07 - 11 - 2012, 04:22 PM
|
رقم المشاركة : ( 4 )
|
..::| VIP |::..
|
الفصل الثالث عشر
التعاليم والتكريس الخاصّ.
أعطىَ السيد المسيح تلاميذه بَعْض التعاليم الخاصّةِ مليئة بالأسرار؛ أخبرَهم كيف عليهم أَنْ يَحْفظون القربان المقدس المبارك لذكره، حتى نهاية العالمِ؛ علّمَهم الطرقَ الضروريةَ للاسْتِفْاَدة منه والتواصل معه، وبأي شكل عليهم تعاليم وإعْلان هذا السر؛ أخيراً أخبرَهم متى عليهم أَنْ يَتلقّوا ما تبقي مِنْ العناصرِ المُكَرَّسةِ، متى عليهم أن يَعطوا منه للعذراءِ المباركةِ، وكَيفَ يُكرّسونَ هم أنفسهم، بعد أنْ يُرسلَ لهم المعزي الإلهي. ثمّ تَكلّمَ عن أمور تتَعَلُّق بالكهنوت، عن المسحة المقدّسة، وتحضير الزيوت مقدّسة. كَانَ لديه ثلاثة صناديقِ، إثنان منهم يحتويان على مَزِيْج من الزيتِ والبلسمِ.
علّمَهم كَيفَ يَصْنعونَ هذا المَزِيْجِ، أي أجزاء الجسدِ ينبغي أن تًدْهُن به وفي أي مناسبة. أَتذكّرُ، من بين أشياءِ أخرى، بأنّه ذَكرَ حالة لا يجب أنْ يُؤْخَذَ فيها المقدس المقدّس؛ ربما ما قالَه كَانَ عِنْدَهُ إشارةُ إلى المسحة الفائقة، لأن تذكّرِي لهذه النقطةِ لَيس واضحاً. تَكلّمَ عن الأنواعِ المختلفةِ مِنْ الدَهْن، وبشكل خاص المختص بالملوكِ، فقالَ بأنّ الملوكِ الأشرارِ الذين دُهِنوا، يجتذبون منه سلطات خاصّة. وَضعَ مرهماً وزيّتَ في الصندوقِ الفارغِ، وخَلطَهم معاً، لَكنِّي لست مُتَأَكِّدِة إن كَانَ ذلك في هذه اللحظة، أَو في وقت تكريسِ الخبزِ.
رَأيتُ بعد ذلك السيد المسيح يَمسح بطرس ويوحنا، سكب على أياديهم الماءَ الذي تَدفّقَ من يده، وأعطاهم ليشُرْبوا لكن من الكأسِ. ثمّ وَضعَ يديه على أكتافِهم ورؤوسِهم، بينما ضموا هم أياديهم ورْكعُوا أمامه، لقد دَهنَ إبهامَ وسبّابةَ يديهم، ومسحهم على رؤوسِهم. قالَ بِأَنَّ هذا سيظْلُّ مَعهم حتي نهايةِ العالمِ. تكرّس أيضاً يعقوب الصغير ,أندراوس ويعقوب الكبير وبرثالماوس. رَأيتُ أيضاً الرب يلَفَّ الوشاح الصغير الذي يرتديه بطرس حول رقبتِه على هيئة صليب على صدرِه، بينما وضعه على الآخرين ببساطة على هيئة صليب، مِنْ الكتفِ الأيمنِ إلى الجانبِ الأيسرِ.
أنا لا أَعْلمُ إن كان هذا تم في وقت تأسيس سر العشاء الرباني أَم للمسح فقط. فَهمتُ بأنّ السيد المسيح نَقلَ إليهم بهذه المسحة شيءِ يفوق قوَّتِي عن الوَصْف. أخبرَهم بأنّه عندما ينالوا الروحَ القدس يجب أَنْ يُكرّسوا الخبزَ والنبيذَ، ويَمسحون الرسل الآخرينَ. لقد أعلنَ لي حينئذ إن في يومِ العنصرة، وضع بطرس ويوحنا أياديهم على التلاميذ الآخرينِ، وبَعْدَ أسبوع على عِدّيد من الرسل. بعد القيامة، أعطىَ يوحنا العشاء الرباني للمرة الأولى للعذراءِ المباركةِ. هذا الحدثِ مُجّدَ كمهرجان بين التلاميذ. أنه لم يظل مهرجان في الكنيسةِ التى على الأرضِ، لَكنِّي أَرى بأنّه يُحتفلَ به في الكنيسةِ المنتصرةِ. للأيام القليلة الأولى بَعْدَ العنصرة رَأيتُ بطرس ويوحنا فقط يُكرّسانِ القربان المقدسَ المباركَ، لكن في وقت لاحق كان بقية التلاميذ يكرّسون أيضاً.
كُلّ ما فعله السيد المسيح فى هذه المناسبةِ عُمِل على انفراد، وعَلَّم بالتساوي على انفراد. احتفظتْ الكنيسةُ بكُلّ ما ما هو أساسي فى هذه التعاليم السريةِ، وتحت إلهامِ الروحِ القدس، طوّرَتهم وكيّفَتهم طبقا لكُلّ احتياجاتها. أنا لا أَستطيعُ التَظَاهُر بقَول سواء بطرس ويوحنا كَانا كلاهما يكرسان الأساقفة، أَو بطرس وحده كأسقف ويوحنا ككاهن، أَو لمن نال كرامةِ من التلاميذ الأربعة. لكن الطرقَ المختلفةَ التي نظّمَ بها الرب شالاتَ التلاميذ تُظهر الدرجاتِ المختلفةِ للتكريسِ. عندما قُرّرتْ هذه المراسيمِ المقدّسةِ، أسترجع الكأس ( الذي كان بقُرْب الزيت المبارك)، وُحمل القربان المُقدس مِن قِبل بطرس ويوحنا إلى الجزءِ الخلفيِ من الغرفةِ، الذي كان ينفصل عن تلك الغرفة مِن قِبل ستارة، ومِنْ ذلك الوقت أصبحَ هيكلاً. البقعة التى حُفظ بها القربان المقدس لم يكن بعيداً عن موقدِ الفصحِ.
أعتني يوسف الرامي ونيقوديموس بالمكان المقدّسِ وبغرفةِ العشاءَ أثناء غيابِ التلاميذ. علّم السيد المسيح تلاميذه لوقتِ طويل وصَلّوا أيضاً عدّة مرات. بَدا كثيراً يتَحَدُّث مَع أبّيه السماويِ، وفائضاً بالتوهج والحبِّ. التلاميذ أيضاً كَانوا بغاية التوهج والفرحِ وسَألَوه أسئلةَ مُخْتَلِفةَ أجابَ عنها فى الحال. لابد أن الكتب المقدّسة تَتضمّنَ مُعظم هذا الحديثِ والمحادثةِ الأخيرةِ. لقد أخبرَ بطرس ويوحنا بأمور مختلفة ليعلنوها لاحقاً لباقي التلاميذ، الذين سيعلنوها بدورِهم للرسل والنِساءِ القدّيساتِ، طبقاً لقدرةِ كُلّ واحد لاستيعاب هذا المعرفةِ. كَانَ له محادثة خاصّة مَع يوحنا الذي أخبرَه بأنَّ حياته ستَكُونُ أطول مِنْ حياةِ الآخرين. تَكلّمَ معه عن سبع كنائسِ، عن بَعْض الأكاليل والملائكةِ، وأعلمه بمعنى بَعْض الأرقامِ الغامضةِ، التي تُبَيّن، بحدود معرفتي، عهود مختلفة. كان لدي باقي التلاميذ بعض الغيرة بسبب هذا الحديث الخاص مع يوحنا.
تَكلّمَ السيد المسيح أيضاً عن الخائنِ." أنه يعمل الآن هذا أَو ذلك،" قالَ، وأنا، في الحقيقة، رَأيت يهوذا يفعل بالضبط كما قالَ منه. بينما كَانَ بطرس يعترض بشكل عنيف بأنَّه سيَظْلُّ مخلص دائماً، قال الرب له " سمعان سمعان، ها هو الشيطان يريدَ أن يُغربلُكم كالحنطة. لَكنِّي صَلّيتُ من أجلك بأنّ لا يسقط إيمانَكَ: ولأنك تقويت مرة، قوي إخوتَكَ." قالَ الرب ثانية بأنّه سيذهب إلى حيث لا يَستطيعونَ أَنْ يَتْبعوه، عندئذ صاحَ بطرس " يا رب، أَنا مستعدُّ للذِهاب مَعك للسجنِ وللموتِ. " فأجاب المسيح " آمين، آمين، أَقُولُ لك، قبل أن يصيح الديكَ مرّتين، سَتُنكرُني ثلاث مرات." قال السيد المسيح، بينما كان يُعلنُ لتلاميذه بأن الأوقات الصعبةِ قريبة منهم " عندما أُرسلُتكم بدون كيس أَو مزود أَو أحذية، هل أعوزكم شئ ؟ " أجابوا: " لا شيء. " فواصل الرب كلامه " لكن الآن، من له كيس فليأخذه، ومن له مزود فليأخذه، ومن ليس عنده, فليبيع ثوبه ويشتري سيفاً. لأني أَقُولُ لك، ما قد كُتب, لابد أن يتم فيّ: ومع الأشرارِ قد حُسِبَ. لأن الأشياءِ التى تَتعلّقُ بي لها نهايةُ."
فهم التلاميذ كلماتَه بمعنى دُنيوي، وأظهر بطرس سيفان، كَانت قصيرة وسميكة، مثل السواطيرِ. قال السيد المسيح قالَ: " هذا يكفيُ: فلنَذْهبُ الآن." ثمّ أنشدوا ترتيله الشكر، وَوضعَوا المائدةَ على أحد الجناب ودَخلوا الدهليزَ. هناك، وَجدَ السيد المسيح أمّه ومريم التى لكلوبا والمجدلية، التي تَوسّلتْ إليه بأن لا يَذْهبَ إلى جبل الزيتون، لأن هناك ما يوحي بأنّ أعدائه يُريدونَ إلْقاء الأيادي عليه. لكن السيد المسيح وَاساهم ببِضْع كلماتِ، وأسرعوا لكون الساعة كانت حوالي التّاسعة. هَبطوا الطريقَ الذي أتي منه بطرس ويوحنا إلى غرفةِ العشاءَ، وساروا نحو جبلِ الزيتون.
لقد رَأيتُ دائماً الفصح وتأسيس العشاء الرباني المباركِ يحدث بالنظامِ الذي سبق ذكره. لكن مشاعرَي كَانتْ كُلّ مرة بغاية التوهج وعواطفي بغاية العظمة، حتي أنّني لا أَستطيعُ أَنْ أَنتبه كثيراً لكُلّ التفاصيل، لكني رَأيتُهم الآن بوضوح أكثر. لا كلماتَ ممْكِنُ أَنْ تَصفَ كَم هو مؤلم ومُنْهِك مثل هذا المشهدِ, كمشهد نَظْر الأعماق الخفيةِ للقلوبِ، محبّة وثبات مُخلّصنا، وأن تعْرِف في نفس الوقت كُلّ ما سَيَحْدثُ له. كَيْفَ يَكُونُ مُمكنَ أن نلاحظ ما هو ليس سوي مظهر خارجيُ! إنّ القلبَ يَفِيضُ بالإعجابِ، بالامتنان والحبّ, إن عمى البشر يَبْدو غير مفهومَ, والنفس لمَغْمُورةُ بالحُزنِ بالتفكير في جحودِ كل العالم وفى آثامها الخاصةِ! أكل حملِ الفصحِ تم بسرعة من قِبل السيد المسيح، وبغاية الالتزام بالشريعة. نثر الفريسيين المراسمَ مع بَعْض الشعائر التى من ذواتهم.
|
|
|
|