07 - 11 - 2012, 04:16 PM
|
رقم المشاركة : ( 3 )
|
..::| VIP |::..
|
دخول السيد المسيح أورشليم
ظل السيد المسيح مَع بطرس ويوحنا والعذراء المباركة مع ستّة مِنْ النساء القديسات، مختبئين عند لعازر. لقد كَانوا في نفس الشُقَقِ التى تحت الأرض التي اختبأ فيها لعازر أثناء الاضطهاد الذي ثارَ ضدّه. هذه الشُقَقِ كَانتْ تحت مؤخّرةِ البنايةِ، وأُثّثتْ على نَحْو كافٍ بالسجادِ والمقاعدِ.
السيد المسيح، سويّة مع التلاميذ الثلاثة ولعازر، كَانَ في قاعة واسعة تستند على أعمدةِ وموقدِة بالمصابيحِ، بينما كانت النِساء القدّيسات في شُقَّة ثلاثية الزوايا مغلقة بالحواجز. كان بعض التلاميذ والرسل الآخرينِ قُرْب بيت عنيا، والباقين في مواضعِ أخرى. أخبرَ السيد المسيح التلاميذ بأنَّ الصباح التالي سيكون فاتحة يومَ دخولِه أورشليم، ووجّهَ كُلّ التلاميذ الغائبون كي يُستَدعوا. لقد جاؤوا، وكَانَ له لقاء طويل مَعهم. لقد كَانوا حزانى جداً. كَانَ السيد المسيح لطيفَ في أسلوبه نحو يهوذا الخائنِ وأتمنُه على لجنةَ لاستدعاء الرسل.
كَانَ يهوذا مولعا جداً بمثل هذه المهامِ، لأنه كَانَ يتوّقَ أن يُعتبر كشخص ذو مكانة وأهميةِ. بعد ذلك، قدّمَ السيد المسيح مثل عظيم للنِساءِ القدّيساتِ ولعازر. بَدأَ تعليمه بالكَلام عن الفردوسِ وسقوط آدم وحواء وعن الوعد بالفداء، عن تقدّم الشرِّ، وعن العدد الصغير للعُامّلِين الأمناء في جنة الرب. مِنْ هذا، أستمرَّ إلى مثلِ الملك الذي أمتلكَ حديقة رائعة. وأتته سيدةَ لابسة بشكل رائع، وأشارَت إلى حديقة بقُرْب حديقته ذات شجيراتِ عطرةِ وتخص رجل مؤمن. قالتْ للملكِ: " لأن هذا الرجلِ ترك البلدَ، يَجِبُ أَنْ تَشتري حديقتَه وتَزْرعُها بالشجيراتِ العطرةِ." لكن الملكَ أرادَ زِراعَة الثومِ والأعشابِ المماثلةِ ذات الرائحة القوية في حديقةِ الرجلِ المسكين، بالرغم من أن الملكِ نَظرَ إليها كبقعة مقدّسة يرَغبَ أن يري فيها فقط أجود النباتات العِطرة. سبّبَ الملكُ أن يُدعي الرجلَ الجيدَ، واقترحَ أنّه يَجِبُ أَنْ يُزيلَ هذا المكانِ أَو أن يَبِيعُ حديقتَه إليه.
ثمّ رَأيتُ الإنسانَ الجيدَ في حديقتِه. رَأيتُ أنّه زَرعَها بعناية وكُانْ يتوّقَ للاحتفاظ بها. لَكنَّه كان لا بُدَّ أنْ يَعاني اضطهاد عظيمَ. ذهب أعدائه رغم ذلك بعيداً محاولينَ رَجْمه في حديقتِه، وهو سَقطَ مريضاً. لكن الملكَ جاءَ أخيراً بكُلّ مجده إلى لا شيء، بينما الإنسان الجيد وحديقته وكُلّ ما يخصه أزدهر وأزداد. لقد رَأيتُ هذا ينشر البركة كأغصان الشجرة ويَمْلأُ كُلّ أجزاء العالمِ. رَأيتُ كل المثلَ بينما كان السيد المسيح يَرويه. لقد عَبرَ أمامي في مشاهد وبَدا كتاريخ حقيقي. ازدهار حديقةِ الإنسانِ الجيدِ ظهرَ لي تحت شكلِ من الازدياد، مِنْ النمو، من تَطَوّرِ كُلّ أنواع الشجيراتِ، أيضاً الري بواسطة الينابيعِ البعيدةِ المُتَدفِّقةِ، كينابيع تفيض بالنور، وكما تذوّبُ الغيوم العائِمة في الأمطارِ والندى. تنَشأ البركة من هذه الينابيعِ وتنتشرِ حتى إلى أقاصي الأرض. شَرحَ السيد المسيح هذا المثلِ كإشارةِ إلى الفردوسِ، سقوط الإنسانِ، الفداء، ملكوت هذا العالمِ، وكرمة الرب، قالَ السيد المسيح، سَيُهاجمُ مِن قِبل أميرِ العالمِ، الذي يُسيء معاملة أبن الرب، الذي ائتمن إليه الأبَّ العناية به.
دَلَّ المثلَ أيضاً بأنّ كما الخطية والموت بَدءا في حديقة، هكذا آلامه التي أَخذَها على نفسه من قبل آثامِ العالمِ ستبْدأُ في حديقة، وبعد سُداد كل شئ، الغلبة على الموتِ ستكون بقيامته في حديقة.
تلي هذا التعليمِ وجبة خفيفة، واصلَ بعدها السيد المسيح حديثه مَع الرسل، الذين ما أن حل الظلامَ تُجمّعَوا في المنازلِ المجاورةِ. في وقت مبكّر من الصباح التالي أرسلَ السيد المسيح إرمنسير وسيلاس إلى أورشليم، لَيسَ بالطريقِ المباشرِ، بل فى طريق بقرب حدائقَ وحقولَ قُرْيبة من بيت حاجي.
لقد كانوا مُكُلّفين بجَعْل ذلك الطريقِ سالكِ بفتح السياج وإزالة الحواجزَ. أخبرَهم بأنّهم سيجدون أتان مع وليدها في المرعى قُرْب الخان خارج بيت حاجي التي بقرب الطريقَ، وأنهم يَجِبُ أَنْ يَشْدّوا الحمارَ إلى السياجِ، وإن سألهم أحد لماذا يفعَلون ذلك، يَجِبُ أَنْ يَرْدّوا بأنَّ الرب يريده هكذا.
بعد ذلك يَجِبُ أَنْ يُزيلوا كُلّ عقبة مِنْ الطريقِ المؤدي المؤدّي إلى الهيكلِ، وبعد أن يفعلوا ذلك يُرجعون إليه. لقد رَأيتُ الاثنين خلال رحلتِهم، يَفْتحُون السياج ويُزيلُوا كُلّ العوائق مِنْ الطريقِ. الخان العام الكبير، الذي بقُرْبه كانت الحميرِ تَرْعى في مرعى، كَانَ به فناء ونافورة. الحميرُ كانت تخص بَعْض الغرباءِ الذين كانوا يتركون دوابهم فيه عند الذْهابُ إلى الهيكلِ. رَبطَ الرسل الأتان كما طُلب منهم وتَركَوا المهرةَ طليقة. رَأيتُهم بعد ذلك يواصلون رحلتهم إلى الهيكلِ وفي الطّريق يَضِعونَ على جانبِ الطريق كل ما قد يكون عقبةَ. باعة الأطعمةِ، الذين طردهم السيد المسيح مؤخراً، كانوا قد أخذوا موقفَهم ثانيةً فى ركن قُرْب مدخلِ الهيكلِ.
ذهب التلميذان إليهم وطَلبا منهم ترك الموضع لأن الرب عَلى وَشَكِ أَنْ أن يدخلَ الهيكل. بَعْدَ أَنْ نفّذوا كُلّ مهمّتِهم، عادا إلى بيت حاجي من الطريقِ المباشرِ، علي الجانب الآخر من جبلِ الزيتون. في نفس الوقت أرسلَ السيد المسيح مجموعة من الرسل الأكبر سناً إلى أورشليم بالطريقِ المألوفِ, موصياً بعضهم بالذِهاب إلى بيتِ مريم مرقص وآخرون إلى فيرونيكا والبعض إلى نيقوديموس وإلى أبناءِ سمعان وإلى بعض الأصدقاءِ ويُخطرُوهم بدخولِه القريب لأورشليم .
بعد ذلك، رحل السيد المسيح مَع كُلّ التلاميذ وبقيّة الرسل إلى بيت حاجي. تتبعه النساء القديسات وعلى رأسهم العذراءِ المباركة. عندما وَصلتْ المجموعة إلي بيت مُعين على الطريقِ مُحاطَ بالحدائقِ، تَوقّفت لفترة طويلة. أرسلَ السيد المسيح اثنان مِنْ الرسل إلى بيت حاجي بأغطيةِ والعِبي التي جَلبوها مَعهم مِنْ بيت عنيا، كي يُعدا الأتان. أثناء ذلك أحتشدَ جمع هائلَ من الناس أسفل الرواق المفتوحِ. هذا الرواق كَان مُقام على أعمدةِ حيث اتخذت النساء القديسات موضعاً ليستِمعوا إليه. وَقفَ السيد المسيح على منصّةِ مرتفعةِ؛ الرسل والجمهورُ ملئوا الفناءَ. الرواق كان مُزُيّنَ بالخضرةِ والأكاليلِ.
الجدران كانت مُغطاة بالكامل بهم، ومِنْ السقفِ تَدلّت أكاليلَ لَطِيفةَ ورقيقةَ جداً. تَكلّمَ السيد المسيح عن البصيرةِ وعن ضرورةِ استخدام الإنسان لذكائِه، لأن الرسل سألوه بينما كانوا معه فى الطريقِ. أجابَ بأنّه كي يَتحاشى الإنسان الأخطارَ الغير ضروريةَ فأنه يَجِبُ أَنْ يَحْمي نفسه، ويَحْذرُ أَنْ لا يَتْركَ الأشياءَ للمُصَادَفَة؛ لذا طَلبَ أن تُقيد الأتان مقدماً.
ورتّبَ الآن السيد المسيح موكبه. طَلبَ من التلاميذ أن يتقدموا أمامه، اثنان اثنان، قائلاً أنّهم مِنْ هذه اللحظةِ وحتى بعد موتِه، يَجِبُ أَنْ يَتصدّروا الجماعةَ (الكنيسة) في كل مكان.
ذَهبَ بطرس أولاً، تَبعه أولئك الذين كَان عليهم حْملَ الإنجيلَ إلى المناطقِ الأكثر بُعداً، بينما كان يوحنا ويعقوب الصغير قبل السيد المسيح مُباشرة. حمل الجميع سعف النخل. ما أن رأي التلميذان اللذان كَانا يَنتظرانِ قُرْب بيت حاجي الموكبَ يَقترب، أسرعا للانضمام إليه، أَخْذين مَعهم الدابتين.
كانت الأتان مُغطاة بغِطاء مُزركَش تدلي حتي قدمِيها، الرأس والذيل فقط كانا المرئيين. وَضعَ الآن السيد المسيح عباءةِ العيد الجميلةِ التي مِنْ الصوفِ الأبيضِ والتي أحضرها أحد الرسل مَعه لذلك الغرضِ. لقد كَانَت طويلَة وتزخر بالحواشي. الزنَّار العريض الذي علي خصرِه يحَملَ نقشاً من الحروف. ثمّ وَضعَ حول رقبتِه شال عريض يصلَ حتي رُكَبِتيه، في نهايتيه شيءِ ما مثل الدروعِ مطُرّز باللون البني.
ساعدَ التلميذان السيد المسيح عل رُكوب الحمار. لم يكن للدابة لجامُ لكن كان يوجد حول رقبتِه شريطَ يتدَلّى طليقاً. لَستُ أَعْرفُ إن كان السيد المسيح رَكبَ على الأتان أَم على الُمهرة، لأنهما كَانا مِنْ نفس الحجمِ. ركضت الدابة التي بدون راكّب علي الجانبِ الآخرِ. سار أليود وسيلا على جانبي الرب وإرمنسير خلفه؛ ثمّ جاء الرسل الذين أتوا مؤخراً جداً، بعض مِنْ الذين أرجعهم مَعه مِنْ رحلتِه الرائعةِ الأخيرةِ، وآخرين كَانوا ما زالوا أكثر تأخّراً.
عندما أصطف الموكب، النساء القديسات، اثنان اثنان، وقفَوا فى المؤخّرةَ. العذراء المباركة، التي بَقيتْ في الخلفيةِ حتى الآن دائماً، ذَهبَت الآن علي رأسِهم. ما أن تَقدّمَ الموكبُ للأمام، حتي بَدأَ الجمع ينْشد، وشعب بيت حاجي، الذي تجمعَ حول التلميذان بينما كَانا يَنتظرانَ مجيء السيد المسيح، تَبعوه مثل سرب. ذكّرَ السيد المسيح الرسل بما قالَه لهم سابقاً ليلاحظوه، أعْنِي، أولئك الذين ينشرُون ملابسَهم في طريقِه، وأولئك الذين يقْطعُون أغصان الأشجارِ، وأولئك الذي يُكرمونه، لأن هؤلاء هم الذين كرّسوا أنفسهم ومُمتلكاتهم لمساعدتِه.
مِنْ بيت عنيا إلى أورشليم، المسافر في تلك الأيامِ يجد بيت فاجي على اليمين وبالأحرى أكثر في اتجاه بيت لحم. جبلُ الزيتونِ يفَصلَ الطريقين. يَمتدُّ على أرضِ ذات مستنقعات منخفضةِ وكَانَ موضع صَغير رديء يَشْملُ صفّ من البيوتِ على جانبي الطريقِ. البيت الذي كانت الحميرِ تَرْعى بقُرْبه كان يقع علي مسافةِ مِنْ الطريقِ في مرعى جميل بين بيت حاجي وأورشليم. على هذا الجانبِ يصعد الطريق ثانية، لكن على الجانب الآخر يهَبطَ إلى الوادي الذي بين جبلِ الزيتون وتلال أورشليم. تَأخّرَ السيد المسيح لفترة قصيرة بين بيت عنيا وبيت حاجي، وكَانَ ذلك على الطريقِ الذي ينتظر خلفه التلميذان بالدواب.
في أورشليم، بدأ الباعة والناس الذين طلب منهم إرمنسير وسيلا فى ذلك الصباحِ أن ينظِّفوا الهيكلِ لأن الرب آت، فى تَزيين الطريقِ فوراً وبِابتهاج.
اقتلعوا الأشجارَ والأغصان العليا وصنعوا منها أقواسَ، ثم علّقوا عليها كُلّ أنواع الفاكهةِ الصفراءِ مثل التفاحِ. الرسل الذين أرسلهم السيد المسيح إلى أورشليم وأصدقاء غير معدودين الذين جاءوا إلى المدينةِ لأجل العيدِ الذي كان يقترب, كان الطرق يعْجُّ بالمسافرين وأحتشد عديد مِنْ اليهود الذي كَانوا حاضرين في حديثِ السيد المسيح الأخير على ذلك الجانبِ من المدينةِ الذي تُوقّعَوا أن يدُخل منه.
كان هناك عديد مِنْ الغرباءِ في أورشليم. لقد سَمعوا عن أقامة لعازر وتَمنّوا رُؤية السيد المسيح. حينئذ عندما انتشرت الأخبار بأنّه يَقتربُ، خَرجوا أيضاً للقَائه. الطريق مِنْ بيت حجي إلى أورشليم كان يمَرَّ عبر الجزءَ المنخفض من وادي جبلِ الزيتون، الذي لم يكَنَ مرتفعاً حيث شُيد الهيكل.
بالصُعُود مِنْ بيت حجي إلى جبلِ الزيتونِ، يستطيع المرء أَنْ يَرى من خلال التلالِ العاليةِ التي تجاور الطريقَ على الجانبين، الهيكلَ مُنتصباً أمامهم. مِنْ هذا الطرفِ إلى أورشليم، الطريق كَانَ مبهجَ، ممتلئ بالحدائقِ الصغيرة والأشجارِ. أتتْ الحشودُ مِنْ المدينةِ لاستقبال التلاميذ والرسل، الذين كَانوا يَقتربونَ بالترانيم والأناشيد الدينية. في هذه الفترة الحاسمة، جاء بعض شيوخ الكهنةِ من مكتبِهم إلى الطريقِ وأوقفَوا الموكب. أوقفتْ الحركةُ الغير متوقّعةُ الغناء. دعا الكهنة السيد المسيح ليقَول ماذا يقَصدَ بمثل هذه الإجراءاتِ من ناحية أتباعِه، ولِماذا لا يَمْنعْ هذا الضجيجِ والاهتياج.
أجابَ السيد المسيح بأنّ إن صمت أتباعِه، لصرخت أحجار الطريقِ. بهذه الكلماتِ، أنسحب الكهنة. حينئذ عقد رؤساء الكهنة اجتماعا، وطَلبوا أن يُدْعَا أمامهم كُلّ أزواج وأقرباء النساء اللاتي خرجن من أورشليم مَع أولادهن للقاء السيد المسيح. عندما أتموا إجراءات مذكرةِ الحضور، أُغلقوا القاعة الكبيرة وبُعِثوا مبعوثين للتَجَسُّس على ما كان يجري. كثيرين من بين الحشدِ الذي تَبع السيد المسيح إلى الهيكل لم ينزعوا فقط الأغصان مِنْ الأشجارِ ونَثرَوها علي الطريقِ، بل خلعوا ثيابهم وفرشوها، يَغنّون ويَصِيحوا طول الوَقت. رَأيتُ كثيرَين عروا أنفسهم تماماً من ملابسِهم العلياِ لذلك الغرضِ. أندفع الأطفال مِنْ المَدارِسِ، ورَكضوا بابتِهاج مَع الحشودِ. فيرونيكا، التي كَانَ معها طفلان، ألقت حجابَها في الطريقِ وانتزعت حجاب آخراً مِنْ أحد أطفالِها وفرشته أيضاً.
انضمت هي وامرأة أخرى إلى النساء القدّيسات اللاتي كَن في مؤخّرةِ الموكبِ. كان هناك حوالي سبعة عشرَ منهن. كان الطريق مُغُطّى بالكامل من الأغصان والثياب والسجاد, تحرك الموكبَ بهدوء من خلال الأقواسِ العديدةِ التي غَطّتْ الفضاءَ بين الجدران على الجانبين.
بَكى السيد المسيح، وبَكى أيضاً التلاميذ، عندما أخبرَهم بأنَّ كثيرين من الذين يَصِيحونَ بالتسبيح الآن من الفرح سيَسْخرونَ مِنْه قريباً، وبأنَّ شخص معيَّن سيَخُونونَه. لقد نَظرَ على المدينةِ وبَكى على دمارِها القريب. عندما دَخلَ البوابَة، أصبحتْ نداءاتَ البهجةِ أعظمَ. مرضي كثيرين من كُلّ الأنواع كَانتْ قَدْ اقتيدت أَو حُمِلتْ إلى هناك؛ بسبب لذلك توقف السيد المسيح كثيراً، تَرَجّل وعالج الجميع بدون تمييز. عديد مِنْ أعدائه اختلطوا مع الحشدِ وأطلقوا نداءاتَ مُعينة لصنع تمردَ. كلما قرب الهيكل كلما كانت زينة الطريق أكثر روعةً. على الجانبين أقيمت الأسوار لتَشكيل مناطق توجد فيها حيوانات صغيرة ذات رِقابِ الطويلةِ وأطفال وخِراف، جميعهم مُزَيَّنين بالأكاليلِ وأكاليل الزهورِ حول رقابهم، كَانوا يطْفرُون كما لو أنَّهم في حدائقِ الصَغيرةِ. خلفية هذه الأماكن كَانتْ مُشَكَّلةَ مِنْ شُجيرات. في هذا الجزءِ من المدينةِ كانت توجد هناك دائماً، وخاصة قرب عيد الفصحِ، الحيواناتَ المعروضة للبيع كانت بلا عيوب وبدون بُقعّ، مُعدة كذبائح. للتَحَرُّك مِنْ بوابِة المدينةَ إلى الهيكل، بالرغم من أن المسافة حوالي نِصْفِ الساعةَ فقط، أَخذَ الموكبَ ثلاث ساعاتَ. فى هذا الوقتِ، أمر اليهود بأن تٌغلق كُلّ البيوت بالإضافة إلى بوابة المدينةَ، لكي عندما يريد السيد المسيح والرسل إعادة الحمار إلى حيث وَجدوه، يضطروا للانتظار داخل البوابِة حتى المساء. في المعبدِ كَانتْ النساء القديسات وحشودَ من الناس. كان على الجميع أنْ يظلوا طوال اليومَ بدون طعام، لأن هذا الجزءِ من المدينةِ كَانَ قَدْ أُغلق. المجدلية خاصة انزعجت بفكرِة أن السيد المسيح لم يتناول أي طعام.
قرب المساء فُتِحَت البوابة ثانيةً، رَجعتْ النِساءَ القدّيساتَ إلى بيت عنيا، وعاد السيد المسيح بعد ذلك مَع التلاميذ. كانت المجدلية قَلقَة لأن السيد المسيح وتلاميذه لم يتناولوا أي شئ فى أورشليم، أعِدّت وجبة لهم بنفسها. لقد حل الظلامَ عندما دَخلَ السيد المسيح فناء مسكن لعازر. أحضرت المجدلية حوض ماءِ وغَسلَت قدمَيه وجفّفتْها بمنشفة كَانَت على كتفِها.
الطعام الذي أعدّتْه لَمْ يكن مجرد وجبة عادية، كَانَ مجرّد طعام. بينما كان الرب يَتناولُه، اقتربت وسَكبتْ طيباً على رأسهِ، لقد رَأيتُ يهوذا، الذي مَرَّ عليها في هذه اللحظة، يُغمغمُ باستياء، لَكنَّها أجابتْ غمغمته قائله إِنَّهَا لا تستطيع أَنْ تَشْكرَ الرب كفاية عن كل فعَلَه لها ولأَخِّيها.
بَعْدَ أَنْ ذلك ذَهبَ السيد المسيح إلى منزل يخص سمعان الأبرص، حيث أجتمع بِعض مِنْ الرسل، وعلّمَ لفترة قليلة. مِنْ هناك خَرجَ إلى خان الرسل، حيث تَكلّمَ لبَعْض الوقتِ، وبعد ذلك عادَ إلى بيتِ سمعان الأبرص. بينما كان السيد المسيح ذاهِباً فى اليوم التالي إلى أورشليم مَع التلاميذ، كَانَ جائعا، لَكنَّ ذلك بَدا لي بأنّه كَانَ بعد تغيير اليهود وإتمامِ مهمّتِه. لقد أشتاق لساعةِ انتهاء آلامِه، لكونه يَعْرفُ ضخامتَها ويَرهبها مُقدماً. ذَهبَ إلى شجرة تين على الطريقِ ونَظرَ إليها. عندما لم يرَى أي ثمارِ، بل مجرد أوراقَ، لَعنَها بأنّ تذْبلَ ولا تعد تُعطي ثمر فيما بعد. وهكذا كان، كما قال، يَكون لأولئك الذي لا يَعترفَون به. لقد فَهمتُ بأنّ شجرةَ التين ترمز للشريعة القديمَة؛ الكرمة الجدّيدة. كان طّريقه إلى الهيكل، رَأيتُ أكوام من الأغصان والأكاليلِ مِنْ غلبة الأمسِ.
في الرواق الخارجيِ للهيكل، كان عديد مِنْ الباعةِ قد أخذوا أماكنهم مرة أخري. البعض مِنْهم كَانَ يضع حقائبِ على ظهورِهم، أَو صناديق، كانوا بإمكانهم أَنْ يَفْتحوها وتوضِع على ركيزة. لقد كانوا يحملون الركائز معهم. عندما تطَوى، تكون مثل عصا مشي. رَأيتُ أكوامِ من النقود على الموائدَ, مرَبوطَة معاً بطرق مختلفة بقيودِ صَغيرةِ وخطّافاتِ وحبالِ، كي يُشكّلَوا أشكالَ مُخْتَلِفةَ. البعض كَان أصُفر؛ الآخر أبيض وبني وألوان متنوّعة. أعتقد أنها كَانت قِطَعَ من النقودِ مُعدة لأنواطِ الزينةِ. رَأيتُ أيضاً أعدادَ من أقفاصِ الطيورِ، موضوعة فوق بعضها البعض وفي أحد الأروقة، كان هناك عجولَ وماشيةَ أخرى. أمر السيد المسيح التُجّار أن يخرجوا، وما أن تَردّدوا في طَاعَته، ضفُر طوق كسوط وطردهم من جهة لأخرى ومن الفِناء الذى خلف الهيكل.
بينما كان السيد المسيح يُعلّمُ، أرسل بَعْض الغرباءِ الذين مِنْ اليونان خدامَهم ليطَلَبوا مِنْ فيلبس إن كان بإمكانهم أَنْ يَتحدّثوا مَع الرب بدون الاندماج مع الحشدِ. نقل فيلبس الطلب إلى أندراوس، التي نَقلها بدوره إلى الرب. أجابَ السيد المسيح بأنَّه سيُقابلُهم على الطريقِ بين بوابِة المدينةَ وبيتَ يوحنا مرقص عندما يَتْركَ الهيكلَ ليعَود إلى بيت عنيا.
بعد هذه المقاطعةِ، واصلَ السيد المسيح حديثه. لقد كان مُضطربَ كثيراً وعندما رَفعَ عينَيه إلى السماءِ، رَأيتُ ومضة من النور تَنْزلُ عليه مِنْ سحابة متألقة، وسمعت دوي عالي. نظر الناس لأعلي خائفينِ، وبدءوا بالهَمْس إلى أحدهما الآخر، لكن السيد المسيح واصل بالكَلام. تكرّرَ هذا عدّة مرات، بعد ذلك رَأيتُ السيد المسيح يَنْزلُ مِنْ كرسي المعلّمَ ويَختلطُ مع الرسل بين الجمهور، ويُغادرُ الهيكلَ.
عندما كان السيد المسيح يُعلّمَ، القي الرسل حوله عباءة بيضاء مِنْ عباءات المراسم والتي كانوا يحَملونها دائماً مَعهم؛ وعندما تَركَ كرسي المعلمين، أزالوها كي تكون ملابسه مثل ملابس الآخرين، لقد تمْكِنُ من أَنْ يَهْربُ بسهولة من إخطارِ الجمهورِ. حول كرسي المعلّمَ كَانتْ هناك ثلاثة منصات، واحده تلو الأخرى، كُلّ واحدة مسورة بدرابزين مُزُخرفَ بنَحْت. أنني لم أرَي أي صورِ مَنْحُوتةِ في الهيكلِ، بالرغم من أنه كان هناك كل أنواعَ الزينات: نباتات مُعرشة، عناقيد عنب، حيوانات للذبائح، وأشكال تُشبه الأطفالَ المُقمطين. كان نور الشمس ما زالَ ساطعا عندما وَصلَ السيد المسيح وأتباعه بيتِ يوحنا مرقص. هنا وقف اليونانيون وتَكلّمَ السيد المسيح معهم بَعْض دقائقِ. كان مع الغرباء بَعْض النساء، لَكنَّهم ظلوا واقفين فى الخلف. إن هؤلاء الناسِ اهتدوا. كَانوا من بين أولِ من أنْضِم للتوابعَ في عيدِ العنصرة ونالوا المعموديةِ.
|
|
|
|