراً من الأولويّة‏، أَنْظرُ إليّ وَتذكّرني! وأنت يا يوحنا، لماذا تَتْركُ نفسك تَغْرقُ في النّومِ مع الآخرين؟ أنكَ تستطيع أَنْ تتَحْملَ أكثر منهم ... لا تَنَامواَ، اسهروا وصلّوا معي!

إن هذا ما حَصلتُ عليه: طَلَبت الرّاحةِ، فوَجدتُ مأساةَ مرّةَ. حتى هم ليسوا معي. إلى من سواهم سأَذْهبُ؟ .... إنه حقاً، إن أبى أعطاني فقط ما قد طلبته منه، حتى تقع علىّ دينونة كل الإنسانيةِ. أبتاه، أعنى! أنكَ تستطيع أَنْ تفَعَلُ كل شئ؛ ساعدني!

لقد صَلّيتُ مرة أخرى كإنسان من أجل كل من تحُطّمتَ آمالهم ومن أجل من يَطْلبُون الفهم والراحة من الأعالي. لكن ماذا يستطيع أبى أَنْ يفعل إن كنت أنا قَدْ اخترتُ بحرّيه أَنْ أفي عن كل شيءِ؟ إن اختياري لمَ يتغَيّرَ. ومع ذلك، فمقاومتي الطّبيعية قَدْ بلغت حدها الأقصى فطغت علّى بشريتي .

مره أخرى سَقطتُ على الأرض على وجهي بسبب الخزي من كل آثامكمَ؛ مره أخرى سَألتُ أبي أَنْ يَأْخذَ تلك الكأس عنىِ. لكنه أجاب، إن لم أشَربها، فسيكون كما لو أننى لم أجِئُ إِلى هذا العالم, من جهتي فيكفى عزاء لنفسي أن عديداً من المخلوقاتِ ستنال جزء من آلامي المُبرحة في البستان .

لقد أجبت: أبتاه، لتكن لا إرادتي، بل أرادتك أنت. أعطني خليقتي، هؤلاء الذين قَدْ فديتهم. أنكَ بنفسك تَأْخذهم لأنه من أجلك أنا قَدْ قَبلتُ. أنى أُريدُ أَنْ أَراكَ راضياً. إنى أقدم لك كل آلامي وثبات إرادتيَ، فى الحقيقة إن إرادتي ليَستُ تتعارض مع إرادتك، لأننا نحن دوماً لنا إرادة واحدة. أبتاه، إنى مُنسحق لكن هكذا حبّنا سَيُعْرَفُ. فلتكن لا إرادتي بل أرادتك أنت!

مرت حوالي ساعة ونصف منذ أن دخل يسوع بستان الزّيتون. أن الكتاب المقدّس يخبرنا أنه قال " أما قدرتم أن تسهروا معي ساعة واحدة ؟ " لكن كلماته لا يجب أن تؤخذ بشكل حرفي، ولا طبقا لطريقتنا فى حساب الوقت.

صلى التلاميذ الثّلاثة الذين كانوا مع يسوع في بادئ الأمر، لكنهم ناموا بعد ذلك، لأن التجربة قد وقعت عليهم بسبب حاجتهم للثقة في الرب. الثّمانية الآخرون، الذي بقوا خارج البستان، لم يناموا، لأن كلمات الرب الأخيرة، المعبّرة جداً عن الألم والحزن قد ملأت قلوبهم بنذر الشّر، وكانوا يتجوّلون حول جبل الزيتون، محاولين أن يجدوا مكاناً كمأوى في حالة الخطر.

كانت مدينة أورشليم هادئة جدا؛ اليهود بدورهم، انشغلوا في الإعداد للعيد، لكنى أري هنا وهناك، بعضاً من أصدقاء وتلاميذ يسوع يمشون ذهابا وإيابا بحرص، يتحدّثون بشكل جديّ سوياً، ومتوقّعين بوضوح بعض الأحداث العظيمة. والدة الرب والمجدلية ومارثا ومريم التى لكلوبا وسالوما قد ذهبن من علية صهيون إلى بيت مريم أمّ مرقص. مريم قد تنبّهت إلي التّقارير التي كان تنتشر، ورغبت أن ترجع إلى المدينة مع صديقاتها، من أجل أن تسمع شيئاً ما عن يسوع. جاء لعازر ونيقوديموس ويوسف الرامى، وبعض الأقارب من حبرون، جاءوا ليروا ويسعوا لتهدئتها، لأنهم كانوا مدركين، أمّا من معرفتهم الخاصة أو أن التّلاميذ قد اخبروهم بالتّنبؤات المحزنة التي قالها يسوع في علية صهيون، لقد استعلموا من بعض الفريسيون الذين كانوا على علاقة خاصة بهم، ولم يقدروا أن يسمعوا عن أي مؤامرة كانت تُحاك ضد الرب. بكونهم جاهلين تماما بخيانة يهوذا، طمأنوا مريم أن الخطر ليس عظيماً بعد، وأن أعداء يسوع لم يشنوا أي محاولات اعتداء‏ على شخصه، على الأقل حتى ينتهى العيد. أخبرتهم مريم كم أن يهوذا قد بدا مضطربا ومنزعجا أخيراً، وكيف أنه قد ترك علية صهيون فجأة. لقد أحست بلا ريبة أنه ذاهب ليخون الرب، لأنها حذّرته دوماً من أنه ابن الجحيم. رجعت النّساء القديسات حينئذ إلى بيت مريم أمّ مرقص .

عندما رَجعَ يسوع إِلى المغارة، غير مُراح من كل ثقل آلامه، سَقطَ ساجدَا، بوجهه على الأرضِ وذراعاهِ مَدّده، وصَلّي إِلى أبيه الأزلي؛ لكن نفسه كَانَت يجبُ أَنْ تَتحمّلَ المعركة الدّاخلية ثانية، معركة دامتْ حوالي ثلاثة أرباع ساعةِ. جاءتْ الملائكة وأرته في سلسلةِ من الرُّؤىِ، كل الآلامِ التي ينبغى أَنْ يَتحمّلهاَ من أجل أَنْ يُكفّرَ عن الخطيئةِ؛ كم كَان عظيما جمالَ الإنسان، صورة الرب، قبل السّقوطِ، وكم قَدْ تغُيّر ذلك الجمالِ وزال عندما دَخلتْ الخطيئة العالمَ. لقد نَظرَ كيف نَشأَت كل الآثامِ من خطيئة آدم، لقد رأى تأثيراتها الفظيعة على النفسِ، وعلى نفس النمط كان مغزى وجوهر كل الآلام التى استلزمتْ مِن قِبل الرغبة الملحَّة‏ فى افتدائهم. لقد أرته الملائكة الرّضا ما يَجِبُ أَنْ يقدمه إلى العدل الإلهى، وكيف أنه يَتضمّنُ على درجةِ من الألمِ في نفسه وفى جسده بأن يدرك كل الآلامِ الناشئة عن شهوات كل البشر، حيث أن ديون كل جنس البشر كَانَ لِزاماً عليهِ أَنْ يسددها بتلك الطبيعة البشرية التي كانت هى الوحيدة البريئةَ, بشرية ابن الرب. لقد أرته الملائكة كل هذه الأشياءِ تحت أشكالِ مختلفةِ، وشَعرتُ بما كَانوا يَقُولونَه، مع أنى لم أسَمع أى صوت. لا لسانُ يستطيع أَنْ يَصفَ أى ألم وأى رعب غَمرَ نفس يسوع برؤية التكفير الفظيع المستوجب, إن آلامه كَانتْ عظيمَة جداً، حقاً، إن عرقاً دموياً أنساب من كل مسامِ جسده المقدّسِ.

بينما كانت تُسحق إنسانيةَ للمسيحِ المحبوبةَ هكذا إِلى الأرضِ تحت ثقل كل هذا الألمِ المُرعبِ، بدت الملائكة ممتلئة بالشّفقة؛ كان هناك تأنّى، وقد أدركت إنهم يرغبون بشكل جديّ أن يواسوه، وصَلوا من أجل ذلك التّأثيرِ أمام عرشِ الرب. للّحظةِ واحدة بَدا، كما لو أنه كَانَ هناك صراع بين رّحمةِ الرب وعدالته من جهة وبين ذلك الحبِّ الذي كَان يَضحّيِ بنفسه من الجهة الأخرى.

لقَدْ أُجيز لى أَنْ أرى صورة الرب، لَيسَ كما سبق، جالسَا على عرشِ، بل تحت شكلِ مضيء. لقد رأيت الطّبيعةَ الإلهية للابن في شخصِ الأبِ، وكأنها تنسحب نحو حضنه؛ شخص الروح القدسِ كان، إذا جاز التعبير، بينهما، ومع ذلك الكل كان إله واحد, لكن هذه الأشياءِ متعذر وصفهاُ.

كل هذا كَانَ إدراكَ داخليَ أكثر من كونه رؤياِ تحت أشكالِ مُميّزةِ، وبدا لي أن المشيئة الإلهية للسيد المسيح تَنسحبُ بطريقة ما نحو الأبِ السّرمديِ، لكى تُجيزَ لكل تلك الآلامِ أَنْ تَثقل على إنسانيته وحدها. إنسانيته التي سَتَتوسّلُ إلى أبيه كي يُصفح عنها، لقد رَأيتُ في هذا الوقت الملائكة، ممتلئة بالشّفقةِ، تَرْغبُ أَنْ تَواسي يسوع، الذي، في الحقيقةِ، قَدْ أُريحَ قليلاً في تلك اللّحظةِ. ثم أختَفيِ الجميع، وتراجعت الملائكة عن إلهنا، الذى كانت نفسه عَلى وَشَكِ أَنْ تَتحمّلَ اعتداءات جديدة .

عندما سرَّ فادينا، أَنْ يُجرّبَ على جبل الزيتون وأن يَتغلّبَ على كراهية الطبيعة البشريةِ العنيفِة للمُعاناة وللموت اللذان يُمثلان جزءا من كل الآلام، أجيزَ للمُجرب أَنْ يفعلُ معه ما يفعله مع كل البشر الذين يَرْغبُون أَنْ يَضحّون بأنفسهم لأجل سببِ مقدّسِ. فى الجزء الأول للمعاناة، أظهر الشيطان أمام عيني الرب فداحة ديون الخطيئة والتي كان فى سبيله أن يسددها، وكان وقحاً وخبيثاً كفاية حتى أنه نشد عيوب في أعمال منقذنا نفسه. فى المعاناة الثّانية، نظر يسوع، إلى حجم المُعاناة الأكثر اكتمالا‏ وفي كل مرارتها، والألم التّكفيري الذي سيتطلّب لإرضاء العدل الإلهى. هذا قَدْ أُظهر إليه من قبل الملائكةِ؛ لأنه لا يخص الشيطانُ أَنْ يُظهر أن التّكفيرِ ممكن، وأبّو الأكاذيبِ واليأسِ لن يُظْهِر‏ أَبَداً أعمالِ الرّحمةِ الإلهية أمام البشرِ. لكون يسوع قَاومَ بشكل منتصر كل هذه الاعتداءات مِن قِبل كل استسلامه الكلى والمطلقِ إِلى إرادة أبيه السّماويِ، تعاقبت عليه رُّؤىِ جديدةِ ومُفزِعةِ أمام عينيه، وذلك الشعورِ بالشكِ والقلقِ الذي يُجربه دوما الإنسان الذى على وشك أن يؤدى تضحيةِ عظيمةِ، نشأ في نفس مُخلصنا، كما سألَ نفسه ذلك السؤالَ المروع :" وأي صلاح سينتج من هذه التّضحيةِ؟ " حينئذ ظهرت أمام عينيه صورة أكثر من مرعبة عن المستقبلِ وغُمِرتْ قلبه الحنون بالألمِ.

عندما خلق الرب آدم الأول، ألقى عليه سُباتاً عميقاً، فتح جنبه، واخذ ضلعاً من أضلاعه، وصنع منه حواء، زوجته وأمّ كل الأحياء. ثم أحضرها إلى آدم، الذي صاح:" هذه الآن عظم من عظامي، ولحم من لحمي. ولهذا السبب سيترك الرجل أباه وأمّه، ويلتصق بزوجته، ويكونان الاثنان جسداً واحداً." هذا كان الزّواج الذي كُتب عنه: " هذا سر عظيم. أنى أتكلّم من نحو المسيح ومن نحو الكنيسة" يسوع المسيح، آدم الثّاني، قد سرّ أيضا أن يدع السبات يقع عليه, سبات الموت على الصّليب، وهو سرّ أيضا أن يجعل جنبه مفتوحاً، من أجل أن تتشكّل منه حواء الثّانية، عروسه البكر، الكنيسة، أمّ كل الأحياء.

إنها كانت مشيئته أن يعطيها دم الفداء وماء التطهير وروحه, الثّلاثة الذين يقدِّمون الشّهادة على الأرض وأن يمنحها أيضا الأسرار المقدّسة، من أجل أن تكون نقية ومقدّسة وغير دنّسه؛ إنه عليه أن يصير رأسها، ونحن أعضاءها علينا أن نكون تحت الاستسلام إلى الرّأس، عظم من عظامه، ولحم من لحمه.

بأخذ المسيح طبيعة بشرية عاني الموت من أجلنا، إنه ترك أباه الأزلى أيضا، ليلتصق بزوجته، الكنيسة، وهو صار جسداً واحداً معها، بإطعامها من جسده الذى على المذبح والذي يُوحّد به نفسه معنا بشكل متواصل.

لقد سُرّ أن يبقى على الأرض مع كنيسته، حتى نكون جميعاً متّحدين سوياً بواسطته داخل حظيرتها وهو قد قال : أن أبوّاب الجحيم لن تقوى عليها ", لكى يرضي محبّته التى لا توصَف‏ للخطاة، لقد صار الرب إنساناً وأخاً لنفس هؤلاء الخطاة، لدرجة إنه أخذ على نفسه العقاب المستوجب عن كل جرائمهم. لقد تأمّل بحزن عميق عظمة هذا الدّين والآلام البشعة التى من قبلها كان عليه أن يسدَّد الدَيْن. ومع ذلك كان له أقصى فرح أن يُخضع نفسه لإرادة أبيه السّماوي كذبيحة كفارية. الآن، على أية حال، قد نظر لكل آلام المستقبل، لقد نظر معارك وجراح عروسه السّمائية؛ بكلمة واحدة، لقد نظر جحود البشر .

لقد رأى يسوع كل آلام تلاميذه وتابعيه وأصدقائه فى المستقبل ؛ بعد ذلك رأى الكنيسة الأولى، تتكون من بضع نفوس في حظيرتها في بادئ الأمر، وبعد ذلك تزداد أعدادها، لقد انزعج بالبدع والانشقاقات الدينية المندلعة بين أولادها، الذين كرّروا خطية آدم بالكبرياء والعصيان. رأى فتور وحقد وفساد عدد لانهائي من المسيحيين، رأى أكاذيب وخبث المعلمين المتفاخرين، كل تدنيس للمقدسات من قبل القساوسة الأشرار، النّتائج القاتلة لكل خطيئة، ورجسة الخراب في ملكوت الرب، في هيكل أولئك البشر الجاحدين الذين كان على وشك أن يفتديهم بدمه مُجتازا آلاماً بشعة.

فضائح من كل العصور وحتى الزمن الحاضر, بل حتى نهاية العالم, كل أشكال الخطأ، المكر، التعصّب المجنون، العناد والحقد, كل ذلك عُرض أمام عينيه، وهو رآه، كما كان يطفو أمامه كل المرتدين والمُهرطقين والمُصلِحين‏ الزائفين, الذين يخدعون البشر بمظهر القداسة. وهم المحرِّفون‏ والمفسدون من كل العصور الذين أهانوه وعذّبوه لكونه لم يصُلب طبقاً لرأيهم، أو لكونه لم يعانى بالضبط كما قرروا أو تخيّلوا إنه كان يجب أن يُعاني. لقد نافس كل منهم الآخر في تمزيق لُباس كنيسته الذى بلا خياطة؛ كثيرون من يسيئون مُعاملته, يُهينونه وينكرونه، وكثيرون من يرتدون عنه باحتقار، يهزونّ رؤوسهم عنده، متجنّبين أحضانه الحنونة، ومتعجلين إلى الهاوية حيث قد ابتلعوا أخيرا. لقد رأى أعداداً غير مُحصاة من البشر الآخرين الذين ما تجاسروا أن ينكروه علانية، بل جازوا باشمئزاز من منظر جراح كنيسته، كما اللاويّ. الذى جاز مقابل الرّجل المسكين الذي سقط بين اللّصوص. مثل الأولاد الجبناء والذين بلا إيمان، يهجرون أمّهم في منتصف اللّيل، عندما يبصرون اللّصوص وقطاع الطريق الذين فتحوا الباب لهم بإهمالهم أو بحقدهم، لقد هربوا من جراح العروس. لقد رأى كل هؤلاء الناس، أحيانا منفصلين عن الكرمة الحقيقية، ويجدون راحتهم وسط أشجار البرية, أحيانا مثل غنم ضالة، متروكة لرحمة الذّئاب، منقادة من قبل مأجورين‏ حقراء نحو المراعي الرديئة، ورافضين أن يدخلوا حظيرة الرّاعي الصالح الذي بذل حياته من أجل خرافه. إنهم كانوا تائهين مشرّدين في البراري وسط الرّمال التى تذريها الرّياح، وقد قرروا بعناد ألا يروا مدينته التى وضعت على التل، التي لا يمكن أن تكون مُخبئة، دار العروس، كنيسته المبنية على الصخر، والتي وعد أن تبقى حتى نهاية الدهور. لقد بنوا على الرمال مباني هزيلة، لقد كانوا يهدّمونها باستمرار ويجدّدونها، لكن حيث لا مذبح هناك ولا ذبيحة ؛ لقد كان لديهم أداة لتحديد مسار الرياح على أسطح بيوتهم، وكانت مذاهبهم تتغيّر مع تغير اتجاه الرّيح، ولذلك سيكونون إلي الأبد في معارضة كل منهم للآخر. إنهم لا يمكن أن يجيئوا إلى فهم متبادل، والى الأبد متزعزعين، يحطّمون منازلهم غالبا ويقذفون الحجارة على حجر زاوية الكنيسة، الذي سيظل دوماً ثابتاً.

وكما أنه ليس هناك سوى الظلمة في بيوت هؤلاء البشر، فأن عديد منهم، بدلا من أن يخطون نحو الشّمعة الموضوعة على الشّمعدان في دار عروس المسيح، يجولون بأعين مغلقة حول حدائق الكنيسة، يستمدون الحياة فقط باستنشاق الرّوائح الحلوة التي تنتشر منها، مادين أياديهم نحو أصنام مُبهمة، ويتبعون نجوماً تائهة تقودهم إلى آبار لا ماء فيها. وحتى عندما يجدون أنفسهم على حافة شَفا كارثة‏، فأنهم يرفضون أن يستمعوا إلى صوت العريس الذى يدعوهم، بالرغم من الاحتضار من الجوع والسخرية والمهانة، فأنهم يسخرون من أولئك الخدام والرّسل الذين يُرسلون ليدعوهم لى وليمة العرس. إنهم يرفضون بعناد أن يدخلوا البستان، لأنهم يخافون أشواك السّياج، ومع إنهم ليس لديهم لا حنطة ليشبعوا بها جوعهم ولا نبيذ ليرووا به عطشهم، بل قد تسمّموا ببساطة بالكبرياء واحترام الذات، ولكونهم معميين بأضوائهم الكاذبة، يثابرون بالتصريح أن كنيسة الكلمة المتجسد غير مرئية. لقد رآهم يسوع جميعاً، بكى عليهم، وقد سرّ أن يعاني من أجل كل أولئك الذين لا يرونه والذين لن يحملوا صلبانهم بعده في مدينته المبنية على التل, كنيسته المؤسّسة على الصخر، التي أعطاها نفسه في العشاء الرباني المقدّس، والتى لن تقوى أبوّاب الجحيم عليها.
رؤية بارزة في هذه الرّؤى المحزنة التي نظرتها بروح يسوع، رأيت إبليس، قد جر وخنق عديد من البشر المفديين بدم المسيح والمقدّسين من قبل مسحة أسراره. نظر مُخلصنا الإلهى بألم وبكثير من المرارة جحود وفساد المسيحيين الأوائل ومن تلاهم على مر العصور وحتى نهاية العالم، وخلال كل هذا الوقت كان صوت المُجرب يتكرّر باستمرار: " هل أنت مُعتزم أن تعاني من أجل مثل هؤلاء الفاسقين الجاحدين؟ " بينما الظّهورات المتعدّدة تُنجح كل منها الأخرى بسّرعة حادة، وتثقل بقسوة وتسحق يسوع، الذي غُمرت بشريته المقدّسة بألم لا يوصف. يسوع مسيح الرب, ابن الإنسان جاهد وتلوّي بينما سقط على ركبتيه، بأيادي مشبوكة، كما لو أنه قد أبيد تحت ثقل آلامه. كان الصراع الذي حدث حينئذ بين إرادته البشرية وبين اشمئزازُه أن يعاني كثيرا من أجل مثل هذا الجنس الجاحد بغاية القسوة، حتى أنه تفجرت قطرات كبيرة من الدّم من كل مسام جسده المقدّس، التي سقطت تقطّر على الأرض. فى معاناته المريرة نظر حوله، كما لو أنه ينشد معونة، وبدا كأنه يأخذ السماء والأرض ونجوم السّماء ليشهدوا عن آلامه.
رفع يسوع صوته، بألم النفس، ونطق ببضع نداءات الألم. أستيقظ التلاميذ الثّلاثة، استمعوا، وكانوا متلهفين أن يقتربوا منه، لكن بطرس حجز يعقوب ويوحنا، قائلاً : " أبقوا هنا؛ سأصل أنا إليه " ثم رأيت بطرس يركض مسرعا ودخل المغارة وصاح " يا مُعلم، ماذا حدث لك؟ " لكنه برؤية يسوع وكيف أنه مستحمّ في دمه، ومنهاراً على الأرض تحت ثقل الخوف المهلك والألم، أنسحب، وتوقّف للحظة، مغلّوباً بالرّعب. لم يجبه يسوع، بدا وكأنه غير واع لوجوده. عاد بطرس لرفاقه، وأخبرهم أن الرب لم يجبه سوي بالآهات والتّنهدات. اصبحوا حزانى أكثر فأكثر بعد هذا، غطّوا رؤوسهم، وجلسوا ليبكوا ويصلوا.
حينئذ رجعت إلى عريسي السّماوي في معاناته الأكثر مرارّة. الرّؤى المخيفة للجحود المستقبلي للبشر المدينين للعدل الإلهي والتى كان يأخذها هو على نفسه، استمرت تزداد وضوحاً أكثر فأكثر. بضع مرات سمعته يصيح : " أبتاه، هل ممكن أن أعاني من أجل جنس بغاية الجحود؟ أبتاه، إن لم تعبر عنى هذه الكأس، بل يجب أن اشربها, فسأفعل! "
ضمن كل هذا الظّهورات، كان لإبليس مكانة بارزة، تحت أشكال متعدّدة، تُمثل أنواع مختلفة من الآثام. أحيانا ظهر تحت شكل صورة عملاق أسود، أحيانا تحت منظر نمر، ثعلب، ذئب، تنين، أو ثعبان، إنه لم يأخذ حقا أيا من هذه الأشكال، بل أحد خصائصها فحسب‏، ضمن أشكال قبيحة أخرى. لا شيء من هذه الظهورات المخيفة تشبه بالكامل أي مخلوق، بل كانت رموز لرجاسة، لنزاع، لتناقض، في كلمة واحدة كانت ترمز للخطيئة ، كانت شيطانية حتى نهاية المدى. هذه الأشكال الشّيطانية حثّت أن تجر وتمزّق أعداد غير محصاة من أولئك البشر أرباُ, أولئك البشر الذين كان افتدائهم يقتحمه بطّريقه المؤلم نحو الصّليب. في بادئ الأمر رأيت ثّعباناً؛ ظهر بتاج على رأسه. كان عملاق الحجم، ظاهرياً محتفظ بقوة غير محدودة، ويقود جحافل غير معدودة أمامه من أعداء يسوع من كل جنس وكل أمة. مسلّحاً بكل أنواع الأسلحة المخرّبة، إنهم أحيناً يمزّقون بعضهم البعض إلي قطع، وبعد ذلك يجدّدون هجماتهم على مُخلصنا باّهتياّج مضاعف. لقد كان حقا منظراً مرعباً؛ لأنهم كوّموا فوقه الإساءات الأكثر خوفا، اللعن، الضرب، الجرح، وتمزيقه إلي قطع. أسلحتهم كانت سيوف ورماح تطير حوله في الجو بشكل مستمر في كل الجهات، مثل دراسات الحبوب في مخزن حبوب هائل؛ وتهيّج كل هؤلاء الشّياطين بدا موجه على نحو خاص ضد يسوع, حبة الحنطة السماوية التى نزلت إلى الأرض لتموت هناك، من أجل أن تغذّي البشر إلى الأبد بخبز الحياة.
هكذا تعرّض إلى غضب هذه الفرق الجهنمية, البعض منها بدت لي تتشّكل على هيئة أناس عميان، يسوع بهذا القدر كان مجروحاً كما لو أن ضرباتهم كانت حقيقية. رأيته يتمايل من جانب لآخر، أحيانا يرفع نفسه لأعلى وأحيانا يسقط ثانية، بينما يضرب الثّعبان الأرض بذيله في وسط الحشود التي كان يقودها للأمام بشكل متواصل ضد يسوع، ومَزّقَ إِلى قِطَعِ أو ابتلعَ كل من قد ضَربَوا على الأرض, لقد جُعل معروفاً لي بأن هذه الظّهورات كانت عن كل أولئك الأشخاص الذين يهينون ويغضبون الرب يسوع بطرق مختلفة، ثم يتقدّمون للأسرار المقدّسة. ميزت بينهم كل أولئك الذين يتقدمون للأسرار المقدسة بطريقة بذيئة. نظرت برّعب إلى كل إساءة قُدمت للرب، سواء بالإهمال أو بالاستهانة وبإغفال ما جاء عنه؛ باحتقار علني، بظلم وتدنيس المقدسات؛ بعبادة الأصنام الدّنيوية؛ بالظّلمة الرّوحية والمعرفة الكاذبة؛ وأخيرا بالخطأ والشكوك، بالتعصّب والكراهية والاضطهاد العلني. بين هؤلاء البشر رأيت العديد من الصمّ والمشلولين والعميان والخرس والأطفال؛ إنهم البشر العميان الذين لن يروا الحقيقة؛ إنهم البشر المشلولون الذين لن يتقدّموا فى حياتهم طبقا لاتجاهاته نحو الطّريق الذى يقود إلى الحياة الأبدية؛ إنهم البشر الصمّ الذين يرفضون أن يستمعوا لإنذاراته وتحذيراته؛ إنهم البشر الخرس الذين لن يستعملوا أصواتهم للدفاع عنه؛ وأخيرا الأطفال الذين ضُلّلوا بإتباع الوالدين والمعلمين الممتلئين من محبّة العالم ونسوا الرب، الذين تغذّوا على غنى العّالم، السكارى بحكمة كاذبة وبغض كل ما يتعلق بالدّين. والمنظر الذي أحزنني خاصة هم أولئك الأطفال، لأن يسوع يُحبّ الأطفال جدا، لقد رأيت كثيراً من مساعِدي الكهنة‏ عديمي الاحترام الذين يتصرّفون على نحو سيئ، الذين لا يكرمون الرب في الطقوس المقدّسة التي يشاركون فيها. نظرت برّعب أن عديداً من القساوسة، بعض الذين يتخيلون أنفسهم ممتلئين بالإيمان والتّقوى، يغضبون الرب يسوع أيضا في الأسرار المقدسة. رأيت عديداً من الذين أمنوا وعلّموا بعقيدة الوجود الحقيقي، لكنهم لم يأخذوها بكفاية إلى القلب، لأنهم نسوا وأهملوا قصر وعرش وكرسي الرب الحيّ؛ بعبارة أخرى : الكنيسة والمذبح والخيمة والكأس ووعاء القربان المقدس، الأواني والحلي؛ بكلمة واحدة، كل ما يستعمل في عبادته أو ما يزيّن داره.
كل إهمال يسود في أي مكان، كل الأشياء التى تركت لتبلى في التراب والأقذار، وعبادة الرب، إن لم تكن تُدنّس سرّا‏، كانت على الأقل تُهان ظاهريّا‏. وهذا لم يكن نتيجة افتقار حقيقي، بل نتيجة اللامبالاة والتكاسل، نتيجة الاستغراق‏ العقلي فى شّؤون العالم العقيمة، وغالبا أيضا نتيجة الغرور والموت الروحي؛ لأنى رأيت إهمالاً من هذا النّوع في الكنائس ذات القساوسة والشعب الغني، أو من الأثرياء على نَحْو مقبول‏. لقد رأيت عديداً من الدنيويين, عديمي الطعم, بحلي غير مناسبة قد بدلوا زّينة التقوى بزينة العالم .
لقد رأيت أنّه كلما كان الإنسان فقيراً كلما كان مقامهم في أكواخهم أفضل أمام سيد السماء والأرض في كنائسه. إن لم يقم البشر بحُسن الضيافة‏ فأن ذلك يُحزن يسوع بعمق، وهو الذي أعطى نفسه إليهم ليكون غذاءهم! حقا، ليس هناك احتياج أن يكون الإنسان غني من أجل أن يلتقي بمن يكافئ بمائة ضعف نظير قدح من الماء البارد تعطيه للعطشان؛ لكن كم يكون تصرفنا مخزياً عندما لا نسقى الرب الإله، العطشان لنفوسنا، عندما نعطيه ماء فاسداً في قدح قذر! عاقبة كل هذا الإهمال، رأيت ضّعفاً مروّعاً، رأيت الأسرار المقدسة مدنّسة، الكنائس مهجورة، والقساوسة مُستخف بهم. أن هذه الحالة من التلوّث والإهمال تمتد حتى إلى النفوس المخلصة، التي تركت مساكن قلوبهم غير مستعدة وغير نظيفة عندما كان يسوع على وشك أن يدخلها، بالضبط نفس ما حدث عندما تركوا خيمته على المذبح.
إن كان علَّى أن أتكلم لعام كامل، لما تمكّنت من أن أسرد كل الإهانات التى تُقدم إلى يسوع في الأسرار المقدسة, تلك الإهانات التى جُعلت معروفة لي بهذه الطريقة. لقد رأيت مُبدعي تلك الإهانات يهاجمون يسوع في فرّق, ويضربونه بأسلحة مختلفة، أسلحة تُطابق إهاناتهم المتعدّدة. لقد رأيت مسيحيين عديمي الاحترام من كل الأعمار، قساوسة مهملين أو مدنسين، حشود من الفاترين والغير مستحقين، جنود أشرار يدنّسون الأوعية المقدّسة، وخدام الشّيطان يستعملون القربان المقدس في الأسرار المُخيفة للعبادة الشيطانية. من بين هذا الجماعات رأيت عدداً عظيماً من علماء الدين، الذين انجذبوا في البدع من قبل آثامهم، يهاجمون يسوع في أسرار كنيسته المقدسة، وينتزعون من قلبه، بكلماتهم المغرية ووعودهم، عديد من النفوس الذين أراق دمه من أجلهم. آه! لقد كان حقا منظر مرعباً، لأننى رأيت الكنيسة كجسد السيد المسيح؛ وكل هذه الجماعات من البشر، الذين فصلوا أنفسهم عن الكنيسة، مشوَّهين وممزّقين قطعاً كاملة من لحمه الحيّ. واحسرتاه! لقد نظر إليهم بأسلوب فى غاية التأثر وناح عليهم لأنهم هكذا لابد أن يتسبّبوا فى خسارتهم الأبدية. لقد أعطى ذاته الإلهية إلينا لإطعامنا في العشاء الرباني المقدّس، من أجل أن نتحد في جسد واحد الذى هو جسد الكنيسة، عروسه, أن البشر الذين كان لهم امتداد لانهائي انقسموا وانفصل كل منهم عن الآخر؛ والآن نظر إلى نفسه مُمزقاً ومنشطراً لأثنين في ذات جسده؛ لأن عمل محبته الرّئيسي، العشاء الرباني، الذي كان على البشر أن يصيروا فيه بالكلية واحداً، قد صار، من قبل حقد المعلمين الكذبة، موضوع للانفصال. لقد نظرت أمماً كاملة تُنتزع من حضنه، وتُحرم من أي مشاركة في كنز النّعم المتروك للكنيسة. أخيرا، رأيت كل من انفصلوا عن الكنيسة مغمورين في أعماق الخيانة, الخرافة, البدع والفلسفة الدنيوية الباطلة؛ وقد أعطوا مُتنفساً لتهيّجهم العنيف بالارتباط معاً في الأجسام الكبيرة ليهاجموا الكنيسة، لكونهم منُقادين من قبل الثّعبان الذي كان يسلّي نفسه في وسطهم. وا أسفاه! لقد كان كما لو أن يسوع نفسه قد تمزّق إلي ألف قطعة!
عظيماً جدا كان رعبي ورهبتي، أن عريسي السّماوي ظهر لي، وعلى نَحْو رحيم‏ وضع يدّه على قلبي، قائلاً : " لا أحد قد رأى حتى الآن كل هذه الأمور، وكان قلبي ليطفح بالحزن إن لم أعطك هذه القدرة. "
لقد رأيت الدّم يتدفّق في قطرات كبيرة لأسفل من الوجه الشّاحب لمُخلّصنا، شعره كان مُتَلَبِّد‏اً ولحيته ملطخة بالدم ومُتشابكة. بعد الرّؤيا التي وصفتها توا، هرب، إن جاز التعبير، خارج المغارة وعاد إلى تلاميذه. لكنه كان يترنّح بينما يمشى؛ ظهوره كان ظهور إنسان مُغّطى بالجراح ومنحني تحت عبء ثقيل، ولقد تعثّر في كل خطوه.
عندما صعد إلى التلاميذ الثّلاثة، لم يكونوا مضطجعين نائمين كما سبق أول مرة، لكن رؤوسهم كانت مغطاة، وقد غرقوا لأسفل على ركبهم، في وَضْع جسْمانِي‏ يُفترض غالبا من قبل أناس تلك البلد عندما يكونوا حزانى أو عندما يرغبون فى الصلاة. لقد ناموا، مقهورين بالأسى والإعياء. يسوع الذى كان مرتعداً ويتأوَّه‏، دنا منهم، وهم استيقظوا.
لكن عندما رأوه واقفاً أمامهم فى ضوء القمر، وجهه شاحباً وملطخاً بالدماء، وشعره غير مرتب، لم تميزه أعينهم المرهقة في بادئ الأمر، لأنه كان قد تغيّر بما يفوق الوَصْف‏. شبك يديه معا، فنهضوا وسندوه بأياديهم بمودّة وأخبرهم بلّهجة حزينة إنه ينبغى أن يُساق للموت فى اليوم التالي وإنه خلال ساعة سيُقبض عليه ويُقاد أمام محكمة، ستُساء مُعاملته ويُهان ويُجلد وأخيرا يُساق إلى الموت الأكثر قسوة. ناشدهم أن يواسوا أمه، وأيضا المجدلية. إنهم لم يجيبوا، لأنهم لم يعرفوا ماذا عليهم أن يقولوا، لقد أزعجهم إلى حد بعيد ظهوره هكذا ولغته أيضاً، وظنوا أن عقله لابد أن يكون قد شت. عندما أراد أن يعود إلى المغارة، لم يكن لديه القوة على المشي. رأيت يوحنا ويعقوب يسندانه من الخلف ورجعا عندما دخل المغارة. لقد كانت حينئذ حوالي الساعة الحادية عشر والربع.


  رد مع اقتباس