وفي اللحظة التي يتقبَّل فيها الخاطي صوت الله تنـزرع في نفسه الميتة أذن روحية «يوقظ كل صباح، يوقظ لي أُذناً لأسمع كالمتعلِّمين، السيد الرب فتح لي أذناً وأنا لم أعاند، إلى الوراء لم أرتد.» (إش 50: 4 و5)
وحينما تتفاعل الأذن الروحية مع هذا الصوت بنجاح، فالروح ينسكب في النفس خالقاً قلباً جديداً روحيًّا للإنسان من صنع الله، يبدأ في الحال ينبض بالإيمان والولاء للذي فداه من الموت وخلصه. وحينئذ يأخذ الإنسان قوَّة على التحرُّك نحو الله والاجتهاد لإرضائه والمثابرة على حبه ...
هنا تبدأ سيرة جديدة للخاطي تجاه الله الذي دعاه، واجتذبه من موت الخطية وفداه، وطهره من نجاساته وأحياه بدم يسوع المسيح وقوة قيامته من الموات؛ هنا يصبح الخاطي مطالباً - بعد أن ذاق ذلة الموت وتذوق مجد الحياة - أن لا يعود يسير بقدميه في طريق الموت! ... وأن يبغض الطرق الخادعة المؤدية إلى الهلاك! ... ويبغض الإثم! ...
وبقدر ما طهره الله - ببر يسوع المسيح - من نجاسات الخطية القاتلة، أصبح مطالباً أن يسعى في أثر القداسة للحياة مع الله بقوة الله «نظير القدوس الذي دعاكم كونوا أنتم أيضاً قديسين» (1بط 1: 15)!!
بل وأصبح من صميم سيرة الخاطي المطهر بالدم الإلهي أن يُسر ويفرح ويخبر بفضل الذي دعاه من الظلمة إلى نوره العجيب (1بط 2: 9)!!
فإن كانت بغضة الخطية القاتلة هي من صميم فعل الندامة والتوبة، فالفرح ببر المسيح وفعل دمه الماحي للذنوب والخطايا هو نور التوبة وبهجتها، الذي يحفظ الخاطي من النظر إلى الوراء ويؤمِّنه ضد رعبة الموت الوهمية ...
وهكذا يصبح الخاطي - بعد أن يحصل على قوَّة التوبة بفرح بر المسيح - قادراً أن ينطلق باستمرار من تعقب الظلمة له ومخاوفها، ويواجه نور الحاضر ورجاء المستقبل؛ «الذي أنقذنا من سلطان الظلمة ونقلنا إلى ملكوت ابن محبته» (كو 1: 13)، ويصارع ضد شرور هذا الزمان بلا خوف، مستتراً في المسيح ومتشبثاً بدعوته حسب إرادته وبقوة دمه ... «الذي بذل نفسه لأجل خطايانا لينقذنا من العالم الحاضر الشرير حسب إرادة الله وأبينا» (غل 1: 5).
***