" واخذ خبزاً وشكر وكسر وأعطاهم قائلاً هذا هو جسدي الذي يبذل عنكم اصنعوا هذا لذكرى ، وكذلك الكأس أيضاً بعد العشاء قائلاً هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي الذي يسفك عنكم "
(لو19:22،20) .
وقد مارست الكنيسة هذا السر ، الأفخارستيا ، سر الشكر ، سر التناول ، سر استحالة (تحول) الخبز والخمر إلى جسد الرب ودمه ، بعد حلول الروح القدس على التلاميذ يوم الخمسين مباشرة ، حيث يقول الكتاب "
وكانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات ، وصار خوف في كل نفس وكانت عجائب وآيات كثيرة تجرى على أيدي الرسل وجميع الذين أمنوا كانوا معاً وكان عندهم كل شيء مشتركاً ، والأملاك والمقتنيات كانوا يبيعونها ويقسمونها بين الجميع كما يكون لكل واحد احتياج ، وكانوا كل يوم يواظبون في الهيكل بنفس واحدة وإذ هم يكسرون الخبز في البيوت كانوا يتناولون الطعام بابتهاج وبساطة قلب ، مسبحين الله ولهم نعمة لدى جميع الشعب وكان الرب كل يوم يضم إلى الكنيسة الذين يخلصون " (1ع42:2-47) .
وتعبير " كسر الخبز " هنا كان هو التعبير السائد عن الأفخارستيا أو سر التناول في الكنيسة الأولى .
وهذا ما يوضحه لنا الكتاب بصورة أوسع في رسالة القديس بولس الأولى إلى أهل كورنثوس والتي كتبت بالروح القدس سنة 57م .
وكان ما جاء في هذه الرسالة ص10و11 هو أول ما كتب بالروح القدس عن ممارسة الكنيسة لسر التناول واستحالة (تحول) الخبز والخمر إلى جسد الرب ودمه منذ لحظة ولادتها بحلول الروح القدس على الرسل يوم الخمسين ،
حيث يقول فيها القديس بولس بالروح وهو يوبخ البعض الذين تعاملوا مع السر بشيء من عدم الوقار اللازم " كأس البركة التي نباركها أليست هي شركة دم المسيح الخبز الذي نكسره أليس هو شركة جسد المسيح ،
فأننا نحن الكثيرين خبز واحد وجسد واحد لأننا جميعنا نشترك في الخبز الواحد ، انظروا إسرائيل حسب الجسد أليس الذين يأكلون الذبائح هم شركاء المذبح ، فماذا أقول أن الوثن شيء أو أن ما ذبح للوثن شيء ،
بل أن ما يذبحه الأمم فإنما يذبحونه للشياطين لا لله فلست أريد أن تكونوا انتم شركاء الشياطين ، لا تقدرون أن تشربوا كأس الرب وكاس شياطين لا تقدرون أن تشتركوا في مائدة الرب وفي مائدة شياطين "
(1كو16:10-22) .
وأيضاً " فحين تجتمعون معاً ليس هو لأكل عشاء الرب 000 لأنني تسلمت من الرب ما سلمتكم أيضاً أن الرب يسوع في الليلة التي اسلم فيها اخذ خبزاً وشكر فكسر وقال خذوا كلوا هذا هو جسدي المكسور لأجلكم اصنعوا هذا لذكرى،
كذلك الكأس أيضاً بعدما تعشوا قائلاً هذه الكأس للعهد الجديد بدمي اصنعوا هذا كلما شربتم لذكرى ، فأنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء ، إذا أي من أكل هذا الخبز أو شرب كاس الرب بدون استحقاق يكون مجرماً في جسد الرب ودمه ، ولكن ليمتحن الإنسان نفسه وهكذا يأكل من الخبز ويشرب بون استحقاق يأكل ويشرب دينونة لنفسه غير مميز جسد الرب "
(1كو20:11-29) .
ويؤكد الوحي الإلهي هنا بشكل قاطع ، خاصة في الآيات (27:11-29) ، على حقيقة استحالة (تحول) الخبز إلى جسد حقيقي وأن ما نتناوله في سر التناول هو جسد الرب حقاً ودم الرب حقاً ، كقول الرب يسوع المسيح نفسه " جسدي مأكل حق ودمي مشرب حق " حيث يصف القديس بولس بالروح الكأس بـ " كأس الرب " والخبز بـ " جسد الرب " ويصف الجسد والدم بـ " جسد الرب ودمه " ، " من أكل هذا الخبز وشرب كأس الرب بدون استحقاق يكون مجرماً في جسد الرب ودمه 000 لأن الذي يأكل ويشرب بدون استحقاق يأكل ويشرب دينونة لنفسه غير مميز جسد الرب " ، وذلك إلى جانب تعبيري " مائدة الرب " ، " عشاء الرب " وتؤكد تعبيرات " من أكل 000 بدون استحقاق يكون مجرماً في جسد الرب ودمه " و " يأكل ويشرب دينونة لنفسه غير مميز جسد الرب
" حقيقة هذا التحول وحتميته
لأنه لا يمكن أن يتحدث هكذا عن مجرد طعام عادى رمزي كما يزعم البعض . وتتأكد هذه الحقيقة بدرجه اكبر وأوضح في ممارسة الكنيسة لهذا السر الذي تسلمه الأباء الرسوليون خلفاء الرسل من الرسل الأولين ، تلاميذ الرب يسوع المسيح ورسله ، وسلموه هم أيضاً ، بدورهم كما تسلموه من الرسل ، لخلفائهم من أباء الكنيسة في القرون الأولى .