583 - المسيحية اعلان ٌ لا اقناع . المسيحية ايمان ٌ لا منطق . الاقناع يحتاج الى تبرير ٍ وتفسير ٍ وتعليل ٍ وتحليل ٍ وادلة . الايمان يحتاج الى حق ٍ راسخ واساس ٍ ثابت ومرسى امين . لكي تقتنع عليك ان تنبش باصابعك وتفحص بنظرك وتتأكد بجميع حواسك . لكي تؤمن عليك ان تُلقي بنفسك وترتمي بثقلك وتستند برأسك . الاقتناع يُبنى على نظريات وتجارب وفحوص ٍ واكتشافات ٍ وتضارب آراء . الايمان يُبنى على الثقة بشخص ، الارتكاز على سند ، الراحة في حضن ملجأ . قوة المسيحية تبدو في تعارضها مع المألوف والعادي والمعروف . كيف يكون قلب المسيحية هو صلب المسيح ؟ وكيف يحيا المسيحي حاملا ً صليبه ؟ . الصلب ُ موت ٌ وحزن ٌ وعار ٌ وجرم ، وحمل الصليب معاناة ٌ وألم وعذاب . هذا المستحيل في المسيح ممكن . المسيح جعل الصليب فخرا ً ومجدا ً ونصرة . والمسيحي الذي يحمل الصليب على كتفيه لا يحزن ويكتئب بل يسعد ويفرح . هذا التناقض يجعل المسيحي لا يحيا بالحس بل بالايمان . نحن لا نعيش تحت عبودية الجسد بل في حرية الروح . المؤمن لا يضع ثقته في فكر ٍ ومبدأ وفلسفة ونظرية بل في شخص الله . الفكر ينسخه فكر والمبدأ يهتز بالزمن والفلسفة ُ تنهار والنظرية تتغير أما الله فثابت ٌ لا يتغير ، قوي ٌ لا يضعف ، قادر ٌ الى الأبد . وحين نفكر في اماتة الموت بالموت يتوه العقل ويعجز عن الفهم . وحين نحاول ان نقمع اجسادنا ونغير سلوكنا ونبرر انفسنا نفشل . الايمان فوق العقل ، اسمى من العقل . وسلام المؤمن فوق العقل ، يفوق كل عقل . يقول بولس الرسول : " وَسَلاَمُ اللهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْل ، يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ . " ( فيلبي 4 : 7 ) السلام لا يأتي من العقل ، العقل لا يُعطي السلام . كل عضو ٍ في اجسادنا له عمل ، العين ترى والأذن تسمع والانف يشم . والعقل يفكر ، لا يُعطي السلام ، هذا ليس عمله ُ ، هو عمل الله ، سلام الله ، سلام ٌ من الله ، لذلك هذا السلام هو فوق العقل . هكذا المسيحية ، ايمان ٌ لا منطق ، اعلان ٌ لا اقناع . وهكذا الايمان المسيحي يرتكز على شخص الله لا فكر العالم .