07 - 11 - 2012, 04:21 PM
|
رقم المشاركة : ( 3 )
|
..::| VIP |::..
|
تأسيس سر العشاء الرباني المُبارك.
بأمرِ الرب، مَدَّت المائدة ثانيةً؛ ثمّ، بَعْدَ أَنْ وَضعَت مرةً أخرى في وسطِ الغرفةِ، جئ بجرّةَ مَمتلئة بالنبيذِ وأخرى بالماءِ. دَخلَ بطرس ويوحنا فى أحد أجزاء الغرفةِ قُرْب الموقدِ، ليُحضرا الكأسَ الذي جَلبوه مِنْ بيتِ فيرونيكا، والذي كان ما زالَ ملفوف في غطائه.
حَملوه بينهم كما لو كانوا يَحْملونَ خيمة، ووَضعوه على المائدةِ أمام السيد المسيح. كان هناك صحنُ بيضاويُ هناك مع ثلاث أرغفة بيضاء، وَضعَت على قطعة من الكتان، بجانبِ نِصْف الرغيفِ كان السيد المسيح وَضعَه جانباً أثناء عشاء الفصحِ، كان هناك أيضاً جرّة تَحتوي على نبيذ وماءَ، وثلاثة صناديقِ، واحد مَمْلُوء بزيت غليظ القوام, الثاني بزيت سائلِ، والثلث فارغُ. في الأزمنة السابقةِ، كَانَ على كل من هم علي المائدةِ أن يأكلوا من نفس الرغيفِ ويشربِوا من نفس الكأسِ في نهايةِ العشاء، بذلك لإبْداء صداقتِهم وحبِّهم الأخويِ، وللترحيب ببعضهم البعض وودّاعَ بعضهم البعض. أعتقد إن الكتاب مقدّس يحتوي على شيءَ يخص هذا الموضوعِ.
في يومِ العشاء الأخيرِ، رفع السيد المسيح هذا التقليدِ (الذي لم يكَنَ سوي طقس رمزي ومجازي) إلى كرامةِ أقدسِ للطقوس الدينية. إحدى التهمِ التى وَضعتْ أمام قيافا أن السيد المسيح أدخل شيء جديد لمراسمِ الفصحِ، لكن نيقوديموس بَرهنَ مِنْ الكتاب المقدّسِ بأِنَّهُ كَانَ عادةً قديمةً.
جلس السيد المسيح بين بطرس ويوحنا، أُغلقت الأبواب، وكُلّ شيء عُمِلَ بأسلوبِ بغاية الغموضِ والمهابة. عندما أُخرج الكأس من غطائه، صَلّى السيد المسيح وتَكلّمَ مع تلاميذه بمنتهي المهابة.
لقد رَأيتُه يَعطيهم تفسيرَ العشاءِ، ولكُلّ المراسمِ، وكُنْتُ مُنتبهة بقوّة لكاهن يُعلّمُ الآخرين بتعاليم القداس. ثم جذب السيد المسيح ما يُشبه رفِّ ذو أخاديدِ مِنْ اللوحةِ التي وُضعت عليها الجرارِ، وأْخذُ قطعة كتان بيضاءِ الذي به كان الكأسِ مغُطّى بها، فردها على اللوحةِ والرفِّ. ثمّ رَأيته يَرْفعُ صحن مستدير، ويضعَه على نفس الرفِّ، بعيدا عن قمةِ الكأسِ.
بعد ذلك أَخذ الأرغفةَ مِنْ أسفل قطعة الكتان، ووَضعهم أمامه على اللوحةِ؛ ثمّ أخرجَ مِنْ الكأسِ زهرية أصغر، ونظّمَ الأقداحَ الصَغيرةَ الستّة على كُلّ جانب منه. ثمّ باركَ الخبزَ والزيتَ، بحدود معرفتي، بعد ذلك رَفعَ الأرغفةِ عاليا علي أيديه ورَفعَ عينَيه وصَلّى، ثم وضع لأرغفة على المائدة وغطّاها ثانيةً. ثمّ أَخذَ الكأسَ، وكَانَ بطرس قد صبّ بَعْض النبيذِ فيه مع بَعْض الماءِ، الذي باركَه يوحنا أولاً، وأضافُ إليه قليل من الماء، الذي سكبه بملعقة صغيرة، وبَعْدَ هذا باركَ الكأسَ ورَفعَه عاليا وهو يصلي ووضعه على المائدة.
صَبَّ يوحنا وبطرس بَعْض الماءِ على يديه، الذي حَملَ على الصحنِ الذي وُضِعتْ عليه الأرغفةِ؛ ثمّ أَخذَ قليل من الماءِ الذي صُبَّ على يديه، بالملعقةِ التي أَخذَها مِنْ الجزءِ السُفلى للكأسِ، وصَبَّه عليهم. بعد هذا، مُررت الزهرية حول المائدةَ، وغَسلَ كُلّ التلاميذ أيديهم فيها. أنا لا أَتذكّرُ إن كان هذا هو النظامَ الدقيقَ الذي أدّيتْ به هذه المراسيمِ؛ كُلّ ما أَعْرفه بأنّهم ذكّروني بطريقةٍ مُدهشة بذبيحة القداس المقدّسةِ.
في هذه الأثناء، أصبحَ إلهنا القدوس أكثر فأكثر حنون ومحبّ في سلوكِه؛ أخبرَ تلاميذه بأِنَّهُ عَلى وَشَكِ أَنْ يَعطيهم كُلّ ما عِنْدَهُ، بمعني، سيعطي كُلّ نفسِه، وبدا كما لو أنه على نَحْو كامِل تَحوّل إلي حبِّ. رَأيتُه يُصبحُ شفّافَ، حتى ماثلَ ظِلّ مضيء. ثم كَسرَ الخبز لعِدّة قِطَع، ثم وَضعَها فى صينية، وبعد ذلك أَخذ قطعة من القطعةِ الأولى وأسَقطَها فى الكأسِ. في لحظة فعل هذا، بدا لى إني أري العذراءِ المُباركة تتلقي القربان المقدّسَ بطريقةٍ روحية، بالرغم من أنّها لم تكَن موجودة في غرفةِ العشاءَ.
أنا لا أَعْرفُ كَيفَ تم هذا، لَكنِّي أعتقد بأنّني رَأيتُها تدْخلُ دون أن تمْس الأرضِ، وتأتي أمام الرب لتتَلْقي العشاء الرباني المقدّسِ؛ وبعد ذلك لم أعد أراها. السيد المسيح كان قد أخبرَها في الصباحِ، في بيت عنيا، بأنَّه سيحفظ الفصح مَعها روحياً، وحدّدَ في أي ساعةَ يجب أَنْ تَختلي بنفسها فى الصلاةِ، كي تتلقّاه بالروحِ. صَلّى السيد المسيح ثانيةً وعلّمَ؛ خرجت كلماته مِنْ شفاهِه مثل نارِ ونور، ودَخلتْ إلى كُلّ التلاميذ، باستثناء يهوذا. لقد أَخذَ الصحن بقِطَعِة الخبزِ وقالَ: " خذوا كلُوا؛ هذا هو جسدي الذي أعطيه لكم " مد يدّه اليمنى وكـأنه يبَارَكَ، وبينما يفعل ذلك, خرج منه نور رائع، كلماته كَانتْ منيرة، دَخلَ الخبزَ أفواهَ التلاميذ كمادة رائعة، وبَدا النور يختِرقهم ويُحيط بهم جميعاً، يهوذا فقط ظل مُظلماً. قدّمَ السيد المسيح الخبز أولاً إلى بطرس، ثم إلى يوحنا ثم أومأ إلى يهوذا أن يقترب. يهوذا بهذا كان الثالث فى تناول العشاء الرباني، لكن كلماتَ الرب ظَهرتْ وكأنها تبتعد عن فَمِّ الخائنِ، وتعود لمُبدعها الإلهي. لقد اضطربت جداً بالروح من هذا المنظر، حتى أن مشاعري لا يُمْكن أنْ تُوْصَفَ. قال السيد المسيح له: " ما أنت فاعله أفعله بسرعة" ثمّ أدارَ العشاء الرباني المُبارك إلى باقي التلاميذ، الذين اقتربوا إثنان إثنان.
رَفعَ السيد المسيح الكأس من مَقابضِه لمستوى وجهَه، ونَطق بكلماتَ التكريسِ. أثناء فعْلُ هذا، ظَهرَ مُتجليا بشكل كامل، شفاف, إن جاز التعبير، وكما لو أنه يعبر بالكامل إلى ما سيَعطيه لتلاميذه. جَعلَ بطرس ويوحنا يَشْربُان مِنْ الكأسِ التي يحَملَها في يَدِّه، وبعد ذلك وَضعَه ثانيةً على المائدةِ. صَبَّ يوحنا الدمّ الإلهي مِنْ الكأسِ إلى الأقداحِ الصغيرة، وقدّمَها بطرس للتلاميذ، حيث شرب كل إثنان معاً مِنْ نفس الكأسِ. أعتقد، لكني لست مُتَأَكِّدة, أن يهوذا تَناولَ الكأسِ أيضاً؛ لكنه لَمْ يُرجعْ إلى مكانِه، لكنه ترك غرفةَ العشاءَ فى الحال، واعتقدَ باقي التلاميذ أنّ السيد المسيح كلفه ببعضَ الأمور. لقد غادر المكان دون أن يصَلي أَو يُقدم أيّ شكر، ولِذلك فأننا قَدْ نُدركُ كَم هو شرّير أَنْ نُهملَ الرجوع للشكر سواء بعد تَلْقي طعامِنا اليوميِ، أَو بعد تَنَاوُل الخبزِ المُعطي الحياة. أثناء كُلّ العشاء، كنت أري شكل صَغير مخيف، بقدمِ واحد كالعظام اليابسة، يَمْكثُ قرب يهوذا، لكن عندما وَصلَ البابَ، رأيت ثلاث شياطينَ يُحيطون به؛ دخل واحد إلى فَمِّه، الثاني كان يحَثّه، والثالث سَبقَه. لقد كَانَ ليلاً، وبَدت تلك الشياطين تُنير الطريق له، بينما أسرعَ راكضاً كالمجنون.
صَبَّ الرب بضع قطرات من الدمِّ الثمينِ المُتَبْقى في الكأسِ إلى الزهريةِ الصَغيرةِ التي تَكلّمتُ عنها، وبعد ذلك وَضع أصابعَه على الكأسِ، بينما كان بطرس ويوحنا يصَبّا الماءَ والنبيذ عليهم. هذا العْمل، جَعلَهم يشُرْب ثانيةً مِنْ الكأسِ، وما تبقي مِنْ محتوياته صُبّتْ فى الأقداحِ الصغيرِة، ووزّع على باقي التلاميذ. ثمّ مسح السيد المسيح الكأسَ، وَضعَ فيه الزهريةِ الصَغيرةِ التي تَحتوي بقيّةَ الدمِّ القدسيِ، ووَضع فوقه الصينية بأجزاءِ الخبزِ المُكَرَّسِ، ثم غطاها ثانيةً وأغلقَ الكأسَ ووضعه وسطِ الكؤوسِ الصغيرةِ الستّة. لقد رَأيتُ التلاميذ يتناولون معاً بقايا العشاء الرباني هذا بعد القيامة.
أني لا أَتذكّرُ بأني رأيت الرب بنفسه يَأْكلُ ويشربِ من العناصرِ المُكَرَّسةِ، ولا رَأيتُ ملكيصادق، عندما قدم الخبزِ والنبيذِ، يتذوق منهم بنفسه. لقد أعلنَ لي لماذا الكهنة يَتناولونَهم، بالرغم من أن السيد المسيح لَمْ يتناوله. هنا نَظرتْ الراهبة إميريتش فجأة لأعلى، وبَدتْ وكأنه تستَمِع. لقد أعطي لها بَعْض التفسيرِ عن هذا الموضوعِ، لكن الكلماتَ التاليةَ كَانتْ كُلّ ما يُمْكِنُها أَنْ تُكرّرَه إلينا: " إن كان مكتبِ تَوزيع العشاء الرباني قَدْ أعطىَ إلى الملائكةِ، لما كَانوا سيَشتركونَ فيه، لكن إن لم يُشارك فيه الكهنةِ, لكان القربان المقدس المُبارك سَيُفْقَدُ, من خلال اشتراكهم فهو محفوظُ. " كان هناك جديةُ ونظام متعذر وصفهما في كُلّ أعمالِ السيد المسيح أثناء تأسيسه لسر العشاء الرباني المقدّسِ، وكُلّ حركة له كَانتْ ملوكيةَ. لقد رَأيتُ التلاميذ يُسجّلونَ أشياء في لفائف رقِّ الكتابة الصغيرة وحملوها بأنفسهم. لقد لاحظت عدّة مرات أثناء المراسيمِ بأنّهم ينحنوا لبعضهم البعض، بنفس الطّريقة التي يفعلها كهنتنا الآن.
|
|
|
|