الموضوع: بارتيماوس
عرض مشاركة واحدة
قديم 20 - 05 - 2012, 05:49 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
رمانة
| غالى على قلب الفرح المسيحى |

الصورة الرمزية رمانة

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 13
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلــــ غزة ـــب
المشاركـــــــات : 8,903

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

رمانة غير متواجد حالياً

افتراضي

بارتيماوس والناس على قارعة الطريق
ولا نقصد بالناس، مجرد الناس الذين مروا به، وألقوا إليه بعضًا من عطاياهم، أو الذين لم يعطوا وما أكثرهم، إذ كان بارتيماوس كمية مهملة عندهم، وما أكثر الذين يسيرون في موكب الحياة ويمرون بآلام الآخرين دون اهتمام أو حدب، أو بأيسر الاهتمام مما يتركه كما كان في بؤسه وآلامه وحاجته إلى العطاء المتكور، لكننا نقصد تلك الجموع التي كانت تسير في ركب المسيح، وقد حاولوا بقصد أو بغير قصد، الوقوف في طريق مساعدته ومنعه من الاقتراب إلى المسيح، إذ كيف لهذا الشحاذ أن يعطل موكب المسيح من الانطلاق والسير إلى الأمام، عندما صرخ الرجل انتهره المتقدمون ليسكت،... في يوم عيد الميلاد في أحد الأعوام في مدينة نيويورك، حيث يكون الزحام على أشده، وجد شاب على أحد الأرصفة ميتًا تحت أرجل المارين، وتبين من نحافه المفزعة، أنه مات جائعًا مدوسًا في الزحام في عيد ميلاد المسيح، فإذا لم تصل الأنانية إلى هذا الحد، فلعلها تكون بصورة أخرى مبعثها الإهمال والنسيان، ... هل سمعت عن ذلك الصبي الذي خرج من مدرسة الأحد، وإذ التقى به أحدهم وكان ملحدًا وسأله : أين كنت أيها الصبي!!؟ فأجابه : كنت في مدرسة الأحد! وماذا تعلمت هناك؟ أجاب : تعلمت أن الله محبة! فقال له الملحد : وهل الله الذي هو محبة يمكن أن يتركك هكذا ممزق الثياب! فسكت الصبي لحظة ثم قال بألم : إن الله أوصى أحدهم بي، ولكن هذا الأخير نسى! ...على أنه من العجيب أن الذين قاوموا بارتيماوس، هم الذين نادوه أن يذهب إلى السيد عندما توقف المسيح! وما أكثر ما يكشف هذا عن تقلب البشر، واندفاعهم من النقيض إلى النقيض! ... حاول صموئيل جونسون أن يلفت نظر أحد اللوردات إليه، وهو يكافح في سنيه الأولى دون جدوى، ولكن بعد أن كتب قاموسه العظيم، وتقبلته إنجلترا أحر استقبال، أرسل إليه هذا اللورد تحية حارة، فأرسل جونسون يقول : لم أعد في حاجة إلى هذه التحية التي كنت من سبع سنوات في أمس الحاجة : إلى شيء منها!! وفي يقة إن الإصرار على الغرض، وعدم التأثر بآراء الجماهيرأو عدم الفشل أمام متاعبها ومضايقاتها ومعاكساتها، هو السبيل الدائم للنجاح، أو بي لتحويلها إلى الموقف النقيض المغاير، إن الجماهير في حقيقة الأمر لا وعي لها وهي لا تتشبث بفكرة معينة عن اقتناع وفهم، بل تنساق وراء العاطفة فتتأرجح بين أقصى اليمين وأقصى اليسار، والثابت على الرأى والمبدأ هو الذي يكسب آخر الأمر موقفه بمساندة الجماهير نفسها!!

بارتيماوس
والمسيح على قارعة الطريق

ونحن نأتي الآن إلى أهم نقطة في حياة بارتيماوس نفسها، عندما التقى بالمسيح على الطريق عند خروجه من أريحا، وسنتابع هنا بارتيماوس خطوة فخطوة، في تدرج علاقته بالمسيح، ولعل أول ما ينبغي ملاحظته إحساس بارتيماوس بالمسيح عندما سمع وقع أقدام الموكب، والأصوات الآتية من بعيد، وهنا أمر ينبغي الوقوف عنده بعمق وتأمل، إن المعجزة حدثت لا لأن بارتيماوس ذهب إلى المسيح، بل لأن المسيح جاء إلى بارتيماوس والإنسان المسكين الأعمى فينا ينال نوره وإبصاره لا لأنه سعى إلى الله، بل لأن الله سعى إليه، ألم يسر يعقوب في طريقه في تلك الليلة الأولى التي خرج فيها من بيته ليستيقظ على يقة التي صاح بها : «حقًا إن الرب في هذا المكان وأنا لم أعلم» (تك 28 : 16).. ألم يسر بولس في طريقه إلى دمشق حتى بغته ذلك النور الذي أسقطه إلى الأرض، والذي رأى فيه المسيح يقترب منه بنور أبهى من لمعان الشمس، ومن الغريب أن يقترب الرب ويهتم بشحاذ فقير أعمى إلى هذا الحد، ومهما كانت ضآلة شأننا، وبؤس حالنا، فإن محبة الله وعطفه علينا واقترابه إلينا لا تتغير، عندما عير سالماشيوس يوحنا ملتون بعماه قائلاً إنه علامة على عدم رضا الله عليه، أجابه الشاعر النبيل العجوز : ليس عماي إلا ظلال أجنحة الله التي تضللني وتحميني، قيل إن جورج فرديدرك وطسن أنفق عمره في البحث عن غير المنظور بصوره، ومن ثمرة جهوده صورته العجيبة التي أسماها «الحلول الكلي» وهي صورة عظيمة جليلة حيث نرى جناحين كبيرين، يحتضان الأرض، والأذرع الأبدية من تحت، كان يمكن أن يظل بارتيماوس الأعمى على حاله، وعماه، وضياعه لولا أن مر به المسيح، وتوقف عنده لكي يعطيه الفرصة الخالدة في عمره، على أن الأمر الآخر الذي لا يقل أهمية من الأول، هو سعي بارتيماوس إلى المسيح واقترابه منه... قال نوسدك إن الإحساس بوجود الله شيء والإحساس بحقيقته شيء آخر، كل الناس يؤمنون أن الجمال الطبيعي موجود، ولكن بعض الناس فقط هم الذين يحسون به بجلاء ويفرحون له من قلوبهم بينما الآخرون لا يتحركون منه بالمرة، إن إحساسًا غامضًا بحقيقة الله أمر فيه خطر عظيم، نحن لا ننكر أن الله موجود، ولكننا كثيرًا ما نفقد الشعور العميق المقنع بأننا نتعامل معه، وأنه يتصل بنا، هذه هي المشكلة يقية للإنسان!! لم يحس بارتيماوس بالمسيح، ولكنه اتصل به
!!.
حدثتقبل حركة النهضة سنة 1812م في بسكاي أن فتاة فوق سن الطفولة بقليل امتلأت بالفكر أن الله لا يقيم في الجزيرة حيث تقيم، وملأها شعور أنها يجب أن تخرج مفتشة عنه، فتسللت من البيت وسافرت حتى وصلت إلى شاطئ البحر وطلبت أن تعبر إلى البلاد الأخرى، ولم تحفظ أمرها سرًابل أخبرت عن غايتها، وظن أهلها أنها قد أصيبت بالجنون، ولكنهم لم يحاولوا محاولة جدية أن يردوها إلى البيت، ولما خرجت من بسكاي بدأت تسأل كل من تقابله أين يمكنها أن تجد الله؟ وكان سؤالها مثار التعجب، ولكن لما كانت هيئتها تنم عن الإخلاص والجد، كان كل واحد يجيبها إجابة لينة، ولم يشاءوا أن يتدخلوا في خيالاتها، وأخيرًا وصلت إلى «انفرنس» وكان أول شخص قابلته في الطريق سيدة وجهت إليها سؤالها المعتاد. وقد أثرت حالة الفتاة وسؤالها في السيدة، فسألتها عن أمرها، وظلت تناقشها حتى تأكدت أنها عاقلة، وعندئذ قالت لها السيدة : تعالى معي ربما أستطيع أن أتي بك إلى الله، وأخذتها معها إلى البيت، وكان اليوم التالي يوم الأحد، فأخذتها معها إلى بيت الله، وهناك ولأول مرة في حياتها سمعت الإنجيل واستجابت له بقوة، وعاشت بعد ذلك حياة مسيحية منتصرة.

  رد مع اقتباس