+ عصر ما قبل الشريعة :
موضوع العشور موضوع قديم ، لا نستطيع ان نحدد مبدأه .
كان يمارسه رجال الله حتى قبل عهد الناموس .
فنحن نقرأ عن أبراهيم الذى عاش قبل موسى أنه وهو راجع من كسرة الملوك
" أعطى العشور من كل شئ إلى ملكى صادق كاهن الله العلى الذى منه إقتبل بركة (تك 20:14 ) "
ويعقوب أب الأباء أيضا -
الذى عاش قبل موسى - بعد الرؤيا التى رأها نذر نذراً قائلا :
" ان كان الله معي و حفظني في هذا الطريق الذي انا سائر فيه ... و كل ما تعطيني فاني اعشره لك ( تك 28 :20- 22 ) "
+ عصر الشريعة :
ولما أقبل عصر الشريعة ظهرت العشور بصورة الوصية فى ناموس موسى .
لقد كان امر الرب الى شعبه ان يعشروا كل مصادر دخلهم
" تعشيرا تعشر كل محصول زرعك الذي يخرج من الحقل سنة بسنة ... عشر حنطتك و خمرك و زيتك و ابكار بقرك و غنمك لكي تتعلم ان تتقي الرب الهك كل الايام ( تث 14 : 22-23) ".
وكانت العشور بهذه الصورة نوعا من تكريم الرب ،
من اجل هذا كان لزاما على بنى أسرائيل ان يقدموا الشكر والأكرام للرب من اجل كثرة خيراته ،
قال الحكيم :
" اكرم الرب من مالك و من كل باكورات غلتك ، فتمتلئ خزائنك شبعا و تفيض معاصرك مسطارا ( ام 3 : 9-10 ) "
وإلى جانب وصايا الرب بتقديم العشور ،
نقرأ عن مواعيده وبركاته لمقدميها – والحق ان فى كل مواعيد الله بالبركات لبنى البشر ، قد لا نجد فى الكتاب المقدس اقوى من الوعد ببركات دفع العشور ، فى هذه الوصية يضع الله نفسه تحت التجربة والأختبار :
" هاتوا جميع العشور ... وجربوني
بهذا قال رب الجنود ان كنت لا افتح لكم كوى السماوات و افيض عليكم بركة حتى لا توسع ( ملا 3 : 10 ) "
ومع انه مكتوب
" لا تجرب إلهك (تث 16:6 و مت 7:4 ) "
لكن الله يقول فى هذا الموضوع " جربونى "
وهل بعد هذا نشك فى أمانة الله !!!
والأمر ليس قاصرا على الناحية الأيجابية – ناحية البركة ...
بل هناك لعنة على الممتنعين عن دفع العشور الذين يدعوهم الرب بسالبيه ، والرب فى تعجب يقول :
" ايسلب الانسان الله.
فانكم سلبتموني.
فقلتم بم سلبناك.
في العشور و التقدمة ،
قد لعنتم لعنا و اياي انتم سالبون هذه الامة كلها ( ملا 3 : 8-9 ) "
+ العهد الجديد :
لقد اعلن السيد المسيح انه ما جاء لينقض الناموس بل ليكمله ( مت 17:5 )
ووصية العشور من الوصايا التى لم تبطل بالعهد الجديد وهى بذلك امر يجب ان يبقى ويستمر لشكر الله وإكرامه
وهذا عن العشور عموما لكن السيد المسيح اعلن لنا انه :
" ان لم يزد بركم على الكتبة و الفريسيين لن تدخلوا ملكوت السماوات ( مت 5 : 20 ) "
ومعلوم ان العشور كانت من ضمن بر هؤلاء الكتبة والفريسيين التى يتباهون بها ( لو 12:18 )
وبهذا اوضح الرب يسوع مبدا العطاء فى العهد الجديد وهو مبدأ تجاوز العشور كحد أدنى الى حد بيع كل شئ وإعطائه صدقة " بيعوا مالكم واعطوا صدقة (لو 33:12) ...
اعطوا ما عندكم صدقة ، فهوذا كل شئ يكون لكم نقيا (لو41:11) ... قال له يعوزك شيء واحد اذهب بع كل ما لك و اعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء و تعال اتبعني حاملا الصليب ( مر 10 : 21 ) "
السيد المسيح يعلمنا بأنه يجب علينا ان نعطى أكثر من العشور ، التى هى الحد المعين فى شريعة العهد القديم ...
ومفروض فى عهد النعمة ان يزيد برنا عن الكتبة والفريسيين .
المسيحية التى تقدم لنا المحبة فى اروع صورها ، تطالبنا بالعطاء بقدر الطاقة فهو مظهر من مظاهر الحب ...
ولكن بسبب قلة المحبة وضعف الأيمان لا مفر من ان نتمسك بالعشور كحد ادنى لا يجوز الإقلال عنه ...!